مسك محمد
أمد/ أدت الحرب الدائرة في غزة منذ أزيد من نصف عام إلى تحول حياة الغزيين إلى جحيم لا يطاق، ما بين نقص المواد الغذائية والمياه النظيفة والأهم فقدان الرعاية الصحية، فأصبحوا معرضين لخطر شديد للوفيات مع انهيار الخدمات الصحية واستمرار مسلسل هدم المستشفيات، وامتد الدمار إلى ما هو أبعد من ضحايا الحرب بسبب القصف الإسرائيلي المتواصل، فمازالت المعاناة من غياب الرعاية الصحية مستمرة، فانقطعت خدمات المستشفيات عن المرضى وذوي الاحتياجات الخاصة والأطفال والحوامل وخاصة للذين يعيشون في مخيمات الإيواء وفي خيام رفح التي تعج بالمدنيين بعد أن أصبحت مأوئهم الوحيد
وكذلك انتشرت أمراض سوء التغذية والأمراض الفيروسية والتنفسية بين الأطفال، كما هاجمت الملاريا وأمراض الكلى الشباب والنساء وكبار السن بسبب تناولهم مياه ملوثة، إضافة إلى كثير من الخدع أو المبتسرين الذين رحلوا بسبب عدم وجود ألبان أطفال أو غياب خدمة الحضانات بعد أيام من الولادة.
تلك الظروف المعيشية الصعبة ونظام الرعاية الصحية المتهالك أو المعدوم، ساهم في تفشي الأمراض بين الأطفال والكبار، فمن يتحمل أصوات القذائف والأحزمة النارية التي تدغدغ كل من تسقط عليه كل يوم.. ومن يتحمل المرض بلا علاج؟!
ربما ساهم تفاقم المشاكل الصحية لأهالي غزة، في وفاة الآلاف بسبب عدم وجود ما يسعفهم من خدمات طبية تنقذ حياتهم، فما بين ظروف الحرب وفقدان الأهل والأبناء، بات الموت أمرا واقعا داخل كل بيت وبين كل أسرة.
أكثر من مليون مواطن غزاوي أو ما يلامس 1.3 مليون، تسوء أوضاعم وحالتهم الصحية يوما بعد الآخر، ورغم ذلك تصر إسرائيل على استمرار الحرب وضرب خيام المدنيين بداعي تتبع عناصر حركة حماس، فما ذنب هذا الشعب المسكين؟!
وعلى صعيد الصحة النفسية لسكان غزة النازحين بفعل الحرب، فهي بالتأكيد في حالة يرثى لها في ظل انعدام الأمن والأمان، كما فتكت بهم أمراض القلق والتوتر والخوف على أهلهم وأبنائهم في ظل مسلسل القتل والإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل ضدهم يوميا.
وتدمر نظام الرعاية الصحية في غزة بينما يعيش السكان المحاصرين بدون أي ضمانات صحية، فتزهق الأرواح قي كل وقت، وتنتشر أمراض الإسهال وسوء التغذية بين الأطفال دون وسن الخامسة في غزة..ولكن مازالت المعاناة في سبيل النجاة مستمرة.
وفي ظل استمرار الإصرار الإسرائيلي على اجتياح رفح، فينتظر سكان المخيمات سيناريو هو الأسوأ من الموت مرضا أو جوعا، وهو الموت كأشلاء بنيران القصف الصاروخي حتى ينتهي مسلسل الإبادة الجماعية بنجاح.. فمن يردع إسرائيل عن هذا الجرم الذي لا يرتضيه عرف أو دين أو قانون أو حقوق الإنسان؟
جاء في تصريحات كريستيان ليندماير، متحدث منظمة الصحة العالمية، تحذيرا صريحا من الوضع الصحي الكارثي في غزة، والجوع الذي يفتك بالناس بسبب الحرب الإسرائيلية المدمرة، وأكدت أن الأطفال هم الأكثر عرضة لخطر الإصابة بالأمراض، وأن غالبية السكان يواجهون الجوع وسوء التغذية، وبالتالي فهم معرضون بسهولة لجميع الأمراض، كما أنهم في مراكز الإيواء لا يعرفون كيف يمضون يومهم بسبب غياب الغذاء وعدم وجود مستشفيات، حيث ينتظر المرضى “الموت” في كل لحظة.
وفي آخر إحصائية للصحة العالمية، فمنذ منتصف تشرين الأول/ أكتوبر 2023، سجلت المنظمة أكثر من 33551 حالة إسهال أكثر من نصفها بين الأطفال الأصغر من خمس سنوات، إضافة إلى 8944 حالة إصابة بالجرب والقمل، و1005 حالات إصابة بجدري الماء، و12635 حالة طفح جلدي، و54866 حالة إصابة بعدوى في الجهاز التنفسي العلوي، أكثر من 50 ألف امرأة حامل وما يقرب من 337 ألف طفل دون سن الخامسة مهددون بالموت بسبب المرض في غزة حاليًا، فمن الواضح أن سكان الإيواء النازحين من بيوتهم في غزة بعد أن دمرها الاحتلال، يعيشون كارثة ومأساة تاريخية، فهم معرضون للموت من الجوع وسوء التغذية والعطش، أو من الرصاص والإصابات وانهيار الخيام فوق رؤوسهم، كما أن الاطفال يتضورون جوعا، ويعانون من سوء التغذية، ومعرضون بسهولة لجميع الأمراض.. فمن ينقذ أهالي غزة!
يبدو أن الحرب قد حكمت بالإعدام للأطفال والكبار، وهي ماضية في جعل غزة مكانًا غير صالح للحياة من خلال استهداف المستشفيات على وجه الخصوص وحصار المدنيين في رفح وتهديدهم كل يوم بالاجتياح والقتل، فإلى متى تستمر الغطرسة الإسرائيلية، ومتى تستجيب تل أبيب لمبادرات الهدنة ووقف إطلاق النار وإيجاد “حل حقيقي ونهائي” للصراع الإسرائيلي الفلسطيني؟!