أمد/
رام الله: أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات ورقة علمية بعنوان: "وزن الشؤون الخارجية في الانتخابات الرئاسية الأمريكية: طوفان الأقصى نموذجاً"، وهي من إعداد الأستاذ الدكتور وليد عبد الحي. وتناقش الدراسة وزن الشأن الخارجي في توجهات الناخب الأمريكي عند انتخاب الرئيس، مع تطبيق ذلك على حالة "طوفان الأقصى".
ورأى د. عبد الحي أن المعيار الذي يعتمد عليه الناخب الأمريكي في اختيار المرشح هو معيار محلي براجماتي بدرجة أساسية، وأن تأثير العامل الخارجي لا يتجاوز 15 %، أي أن الموقف من "إسرائيل" لن يكون عاملاً مركزياً في الانتخابات لتحديد الفائز، خصوصاً أن موقف بايدن ليس بعيداً عن موقف ترامب، ولكنه أكثر "تمويهاً" في دعم "إسرائيل". إذ يحاول بايدن جذب أصوات المسلمين عبر الظهور بمظهر إنساني من خلال بناء الرصيف البحري أو إنزال المساعدات أو التأكيد على أن خطة اجتياح رفح التي يكررها نتنياهو يجب أن "تتضمن أمن المدنيين". بينما ذهب ترامب في تصريحات حديثة له أن على "إسرائيل" أن "تكمل المهمة" أي القضاء على المقاومة.
ورأى الباحث أن اتساع نطاق الحرب وانغماس الولايات المتحدة فيها قد يكون عاملاً مساعداً لبايدن، حيث أن أغلب الرؤساء الذين ترشحوا مرة ثانية خلال الحروب فازوا بها، لكن ذلك يبقى في نطاق محدودية تأثير الشأن الخارجي.
ولاحظت الدراسة أن الانقسام داخل الديموقراطيين في موضوع الحرب في غزة أكثر وضوحاً منه في صفوف الجمهوريين الذين يبدون أكثر تناغماً في موقفهم من هذه الحرب، فالجناح اليساري في الحزب الديموقراطي وبعض التيارات اليهودية مثل "الصوت اليهودي للسلام Jewish Voice for Peace"، وحركة "إنْ لم يكن الآن IfNotNow" تشكل قوة قد تؤثّر على شعبية بايدن في الانتخابات.
ورأت الدراسة أن متغيّر العمر للناخب يمثل أحد الأبعاد ذات الدلالة، وأشارت إلى مسألة العلاقة الواضحة بين العمر ودرجة التأييد لـ"إسرائيل"، والتي اتضحت خلال معركة طوفان الأقصى، حيث أنه كلما تقدم الفرد في العمر كان تأييده لـ"إسرائيل" أعلى والعكس صحيح، ما يفسر عدم اتساق الأمريكيين من عمر 30 عاماً فما دون مع مواقف بايدن من الحرب في غزة. وأشارت الدراسة إلى أن السود من الأمريكيين أصبحوا أكثر نقداً لـ"إسرائيل"، وأن ذلك التيار تنامى بهدوء منذ حرب 1967، ويعمل على المقارنة بين الاضطهاد والعنف في المجتمع الأمريكي تجاه السود وبين العنف الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين.
وخلص الباحث إلى أن معركة طوفان الأقصى قد أثَّرت في مواقف شرائح معينة (المسلمون، والسود، وجماعات يهودية، والشباب، ويسار الحزب الديموقراطي)، إلا أن الفارق بين المرشحين ضئيل للغاية حسب آخر الاستطلاعات، وأن ذلك سيجعل التحوّل في أي شريحة صغيرة أمراً قد يقلب النتائج، وهو ما يمكن أن يكون عليه الحال بخصوص شريحة "غير المقررين" لتوجهاتهم الانتخابية حتى الآن، والذين يشكلون نحو 17% من الناخبين، وبالتالي فإنه كلّما كان الفارق أقل، كانت الجماعات الصغيرة أو جماعات الضغط أكثر قدرة في التأثير على النتائج.
ورأى د. وليد عبد الحي أنه إن كانت بعض الشرائح في المجتمع الأمريكي قد تراجعت عن تأييد بايدن بسبب موقفه من "إسرائيل"، فإن موقف ترامب من الحرب الأوكرانية الروسية قد يفقده قدراً من تأييد الناخب الأمريكي نظراً لمعارضته مساندة أوكرانيا، إلى جانب مديحه للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وأما فيما يتعلّق بأصوات اليهود فرأى أن كلاً من المرشحين (بايدن وترامب) لا يحبذان بقاء نتنياهو في السلطة، وهو ما يؤثر بقدر بسيط على التصويت لأي منهما من قبل اليهود الأمريكيين المساندين لنتنياهو.
ولفت الباحث الانتباه إلى أن الظرف العام في الولايات المتحدة قد ينطوي على احتمال وقوع "اضطرابات اجتماعية" حادة خلال أو بعد الانتخابات، وهو ما لم تستبعده وزارة الأمن الوطني الأمريكية، مما يعزز من انكفاء الولايات المتحدة نحو أوضاعها الداخلية.
وردَّ الباحث احتمال حدوث الاضطرابات إلى عدّة اعتبارات ومؤشرات منها شخصية ترامب برعونتها ونرجسيتها، وخصوصاً في حال خسارته الانتخابات. بالإضافة إلى تآكل الثقة في المجتمع الليبرالي، وانتشار السلاح الفردي، حيث توجد في الولايات المتحدة نحو 393 مليون قطعة سلاح فردي، وتنامي مظاهر التطرف السياسي والاستقطاب، وتزايد الحساسيات بين الثقافات الفرعية في المجتمع الأمريكي.
واختتمت الدراسة بالتأكيد على أن تأثير معركة طوفان الأقصى على النتائج الانتخابية سيبقى محدوداً.