حمادة فراعنة
أمد/ سقط وهم أي رهان مهما بدا متواضعاً، من قبل البعض على تغيير الموقف الرسمي الأميركي نحو فلسطين، فقد أصرت الولايات المتحدة على رفض قبول دولة فلسطين عضوا عاملا كامل العضوية لدى الأمم المتحدة، باستعمالها يوم الخميس 18 نيسان 2024 حق النقض الفيتو عن سائر أعضاء مجلس الأمن الدولي، فقد صوتت 12 دولة مع حق قبول فلسطين كعضو عامل بدلاً من عضويتها الحالية عضواً مراقباً، خاصة روسيا والصين وفرنسا، وامتنعت سويسرا وبريطانيا عن التصويت، وانفردت الولايات المتحدة باستعمالها حق النقض الفيتو، وبذلك أحبطت المسعى الفلسطيني للوصول إلى العضوية الكاملة لدى الأمم المتحدة.
الولايات المتحدة تتحدث عن حل الدولتين، ولكنها تربط التوصل إلى قيام الدولة الفلسطينية، بنتائج المفاوضات مع المستعمرة الإسرائيلية، أي أن قيام دولة فلسطينية مرتبط بموافقة المستعمرة وقبولها، وبهذا تتضح حقيقة الموقف الأميركي وجوهره، بإعطاء القوة والدعم لموقف المستعمرة الرافض بكل الاحوال والأشكال والإجراءات لحق الفلسطينيين بالحرية والاستقلال، على بعض خارطة وطنهم في الضفة والقدس والقطاع، وهي مساحة لا تتجاوز 22 بالمائة من مساحة فلسطين المحتلة بالكامل من قبل المستعمرة الإسرائيلية.
الرفض الأميركي لدولة فلسطين، يُعيد التأكيد على إعادة النظر والفهم والأولوية أن انتزاع حقوق فلسطين، لا يتم بالاستجداء، أو تقديم التنازلات، أو الرهان على مفاوضات غير قائمة وغائبة منذ عام 2014 حينما فشل جون كيري وزير خارجية الولايات المتحدة برعاية المفاوضات بين الطرفين، وفشلت كافة الجهود والوساطات والمبادرات لتحقيق التسوية على اساس حل الدولتين، بما فيها إعادة انسحاب قوات المستعمرة من المدن التي أعادت احتلالها في آذار 2002 إلى اليوم، وبذلك ألغت عملياً وواقعياً المستعمرة اتفاق أوسلو الذي تم التوصل إليه عام 1993 وتم التوقيع عليه في ساحة الورود في البيت الأبيض.
بالوقائع الحسية لم ترضخ المستعمرة إلا لفعل النضال الفلسطيني: 1- اتفاق أوسلو التدريجي متعدد المراحل بالانسحاب من المدن الفلسطينية بدءاً من غزة وأريحا، لم يتم ولم يقبل به اسحق رابين، إلا بفعل نتائج الانتفاضة الأولى عام 1987، 2- لم يرحل شارون من قطاع غزة عام 2005 وفكفكة المستوطنات وإزالة قواعد جيش الاحتلال، إلا بفعل فعاليات الانتفاضة الثانية عام 2000.
وفي الحالتين لم يكن للولايات المتحدة أي فضل أو تدخل إيجابي، بل تم ذلك بفعل نضال الفلسطينيين وتضحياتهم، واليوم لولا الصمود الفلسطيني في قطاع غزة، ولولا الجرائم والمجازر التي ارتكبتها قوات المستعمرة، ضد الشعب الفلسطيني، لما تحرك العالم، بما فيهم الولايات المتحدة نحو إيجاد مداخل وعناوين لحل الصراع القائم، ومحاولات التوصل إلى تسوية، وإلى معطيات تؤدي إلى وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين.
لم يتمكن شعب قبل الفلسطينيين، من انتزاع حقوقه، والحصول على الحرية والاستقلال، إلا بفعل النضال وتوجيه ضربات موجعة للعدو المحتل الشرس بكل الأحوال، ولكافة الدول الاستعمارية وهزيمتها في آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية، أمام الشعوب المضطهدة، التي قدمت الأثمان الباهظة والتضحيات الكبيرة، حتى انتزعت حقوقها، وها هي عملية 7 أكتوبر إضافة نوعية في مسار النضال الفلسطيني، الذي لم تتضح نتائجها بعد، وهي لا زالت مشتعلة على الجبهتين، الميدانية والسياسية، وسيكون لها ما بعدها من نتائج وآثار فلسطينية وإسرائيلية.