جهاد حرب
أمد/ بالرغم من فشل مجلس الأمن بتقديم توصية للجمعية العامة بقبول طلب دولة فلسطين التي تستوفي كامل الشروط والالتزامات المنصوص عليها في أحكام ميثاق هيئة الأمم المتحدة وخاصة المادة الرابعة منه، إلا أن تصويت أعضاء مجلس الأمن الدولي أشار إلى تحولات بالغة جرت في فكرة قبول عضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة مقارنة بالعام 2011. ففي تصويت أمس وافقت اثنتي عشرة دولة؛ من ضمنها ثلاث دولٍ من الدول دائمة العضوية وتسع دولٍ من الدول غير دائمة العضوية، مقابل فيما عام لم تتمكن فلسطين آنذاك من الحصول على تأييد تسعة دول من أجل وضع الطلب للتصويت. في هذا التصويت أجبرت الولايات المتحدة على استخدام النقض “الفيتو” ما يشير إلى تناقض اقوالها مع افعالها، وهي بما يدع مجالا للشك تعبر عن مصالح البيت الأبيض الضيقة والتوحش الاستعماري للولايات المتحدة وهو لا يخفى على أي فلسطيني والقاعدة الوحيدة للتعامل معها “لاحق العيار إلى باب الدار”.
في ظني على الفلسطينيين أن يدركوا بأن هذا التحول في التصويت جاء بفعل التضحيات الجسام التي يقدمها شعبنا في قطاع غزة وعذاباته والآلام التي يخوضها على مدار السبعة أشهر الماضية، دون انتقاص من درب الآلام الذي سلكه الشعب الفلسطيني على السنوات الماضية. لا بد من الانتباه بأن هذا التحول والتطور عُبّد بدماء الشهداء وأنات الجرحى وعذابات الأسرى وشقاء الأهالي، وهو لا يتوقف على الجهد الدبلوماسي فقط طبعاً على أهميته. إن مراكمة الجهود الفلسطينية والعربية والتحويل في المواقف الدولية حتمية تاريخية تحتاج إلى ضبط المعيار المتمثل بقانون الانتصار “الوحدة الوطنية” للحصول على النتائج اللازمة وضمان النجاح وإحداث التغيير.
تشير تجارب انضمام الدول لهيئة الأمم المتحدة إلى أنها معركة طويلة وتحتاج إلى صبر وتأنٍ ما لم يكون هناك اتفاق بين الدول الخمسة دائمة العضوية؛ فكوريا الجنوبية حصلت على دولة مراقبة عام 1948 فيما حصلت على العضوية الكاملة في إطار صفقة بقبول كوريا الشمالية، التي حصلت عام 1971 على عضو مراقب، عام 1991. فالتصويت في مجلس الأمن قائم على طبيعة الصراع القائم بين أعضاء مجلس الأمن الدائمين فحينها لا يهم إن كانت الدولة صاحبة طلب العضوية مكتمل الأركان أو محققة لمتطلبات ميثاق الأمم المتحدة والالتزامات المترتبة عليه بل هو بالأغلب تصويت سياسي بقواعد قانونية شكلية.
راعني بالأمس أن البعض خلط في الإجراءات المترتبة على التصويت في الجلسة والتي تلزم مجلس الأمن بتقديم تقرير للجمعية العامة للأمم المتحدة بنتائج التصويت وحيثياته والتي بدورها تقوم بمناقشة مفتوحة. وما بين ما يتعلق بقرار 377/5 الذي جاء تحت بند “الاتحاد من أجل السلام” والذي اتاح استخدام القوة المسلحة لوقف الحرب الكورية عام 1950، حيث يستخدم هذا البند أو العرف في حالة إخفاق مجلس الأمن بسبب عدم توفر الإجماع بين أعضائه الخمسة دائمي العضوية، في التصرف كما هو مطلوب للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، حينها يمكن للجمعية العامة أن تبحث المسألة بسرعة وقد تصدر أي توصيات تراها ضرورية من أجل استعادة الأمن والسلم الدوليين. أي أن استخدام الاتحاد من أجل السلام يكون لحفظ السلم والأمن الدوليين في مجال خفض التوتر أو رد العدوان على أراضي دولة وليس النظر في طلب عضوية دولة في الأمم المتحدة.