د. سامي خاطر
أمد/ لكل مرحلة شعارها وخطابها وهذا كانت مدرسة خميني مدرسة شعارات؛ وقد
أخذت القضية الفلسطينية من العمر الكثير من أعمارنا وأعمار أسلافنا ومن
أعمار الأجيال اللاحقة أيضا من قد يستمر في هذه الخديعة التي أسس لها
خميني ومدرسته، وقد يستمر الوضع على حاله لطالما بقينا على حالنا أمام
أبرز القضايا السياسية والإنسانية في العالم العربي والإسلامي، وعقود من
الصراع غير المتوازن الدائر على أرض الشرق الأوسط، وتبقى فلسطين محورا
للتضامن بين العرب والمسلمين.
مدينة كربلاء مدينةٌ ترتبط تاريخياً بالقيم الثورية لارتباطها بمعركة
الطف وفتنة المسلمين واستشهاد الإمام الحسين وأهله وأصحابه وكانت محوراً
للحركات الثورية في العالم الإسلامي ووسيلة تتمسح بها قوى الادعاء في
العالم الإسلامي كما فعل خميني ونظامه وجنوده، لكنها اليوم ضحية من ضحايا
المخادعين والمزورين والمدعين أساتذة وخريجي مدرسة خميني، وقد استغل نظام
خميني مشاعر وعواطف المسلمين وخاصة الشيعة منهم ولعب عليها محاولا تثبيت
سلطانه وربط بين كربلاء والقدس على خط واحد بقوله ” طريق تحرير القدس يمر
عبر كربلاء” وكان يقصد بـ عبر كربلاء أي بتحرير كربلاء من خلال احتلال
العراق الأمر الذي دفع خميني إلى إعلان الحرب على العراق ثماني سنوات
التي أهلكت الشعبين العراقي والإيراني ولو صدق خميني في سيناريو تحرير
القدس لتعاون مع العرب في ذلك أو على الأقل أعان حلفائه في سوريا على
استعادة الجولان ومن ثم إن صدقا كليهما انطلقا من دمشق إلى القدس.. لكن
الحقيقة لم تكن رواية كربلاء والمرور منها إلى القدس سوى أُكذوبة أدمن
عليها خميني للعبث بوعي الشعوب العربية والإسلامية.
يتجاوز مفهوم تحرير فلسطين مفهوم استعادة الأراضي المحتلة بل يتعلق
بالحفاظ على الهوية الوطنية والتاريخية للشعب الفلسطيني وضمان كافة
حقوقهم متماسكين غير مفككين في هذا السياق ومع الأسف لم يتعامل خميني
بقيم ومبادئ الثورة المرتبطة بكربلاء من أجل فلسطين والقدس الشريف ذلك
لأن كربلاء لم تكون سوى وسيلة لبلوغ الغاية ولم تكن ولن تكون لديهم عقيدة
سليمة لا بالقدس أولى القبلتين ولا بكربلاء التي استشهد على ترابها سبط
رسول الله (ص)، والمؤسف في الأمر أنه رغم أن مدرسة خميني ونظامه تسوق
القدس على أنها مدينة بلا قدسية وهو ما يتناقض مع شعاراتهم من أجل تحرير
القدس ومع ذلك هناك من العرب من يقعون فرائس وضحايا لتلك الشعارات
الكاذبة ويلهثون وراء نظام ولاية الفقيه في إيران مخلصين له في حين لم
يعد يرفضه شعبه وينادي بسقوطه فعلى مَن يا تُرى سيصبح ولي الفقيه
إمبراطورا على فرق من خارج أراضيه أم على مجموعة من المنتفعين داخل وخارج
أراضيه وتحت أي شعار ( شعار الشيعة وقد أهلكهم أو شعار الإسلام الذي شوهه
أو شعار تحرير فلسطين وهو يحتل كربلاء وبغداد ودمشق وبيروت على مقربة من
فلسطين ولم يحررها ولن يحررها، وقد احتل صنعاء وسيحتل الرياض والبحرين
والإمارات من بعدها ولن يحررها، ويريد احتلال الأردن لكي يحرر القدس،
وتتساقط غزة وتهوي في الجحيم لأنه أراد معركة بالنيابة عنه حتى أخر
فلسطيني من أجل إخلاء غزة من أهلها وهو الأمر الذي كان ينتظر مسبباته
الاحتلال الإسرائيلي.. كل ذلك ولم ولن يحرر القدس بل فكك وحدة
الفلسطينيين، ويبدو أن كل ما فعله كان بمباركة دولية وبتوافق مع الاحتلال
بشكل مباشر أو غير مباشر.
فلسطينُ شعاراً للملالي.. ولن يحررونها؟
كان تحرير فلسطين مربوطاً باحتلال الملالي للعراق.. واليوم نتساءل ألم
يحن موعد تحرير فلسطين بعدما تحررت كربلاء قبل أكثر من عشرين عاما وسلموا
بعدها دمشق للملالي، ووقعت بيروت وصنعاء في أسر الملالي وما أكثر السلاح
المنفلت الذي في أيدي الملالي وجنودهم في المستعمرات العربية كربلاء
وبغداد ودمشق وبيروت وصنعاء.. ولم يتوجه سلاحهم نحو الاحتلال الصهيوني
الذي أباد غزة وهم يتفرجون وكأن لا تعني لهم فلسطين والا القدس شيئاً؛
أما غزة فلها نظرة أخرى لدى الملالي ويتعاملون معها وفقط مخطط غربي ينهي
وجودها كأرض فلسطينية حرة وكجزء من التاريخ النضالي الفلسطيني، وتلك هي
الحقيقة التي يجب أن يدركها العرب ويقفوا عندها ” لا تعني فلسطين ولا
القدس شيئاً عند كهنة المعبد ملالي إيران!! ولن تتخطى كونها شعار لصنع
أزمة بالمنطقة تخدم مصالح الغرب الذي يدعم ملالي المعبد في إيران بشكل
غير مباشر وأحيانا بشكل مباشر.
اليوم لم يعد الطريق إلى القدس عبر كربلاء بل عبر الأردن بحسب ما طالعتنا
به صحيفة ابتكار إحدى صحف مدرسة خميني الرسمية حيث طالعتنا بمقال قصير
أشبه برسالة عدائية موجهة لإحداث فتنة وتبييض وجه الملالي بعد افتضاح
أمرهم وتقديمهم خدمة جليلة للمعتدين على الشعب الفلسطيني وعلى غزة
المنكوبة سعياً إلى تحويل المجرمين وقتلة الأطفال إلى ضحايا تتهاوى عليهم
صيحات التعاطف ومليارات الدعم المادي وأمواج التسليح العسكري…! نعم تنص
رواية مدرسة خميني اليوم وبحسب رسالة صحيفة ابتكار على أن طريق تحرير
القدس ليس عبر كربلاء وإنما عبر الأردن.