عبد الباري فياض
أمد/ كانت تصريحات الرئيس الفلسطيني محمود عباس حول إعادة نظر السلطة الفلسطينية في علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية، بعدما استخدمت واشنطن حق الفيتو ضد طلب عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة، بمثابة موقف مخيب للآمال بعد أن قدم الصراع الدائر بين حماس ودولة الاحتلال فرصة ثمينة لتصحيح الأخطاء الأمريكية السابقة والمضي قدما في اعادة إحياء حل الدولتين .
ويبدو أن الموقف الأمريكي في الدفاع عن إسرائيل ثابت وراسخ لا يتغير لتكون أمريكا الحصن الثابت للكيان المحتل ضد أي قضية قد تدينه في المحاكم الدولية أو تعترف بحقوق الشعب الفلسطيني، وجاء هذا الفيتو الأخير كشوكة في حلق الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فأصبح في وضع لا يحسد عليه بعد أن خذله الجميع عربا وغربا، لكن ربما إعادة النظر في العلاقات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل سيجعل البيت الأبيض يتعامل بمنطق أكثر عدلا وإنصافا مع الفلسطينيين.
الواقع يقول أن أمريكا لا يمكن أن تضحي بمصالحها من أجل الفلسطينيين، والسلطة الفلسطينية لا يمكن أن تنتظر شيئا مغايرا منها، فلا أحد يهتم لمستقبل حل الدولتين إلا فلسطين نفسها، وربما يشكل استخدام الفيتو الأمريكي ضد فلسطين عدوانا جديدا على حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه والسلام الذي يبغاه بحل الدولتين، وبينما تواصل أمريكا دعم إسرائيل بات خيار السلام وحل الدولتين في خبر كان.
ومن الواضح أن الإدارة الأمريكية برئاسة “بايدن” تتراجع عن وعودها للسلطة الفلسطينية بالتأكيد على خيار السلام وحل الدولتين، لكن تظل خيبة الأمل وضبابية المشهد حاضرة وبقوة من السلطة الفلسطينية تجاه أمريكا، فالولايات المتحدة التي طالما وعدت بقيامها بدور مهم في حلول السلام قي منطقة الشرق الأوسط وضرورة وجود حلول للقضية الفلسطينية الإسرائيلية، يبدو أنها لا تؤتمن ولا يمكن تصديق أي وعود تصدر منها مادامت تأتي على مصلحة إسرائيل.
وكان محمود عباس، يضع آمالا عريضة على الإدارة الأمريكية بشأن ممارسة ضغوط لوقف الحرب على غزة، والجلوس على مائدة واحدة لتسوية القضية ومن ثم الانتهاء بمقترح حل الدولتين، واعتبر عباس هذا الأمر مكسبا مستقبليا، كان يعول كثيرا عليه حتى صدمه الفيتو الأمريكي الأخير رغم كل هذا العشم السياسي.
ورغم أن “بايدن” كان قد أظهر التزام الولايات المتحدة على مدى عقود عديدة بإيجاد حلول مثمرة والعمل نحو سلام دائم، وهو أمر ضروري لتعزيز الاستقرار والازدهار في الشرق الأوسط، إلا أن وعوده تتبخر أمام مصلحة إسرائيل، ليطيح بأي ذرة أمل لدى الرئيس الفلسطيني محمود عباس بمواصلة الولايات المتحدة العمل وحدها على عملية السلام بين فلسطين وإسرائيل.
ومن المتوقع أن يلجأ عباس خلال الفترة المقبلة بدعم الدول الكبرى لتعزيز موقف القضية الفلسطينية، كروسيا وغيرها على حساب أمريكا، فالأمريكان باتوا غير مؤتمنين على إيجاد حلا للقضية في ظل دعمهم غير المحدود وغير المتوقف لتل أبيب وكل ما هو إسرائيلي أو صهيوني، ويبدو أن العشم الفلسطيني في حدوث أي انفراجة لحل القضية على يد أمريكا مصيره العدم، خاصة بعد تخليها عن دورها في حلول عملية السلام، لكن ربما يساهم هذا الفيتو في تغيير خريطة القوى العظمى في العالم، والتي سيأتي يوما وتعترف بحق الفلسطينين في الحياة وفي بناء دولتهم وتدين الجرائم والمجازر الإسرائيلية اليومية في حق هذا الشعب، وتخلق حلولا واقعية لعملية السلام في الشرق الأوسط.
أما عن مستقبل العلاقات الأمريكية مع السلطة الفلسطينية فربما يدير أبو مازن وجهه عن واشنطن ويبحث عن حلفاء جدد يدعمون حق الشعب الفلسطيني في الوجود، لتظل العلاقة مع أمريكا فاترة من أجل عيون أبناء صهيون.