د. سامي خاطر
أمد/ عمل نظام ولاية الفقيه في إيران كنظام أزمات بعد أهلك إيران ودمر شعبها
على استغلال حالة الفوضى الخلاقة التي شابت المنطقة وتصاعدت فيها بدءا من
احتلال العراق سنة 2003 ونشوب الحريق العربي الذي أسموه بالربيع العربي
بدءا من تونس وهلكت بعده اليمن وليبيا وسوريا وها هي غزة تكاد تُصبح ذكرى
تاريخ ببركات الملالي وشركائهم وأدواتهم بالمنطقة، وبالنتيجة فإننا اليوم
أمام تحولات السياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية لا يمكن إهمالها أو
التغاضي عنها كما لا استبعاد احتمالية سعي الملالي إلى تصعيد التوتر
والصدام في أماكن جديدة بالمنطقة وفي مقدمة ذلك العاصمة الأردنية عمان أو
العاصمة السعودية الرياض التي كانت ولا زالت هدفاً رئيسيا لدى الملالي
خوفي هذا السياق لم يتوقف تدفق مخدرات وفتن الملالي نحو هاتين الدولتين
الهامتين ضمن مخطط الملالي بالمنطقة.
تكررت على مر السنين صورا صادمة عن الحروب والدمار في هذه العواصم حتى
اتسعت هذه الأعمال العدائية والصراعات السياسية إلى ما بعد هذه العواصم
متجاوزة حدودها الجغرافية لتهدد عواصم أخرى في المنطقة مفصحةً عن مخططات
عدوانية توسعية لنظام الملالي، ومن أبرز الأمثلة على تمدد المخطط التوسعي
لنظام الملالي هو عبثهم المتجه من بغداد ودمشق غزة نحو العاصمة الأردنية
عمان وباقي عواصم دول المنطقة بالمخدرات والسلاح والفتن، وعلى الرغم من
عدم إعلان الملالي عن نواياهم إلا أن ما يصدر عن ملالي إيران وكبيرهم
وجنودهم وعملائهم ووكلائهم بالمنطقة لا يُخفي نواياهم بشأن العواصم
العربية الأخرى وما أكثر معاول الهدم لديهم في دول المنطقة.
قراءاتنا؛ وأزماتنا
نعم نجاتنا في التخلص من أزماتنا كعرب؛ لكن لا خلاص من تلك الأزمات دون
قراءات ومراجعات والكف عن خلط الأوراق والمفاهيم وبدلاً من أن يعلوا صوت
ثورتنا الثقافية على كل صوت من أجل تحرير العقل العربي من أسره كمقدمة
للمساعي من أجل إنقاذ دول وشعوب المنطقة وهويتها وتراثها وعقيدتها بعد أن
عبث الملالي بعقول البسطاء وجعلوهم أدوات لمخططاتهم ومؤامراتهم كما هو
الحال في سوريا والعراق ولبنان واليمن وغزة فلسطين باتت قراراتنا تتناثر
حالها حال الشعارات التي اعتدنا عليها كشعوب عربية.
ما يجب أن ندركه هو أننا لم تعد لدينا الكثير من الخَيارات، وقد حان
الوقت للعرب أن يسيروا بخطى جادة نحو حلول حقيقية لمشاكلهم الكبرى
والتخلص من عثراتهم، وقبل أن يبدأوا في ذلك عليهم أن يعيدوا قراءاتهم
ويتوقفوا عن سياسة خلط الأوراق والمفاهيم والتركيز على الأولويات
الحقيقية، ومن أهم ما يجب أن يركز عليه العرب هو كيفية مواجهة نظام
الملالي والتصدي لمؤامراته الإقليمية ودعم ثورة الشعب الإيراني من أجل
التغيير الديمقراطي في إيران جديدة تحترم مبادئ حسن الجوار ودولة تلبي
حقوق جميع مكونات الشعب الإيراني، وعليه من الواجب على الدول العربية أن
تعمل على تعزيز التعاون الإقليمي وتعزيز العلاقات الثنائية ثقافياً
وأمنياً وعسكرياً واقتصادياً، وتعزيز قدراتها العسكرية والأمنية لمواجهة
التحديات الأمنية والإرهابية في المنطقة.
الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في العالم العربي اليوم يستدعي
التفكير العميق والعمل الجاد لمواجهة التحديات الكبرى التي تعصف بالمنطقة
منذ سنوات عديدة، وقد يشهد العرب أزمات سياسية داخلية وخارجية، وأزمات
اقتصادية واجتماعية وتحديات إقليمية كنتيجة لمخططات نظام ولاية الفقيه
التي بدأت بتدمير المنطقة بعد احتلال العراق وهدم دولته ونسف هويته
التاريخية، وما حدث في العراق يسري وسيسري على غيره بالمنطقة ما لم نعي
الدرس ونتخلص من كوارثنا وأسبابها.
اليوم ليس من الصعب على أي من المعنيين بهمومنا في الشرق الأوسط إدراك
حقيقة ما يجري من صراعات وحروب وأزمات أدت إلى نشوء عظيم المعاناة لأبناء
المنطقة، وبالطبع فإن من يُدرك ذلك يُدرك منشأ هذه الأزمات، وقد بات
اللعب على المكشوف إذ لم يعد هناك ما يخفى عليكم جميعا بعد هلاك بغداد
ودمشق وبيروت وصنعاء والقدس وغزة، فجميعها شهدت تدهوراً كبيراً في الظروف
الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وتعاظمت اليوم خسائرنا في الأرواح
والمقدرات ووصلت للهوية والكرامة، والخطى نحو المستقبل تبدأ بزرع وإرواء
ورعاية الأمل؛ أما اليوم فهو وقت التضامن والتكاتف للتغلب على التحديات
المشتركة، وليعلم الجميع أنه لا استقرار ولا ازدهار دون تحرير طهران
وبعدها لن تستغرق بغداد وبيروت ودمشق وصنعاء طويلا حتى يتحررن وينشدن
أنشودة الغد المنتظر، ورحلة الألف ميل تبدأ بخطوة.