حمادة فراعنة
أمد/ ما زالت التفاعلات داخل المجتمع الإسرائيلي، دون المستوى السياسي المطلوب، نحو وضع الخطوات التدريجية لمعالجة ذيول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وتداعياته.
التصرف السائد الطاغي لدى مجتمع المستعمرة ومؤسساتها وقياداتها، وسلوكهم، يُعبر عن الغرور والتفوق والتعالي، والنظرة الغربية الأوروبية العنصرية نحو الشرق والعرب والمسلمين، ناهيك عن نظرة الشعب المتفوق ونظرته الدونية نحونا اننا شعب متخلف لا يستحق الندية والاحترام.
مبادرات المستعمرة الهجومية نحو البلدان العربية: احتلال سيناء المصرية، والجولان السوري، وجنوب لبنان، وتحقيق الإنجازات في التوسع والاحتلال، و بلع كامل خارطة فلسطين، والدعم الأوروبي بداية والأميركي لاحقاً، وتوفير التغطية لكامل احتياجاتها في البقاء في موقع التفوق على النظام العربي، ساهم بقوة في جعلها بحالة من التفرد والتمايز وتجاوز كل الخطوط الحمراء، بلا رادع.
مبادرة حركة حماس وعمليتها النوعية المميزة يوم 7 تشرين اول اكتوبر 2023، شكلت صدمة لمجتمع المستعمرة ومؤسساتها العسكرية والأمنية، وهذا ما يُفسر حجم الحقد المنفلت في التعامل مع قطاع غزة: 1- قتل عشرات الآلاف من المدنيين، 2- تدمير البيوت والبنايات والبنى التحتية، بدون أي إحساس بالذنب أو تحمل المسؤولية، بعد أن وفرت لها الولايات المتحدة الغطاء السياسي والذريعة تحت عنوان “حق المستعمرة للدفاع عن نفسها”.
مظاهرات الاحتجاجات الإسرائيلية ضد حكومة نتنياهو وخياراته لم تصل إلى المستوى الضاغط، كما سبق وحصل في الاجتياح الإسرائيلي إلى لبنان، حيث أرغمت تلك الاحتجاجات حكومة يهود براك للإنسحاب من جنوب لبنان.
مظاهرات الاحتجاجات الإسرائيلية ما زالت حلقتها ضعيفة وأهدافها محدودة لم تصل إلى مستوى التأثير نحو لجم المستعمرة، عن سياساتها الاستعمارية التوسعية في فلسطين، فالمستوطنون المستعمرون في مناطق 67، في القدس والضفة الفلسطينية وأحزابهم، وقياداتها بن غفير و سموترتش، باتوا عنصراً مقرراً مؤثراً على سياسات حكومة نتنياهو وخياراته السياسية، مقابل قوة المقاومة الفلسطينية، ضعيفة، مترددة، رغم البسالة الفردية التي يبادر لها الشباب والصبايا في مواجهة الاحتلال، كما أن استمرار الانقسام الفلسطيني يوفر هدية مجانية مقدمة من طرفي الانقسام، من فتح وحماس، للمستعمرة والاحتلال.
نضال الحركات السياسية الفلسطينية في مناطق 48، ما زالت تتعلم ماذا تفعل، بعد أن قطعت شوطاً ملموساً في فرض حضورها، تعبيراً عن رغبات المكون الفلسطيني في مناطق الكرمل والجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل الفلسطيني المختلطة، في استعادة هويتهم الوطنية الفلسطينية، والحفاظ على قوميتهم العربية، ودياناتهم الإسلامية والمسيحية والدرزية، ولكنهم ما زالوا مترددين في عملية اقتحام المجتمع الإسرائيلي وكسب إنحيازات إسرائيلية لعدالة قضيتهم، باستثناء الحزب الشيوعي والجبهة الديمقراطية الذين حسموا خياراتهم منذ زمن بعيد عبر العمل المشترك والشراكة وتجنيد إسرائيليين معهم في العمل والنضال والمصالح المتبادلة، وها هي مبادرة الحركة الإسلامية ورئيس كتلتها البرلمانية النائب منصور عباس، يسعى لإيجاد شراكة وإن كانت غير متكافئة، وموضع شك، وخيار مرفوض من قبل الأحزاب العربية الفلسطينية، في محاولته ليكون شريكاً في أي حكومة إسرائيلية، حتى بما فيها أكثر الحكومات يمينية وتطرفاً، ولكنه مُصر على هذا الخيار: خيار الشراكة للإسرائيليين في حكوماتهم.