د. طلال الشريف
أمد/ الذات هي الأنا والعائلة والعشيرة والقبيلةوالحزب هي الانا والوطن هي الأنا، لكن كيف يتبلور مفهوم الوطن في اولويات فكر وسلوك المواطن العربي وحتى الإسلامي الذي لا يعترف بالوطن بشكل عام والفلسطيني بشكل خاص، وهل فكر وسلوك المواطن العربي يشبه فكر وسلوك المواطن غير العربي في هذا العالم.
وقفت عند جزئية هامة مقدسة لدى المجتمع الشرقي العربي والإسلامي الذي يحتوي كل هذه المجتمعات وهذه الجزئية هي الانا والعائلة او الأسرة او العشيرة او القبيلة وصولا للحزب التي مازالت تشكل هياكلنا الاجتماعية، وكيف تنشأ وكيف تمضي في مسيرتها الحياتية وكيف تتصلب العلاقات داخل الاسرة في مجتمعاتنا لتصبح نموذجا خاصا نفتخر به وبقوته وانصهر الكل من أجل رفعة هذه الأنا والأسرة او العائلة والتباهي بها امام الآخرين في مجتمعاتنا ونتميز بها عن باقي الشعوب المفقود فيها هذا الترابط القوي والذي يصل حد القداسة والشرف الرفيع وهذا النمط من التكوين للأسرة يكاد يكون مفقودا لدى مجتمعات الغرب كلها الذي إما ان يستعمرنا بطريقة او بأخرى ويتصدى لطموحاتنا وتطورنا وتحررنا من الاستعمار والاحتلال فيعيق تطور حياتنا نحو الحرية والحفاظ على الوطنية والذات في نسق مغاير لتحررنا لعقود وقرون من الزمن وتوقف هذا النسق المعيق أمام قضيتنا قضية القضايا قضية فلسطين التي تكسرت على اعتابها كل محاولات التحرروالتحرير ولماذ لم تتحرر إلى الآن؟ فوجدت أن هناك أنانية الأنا عربية او فلسطينية كانت تتبلور على مر الأيام والسنين تقدم في الغالب الانا الاسرية الممتدة للعائلة والعشيرة حتى القبلية وكذلك الانا الحزبية تتقدم على الأنا الوطن، وما كل هذه المعيقات التي تقف دائما في طريق تحررنا إلا عنصر ضعف يقبع في هذا المطب الذي يختلف بين الأنا الذاتية والعائلية والحزبية من ناحية والانا الوطن من ناحية اخرى، فيتواصل الضعف والتراجع والهزائم التي تعيق تحرير الوطن المحتل، وعندما تتقدم الأنا الذاتية والحزبية حتما تتراجع الأنا الوطن، وهذا ما نحن فيه من قديم الزمان رغم تحرر الكثير من الدول العربية من الإستعمار ولو شكلا، لكنها بقيت تدور بنفس إشكالية الأنا الذاتية المقدمة على الأنا الوطن، ولا تجد دولة عربية او إسلامية لا تعاني من الكبت للحريات والظلم الاجتماعي المبني كله على الأنا الذات الكبيرة المتضخمة لدى المواطن ويصبح آخر اهتماماته بالانا الوطن فهو منحاز بشدة طوال حياه للأنا الذاتية ولذلك تجد متلازمة الديكتاتورية عند المسؤل كبيرا كان او صغيرا والفساد الإداري والنهب للمال العام والإبتعاد عن المصلحة العامة .. إنظر لحال الفلسطينيين وتشتت جهدهم بتضخم الانا الذات والعائلة والحزب وما فعلت بقضيتنا منذ النكبة منذ النشاشيبي والحسيني وصولا لما نحن فيه من حماس وفتح وما بينهما من حركة المجتمع وحزيئاته المتفرقة المتنافرة حد العداء، لا تصلحهم مساعي الآخرين حتى أنهم خاضوا حروبا عدة بربع او نصفة قوتهم وامكانياتهم، حتى وصلنا لكارثة الكوارث في الحرب على غزة ولم توحدهم الدماء ولا المصائب، فماذا نسمي ذلك؟ ونحن نخوض صراعا وجوديا مع الاحتلال وكأنهم لا يبصرون ولا يدركون حجم الكوارث التي تلم بنا وبالأنا الوطن، ولترى ما يحدث في رفح تجمع النازحين ومعاناتهم لتكتشف حقيقة الحقائق باننا أنانيون في الانا الذات والحزب على حساب الأنا الوطن، رغم ان القنابل لا تفرق والرصاص المصبوب علينا لا يفرق في رفح وغيرها بين الانا والوطن.. هل سال الموهومون أنفسهم في الحزب في السلطة في المال لماذا يقاتلون بنصف قوة الشعب؟ ليكتشفوا ان كل ما تقدم منذ عقود قاربت على السبعة ونيف أننا مرضى بالانا الذاتية والعائلية والحزبية التي تسحق الأنا الوطن، فتحدث العثرات والهزائم الكبرى، والكل يسال إيش في وكيف يحدث ذلك؟ فقد هزمناهم في ٧ اكتوبر ولكن الذي حدث بعدها لم يكن متوقعا وكأن مسؤوليتهم تقع في حيز العمى السياسي وليس البصيرة الناتجة عن الانقسام ونصف القوة فكيف لنصف القوة ان تنتصر .. أفيقوا لا سامحكم الله في إنقسامكم…