د. عبد الرحيم محمود جاموس
أمد/ قيادة (إسرائيل) اليمينية الحاكمة تريد ابتلاع الأراضي الفلسطينية كلها قضمة قضمة، وتعمل بكل الوسائل الجهنمية للتخلص من الديمغرافيا الفلسطينية قتلا أو تهجيرا إلى خارج الجغرافيا الفلسطينية، والأغلبية الإسرائيلية فعلا تخشى السلام ولا تعمل من أجله، ولا تفكر في أي حلٍّ للقضية الفلسطينية سوى حلِ الإبادة أو التهجير الطوعي والقسري معا، والتبريرات الإسرائيلية لذلك هي كثيرة ولا نهاية لها، حتى أن القيادة الإسرائيلية اليمينية قد سبق لها أن رفضت دعوة من زعماء يهود أميركا، لتقديم تنازلات من أجل السلام، ففي رسالة فريدة من نوعها تحمل تواقيع (100) من زعماء يهود أميركا البارزين وقعت منذ ما يزيد عن عشر سنوات مرسلة إلى “نتنياهو” وحكومته، ألحوا فيها على ضرورة تقديم تنازلات جوهرية من أجل السلام، هذه الرسالة التي كانت قد بادرت إليها منظمة “إسرائيل بوليسي فورم”، فلم تجد آذانا صاغية لها في حينه في إسرائيل ولغاية الآن، بل ازداد الموقف الإسرائيلي تعنتاً وصلفاً .. واليوم لا زال اليمين المتحكم في حكومة الكيان الصهيوني بقيادة نتنياهو متمسكا بمواقفه المتعنتة والرافضة للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وفي مقدمتها حق تقرير المصير وحق العودة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، ولا زالت الولايات المتحدة تواصل انحيازها السافر لصالح الكيان الصهيوني وعدوانه، وتوفر له كل أشكال الدعم لمواصلة احتلاله للأراضي الفلسطينية، كما توفر له الغطاء السياسي والقانوني من خلال مواقفها المجافية للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية والمتمثل في رفضها المستمر للعضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، واحتجاجاتها أيضا على انضمام دولة فلسطين للعديد من المنظمات الدولية المتخصصة والعامة مثل منظمة اليونسكو ومنظمة الصحة العالمية ومحكمة الجنايات الدولية والعديد من الاتفاقيات الدولية، إن ما تطلقه الولايات المتحدة من تصريحات بين الفينة والأخرى على ألسنة مسؤوليها بشأن حَلِ الدولتين ما هو إلا ذرٍ للرماد في العيون، وتعدُّ تصريحات جوفاء خالية من أي مضمون عملي، قد يجبر الكيان الصهيوني إلى التوجه نحو القبول بمبدأ حل الدولتين وإطلاق عملية سياسية تفاوضية جادة لإحلال الأمن والسلام على اساس الإلتزام بقواعد القانون الدولي وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية بشأن فلسطين وبشأن إنهاء الإحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية، هذا الإحتلال الذي يمثل آخر إحتلال موجود على سطح الكرة الأرضية، أن كل ما بذل ويبذل من جهود أمريكية بشأن التسوية السياسية هي جهود فارغة من أي مضمون سياسي وقانوني فعلي وعملي لأجل إحلال السلام، ولا تستهدف تلك الجهود التي مضى عليها أكثر من ثلاثين عاما، سوى استمرار إدارة الصراع دون الوصول به إلى تسوية عادلة نسبيا ومقبولة ..
لم يبقى أمام الشعب الفلسطيني سوى استمرار نضاله وكفاحه وتعزيز وحدته وصموده وثباته ومواجهته لعدوه وتصعيد مقاومته بمختلف الوسائل والأساليب لهذا الإحتلال والإستيطان الغاشم، الذي تمارسه دولة الإحتلال ومستوطنيها، دون رادع أو رقيب ودون أخذ أي اعتبار للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية … (حكومة الكيان المستعمرة) لا تقيم أي وزن لبيانات الشجب والإستنكار المتوالية لأفعالها الإجرامية في حق الشعب الفلسطيني من أي جهة صدرت، كانت عربية أو دولية .. إنها تضرب بها عرض الحائط .. مستندة في مواقفها إلى الدعم الغربي المستمر والمتواصل لها بصفة عامة، والأمريكي منه بصفة خاصة، هذا ما يشجعها على مواصلة تنكرها للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ومواصلة عدوانها عليه.