ألاء ماجد
أمد/ تقترب حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة، من دخول يومها الـ 200 على التوالي، بينما يطفو الى السطح حالة من الجدل الواسع بين الغزيين، حول “حرب اللاشيء” التي تسببت في دفعهم كل هذا الثمن الفادح، بدءً بعدد الشهداء الذي يقترب من الـ40 ألف والإصابات التي تقترب من 100 ألف، مرورا بتدمير البنية التحتية للقطاع وجعلها منطقة غير صالحة للحياة، وليس انتهاء بالتفكير الإسرائيلي بإعادة الاستيطان إلى غزة، بعد سنوات من “البروباغندا” التي أوجعت بها حماس رؤوسنا بأنها هي التي نجحت بإخراج المستوطنين بالقوة وأنها هي التي كانت سببا في تحرير غزة.
لكن، ورغم هذا الثمن الذي دفعه أهالي غزة على مدار الستة أشهر الماضية، يواصل قادة حماس الذين لم يقرؤوا الواقع بدقة، وخاصة زعيم الحركة بغزة يحيى السنوار تعنتهم، في إدارة مفاوضات وقف اطلاق النار وصفقة التبادل، التي خف الحديث عنها مؤخرا، بسبب انشغال العالم بإيران ومسرحية صواريخها، والمكابرة و”ركبة الراس” مما يضع اهالي غزة، أمام خيارين فقط لا ثالث لهما، أحلاهما سيكون مُرّ، وهما إما وقف حرب الإبادة على هذا الشكل والواقع، وبقاء حركة حماس في حكم القطاع، واستمرار الحصار المتواصل منذ 2007، ومنع الاعمار، وزيادة نسبة الفقر والجوع بين أهالي القطاع، أو اقتحام الجيش الإسرائيلي لمدينة رفح والقضاء على آخر قلاع حماس، وهو ما سيكون له تبعات من الجحيم على أهالي القطاع واستمرارهم في دفع الثمن الباهظ من قتل وتشريد ودمار.
في المقابل، لم يعد هناك أحد يأبه بموت غزة وأهلها من الدول العربية والإسلامية، وحتى حركات التحرر والشعوب في العالم، التي عادت الى مواصلة صمتها من جديد، فمن يهتم الآن بمقتل أطفال ونساء غزة؟ من يأبه بأنين الجرحى وآهات ووجع أهالي الشهداء والمدمرة بيوتهم؟ لا أحد للأسف.. وهذا ما لم يدركه قادة حماس “المكابرون” والذين تسرعوا بالاندفاع دون أي حسابات منطقية وواقعية حين صنعوا قرارهم ببدء عملية السابع من اكتوبر، هذا هو الواقع في عالم يعتبر غزة منطقة زائدة متمردة لابد من إزالتها مهما كان الثمن من دماء الأبرياء.
لقد اعتاد العالم الحرب الوحشية، وأصبحت أخبارها أمر عادي لا يحرك ساكنا أو ضمير أحد في العالم، حتى بدأنا نشهد تراجعا في التظاهرات في العواصم العربية والعالمية، والتي ثارت بشكل ملحوظ في الأيام الأولى للحرب، ثم انتهى كل شيء، بينما يستمر الدم والدمار في مناطق غزة جميعا، بكل بشاعة مكللة بتعنت ومكابرة قادة غزة المهووسون بالصورة التي رسموها في مخيلتهم بأن لديهم قدرات عسكرية ضخمة من صواريخ وأنفاق وأسلحة إيرانية ومحلية الصنع، والتي في الحقيقة لا تساوي شيئا مقابل أقوى ترسانة عسكرية في الشرق الأوسط تمتلكها إسرائيل، ولعل هذه الحرب أثبتت ذلك بشكل جلي وواضح.
لا نختلف نهائيا على أن إسرائيل دولة احتلال، وأنها لا تحتاج إلى أي مبرر لمواصلة حرب الإبادة الوحشية بغزة، لكن المفترض أنه عندما يرى القادة السياسيين ارتفاع مستوى القتال أكثر من اللازم وأكثر مما كان متوقعا من ردة فعل إسرائيل على عملية السابع من أكتوبر، حيث يتم إعدام الحياة بغزة وجعلها منطقة غير صالحة للسكن، لابد من التفكير بكل حكمة ومنطق في حماية اكوام اللحم البشري لأكثر من 2 مليون غزي أغلبهم من النساء والأطفال، وتوفير الحماية لهم، بعدما أصبحوا في لحظة ما في مواجهة جيش لا يمتلك أدنى مستوى من الأخلاق، بينما لديه أقوى ترسانة عسكرية.