معاذ خلف
أمد/ منذ توقيع اتفاق اوسلو في العام 1993 بين منظمة التحرير الفلسطينية و إسرائيل ، وقد جمدت المسيرة النضالية الوطنية الفلسطينية على المستوى السياسي و العسكري ، انخراط حركة فتح في السلطة انساها واجباتها كحركة تحرر ، و كأنها وصلت لنهاية الطريق وسلمت ان اوسلو ستوصلها لقيام الدولة ، دون ان تأخذ في الحسبان ان عوامل الصراع مع العدو الصهيوني قد تقلب اللعبة رأسا على عقب !
انحدرت حركة فتح تنظيميا و نضاليا بشكل تدريجي بعد وصول القيادة الى ارض الوطن ، و استمر الانحدار حتى استشهاد ياسر عرفات ، و ما تلى ذلك كان الانتقال من حالة الترهل الى حالة الموت السريري للحركة ، فقد انطوت و اغلقت على نفسها وتوقفت عن ريادة العمل الوطني الفلسطيني ، واخذت في الانصهار تدريجيا داخل السلطة المكبلة بالأساس باتفاقية اوسلو ، لتضع نفسها بملئ ارادتها داخل قفص السلطة !
بعد استشهاد عرفات توقفت حركة فتح عن انتاج قادة فاعلين في العمل الوطني ، و كان اخر هؤلاء القادة هم” محمد دحلان ، ومروان البرغوثي “، وكليهما مغضوب عليهم من قبل قادة اوسلو و كأن اوسلو كانت نهاية الحياة للقضية الفلسطينية و اغلقت حيث محمود عباس ورفاقه، فلماذا لم تجدد الدماء داخل الحركة ولماذا توقفت فتح عن ريادة العمل الوطني والتخطيط الاستراتيجي لمستقبل قضيتنا ، وكيف استغلت حماس و الجهاد الفراغ الذي تركته حركة فتح ليتصدروا المشهد ثم عاد قادة فتح ليندبوا حظهم على القنوات الاخبارية بأن يجب على حماس ان تخضع لفتح وللسلطة في اي تفاوض مع اسرائيل ؟ أليست فتح هي من تخلت عن دورها بمحض ارادتها ؟ ام بفعل تيار من الجواسيس في داخلها ينخر هيكلها التنظيمي منذ عقود !
نداءات و استغاثات قادة فتح و السلطة الذين تجاوزهم الزمن ويتكرر ظهورهم في الاعلام منذ نصف قرن مخاطبين حماس بتسليمهم قيادة التفاوض تدعوا الى الإشمئزاز وانهم يعيشون في عالم مواز ، فهم لم يفعلوا شيئا من اجل ان يكونوا في المقدمة ! اما حماس فقد ضحت برجالها و عتادها العسكري ، و امنها و استقرارها في سبيل القضية الفلسطينية ، خاضت حربا باهظة التكلفة لتنقذ قضيتنا من النسيان ! لا لتنقذ محممود عباس وحاشيته الذي صرح الأسبوع الماضي علنا في مؤتمر دافوس و أثناء سحق اسرائيل للشعب الفلسطيني في غزة بأن “اتركوا حماية اسرائيل علينا!”
السلطة الحالية وقادتها القدام يعيشون على ارث ياسر عرفات منذ استشهاده و حتى اليوم ، و لم يفعلوا شيئا واحدا ليستحقوا به قيادة العمل الوطني و اني موقن تماما ان الزمن قد تجاوزهم !
ختاما نستطيع القول ان المبادرة السعودية مقابل التطبيع مع اسرائيل هي اخر أمل لتحقيق حل الدولتين واعتراف اسرائيل بدولة فلسطينية ، في حين أنه حتى ولو اعترف العالم اجمع بالدولة الفلسطينية و لم تعترف اسرائيل وامريكا فلن يتغير شيئا على الارض وسنجد انفسنا امام الاعتراف بدولة فقدت احد اركانها و هي الأرض !
وهذا المسار الذي تسير به السلطة لا يجب ان يتعارض مع خطة شاملة لبناء حركة فتح من جديد وسقل عناصرها بالتجربة النضالية ، و التخطيط و التجديد في السياسات الفلسطينية ، و استعادة الأعضاء الفاعلين المغضوب عليهم ، الذين تم فصلهم تعسفا و انفرادا بالقرار ، ليقوٍموا مسار الحركة ، و تعود فتح لتصبح فاعلا في القضية الفلسطينية !
“اتفاقية اوسلو كانت تجربة و مرحلة نضالية ، و ان انتهت لا يجب ان نتوقف عندها كثيرا نستجدي عدونا لتحقيقها ، بل لنواصل العمل الوطني و النضالي لنخلق و نفرض على العدو ما هو أفضل منها بالنسبة لنا ، لا تكونوا كمن اختار بمحض ارادته البقاء في سجن و الباب مشرع أمامه!”