معاذ خلف
أمد/ منذ ان انتهت الحرب الباردة بتفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991 اتخذت العلاقات بين كل من امريكا و روسيا طابع سلمي ظاهر في العلن ، و حرب بارده اخرى تحت الطاولة ، كعمليات طرد دبلوماسيين ، و توقيف جواسيس ، و تجميد اتفاقيات ، و فرض عقوبات ، و تدخلات في الانتخابات الرئاسية ، و هذه الحرب نابعة من كون العلاقة ذات الطبيعة التنافسية بين الروس والامريكان على قيادة العالم ، وخوف كل منهما من الاخر و نفوذه ، وحقيقة لم ينتظر الروس طويلا بعد تفكك الاتحاد السوفيتي ، ففي اواخر العام 1991 وبعد تولي يلتسن رئاسة روسيا خاض صراعا من اجل الشيشان وتأمين خطوط النقل عبر البحر الأسود ، ثم اتفقت امريكا وروسيا على محاربة الإرهاب في الشيشان، ثم انقلبت امريكا و استخدمت ودعمت الارهاب في مواجهة روسيا ، استمرت المواجهة والضرب من تحت الحزام حتى العام 2014 الذي قررت فيه روسيا القاء حجر في المياه الراكدة و الاستيلاء على القرم ، و هذه كانت اول خطوة تصعيدية يتخذها الروس منذ تفكك الاتحاد السوفيتي ، و منذ ذلك التاريخ توالت العقوبات تباعا على روسيا من قبل كل من امريكا و الاتحاد الاوروبي و استمرت تصاعديا حتى يومنا هذا ، ثم تصاعد التوتر بين البلدين الى ان اتهمت روسيا بالتدخل في الانتخابات الامريكية ، ثم طرد متبادل للدبلوماسيين ، غير ان واشنطن لم تكتفي بالحرب المعلنة فقط ، فقد كانت تستخدم اوكرانيا كجسر يمر من خلاله المؤامرات الغربية تجاه الروس ، الا ان روسيا و في عام 2022 قد ضاقت ذرعا من مؤامرات الغرب ، وقررت ترد صفعات ثلاثون عاما مضت لأمريكا ، و اقدمت على غزو اوكرانيا ، كان رد الغرب بفرض اكثر من 16500 عقوبة على روسيا .
اتخذت العلاقات بين روسيا و الغرب طابعا تصعيديا حتى يومنا هذا الى ان وصلنا على اعتاب حرب عالمية ثالثة ، فقد دعمت امريكا و الغرب اوكرانيا بالعتاد و السلاح و الاموال ، غير ان التفوق العسكري الروسي كان واضحا ، وهذا جعل الغرب يجن جنونه ، فهو لا يستطيع منح روسيا نصرا في اوكرانيا ويخرج خاسرا مدحورا ، ولا يستطيع منح اوكرانيا النصر الا من خلال التصعيد لحرب عالمية ثالثة هددت فيها روسيا بنسف عواصم الدول الغربية بالسلاح النووي ، امريكا قررت قتال الروس حتى اخر اوكراني ، وقد نسفت اي محاولات للحلول الدبلوماسية مع الروس ، وهذا ما اوصل الطرفين لطريق مغلق ، بقاء الوضع على ماهو عليه رغم التقدم الروسي في اوكرانيا او التصعيد والوصول الى حرب عالمية ثالثة !
تمترس الغرب خلف الحل العسكري و استبعاد الحلول الدبلوماسية كان خطأ فادحا منذ البداية لا سيما عندما يكون القتال مع دولة نووية تعد ثاني اقوى دولة بالعالم ، كما ان قضية اوكرانيا تعد امن قومي مباشر لروسيا قبل ان تكون امن قومي للأوروبيين !
نحن الان على مفترق طرق اما جلوس روسيا و الغرب على طاولة المفاوضات ، او اعلان حرب عالمية ثالثة بين روسيا و الصين وكوريا الشمالية و ايران من طرف كما صرح بوتين و الغرب من الطرف الاخر .
“العالم تغير ، زمن حكم القطب الواحد قد اندثر ، لا سيما مع تنامي قوى اقليمية عسكريا و اقتصاديا كروسيا و الصين ، و التنافس بين الخط التجاري الامريكي الذي يبدأ من الهند و يصل لإسرائيل و خط الحرير الصيني ، و تكتل دول البريكس و العملة الجديدة ، واقع جديد قد يفرض عنوة على امريكا و الغرب ، و اما ان يقبلوا به ويتم بناء نظام عالمي جديد يسمح بتعدد الاقطاب ، او الوصول الى حرب عالمية قد تدمر كل شيء . “