أمد/
لفت نظري كتاب يحمل عنوان: “الأزرق يليق بك” للمحاضر الجامعي والمعالج النّفسي الدّكتور عبد الرّحمن خوجا الحاصل على درجة بروفسور في علم النّفس من جامعة كوستاريكا عام 2020م.
بدأت بقراءة نسختي من الكتاب الّتي تحمل إهداء خاصّا من الكاتب، فوجدته عبارة عن مجموعة من المقالات المتخصّصة في النّفس البشريّة، تبثّ مشاعر الأمل في النّفوس، وترتقي بالفكر نحو تحقيق الأهداف، فتسهل الحياة على من يأخذ بما ورد فيها من نصائح وإرشادات، مع العلم أنّ الكاتب حرص على أن تصل لكل مهتمّ من القراء بصورة غير مباشرة، بعيدة عن الإقحام؛ ليكون لها الأثر الأكبر في حياة المتلقّي، يسير به نحو النّور والفكر، فيرى الحياة بمنظور مختلف، ويصل إلى مستوى القناعة والرّضا، مع السّعي الداّئم نحو الأفضل.
“الأزرق يليق بك” عنوان موفّق لكتاب يضمّ بين دفتّيه مقالات تعكس في نفس القارىء مشاعر الهدوء والسّكينة، إذ أن اللون الأزرق يرمز إلى العديد من الدّلالات: منها الهدوء والثّقة والثّبات والسّلام الداخلي والتوازن، ويرتبط أيضا بالانتعاش، ويستخدم في العديد من السّياقات الثّقافيّة والرّمزية بمعان إيجابية. وهذا حقّا ما يليق بكل إنسان، فهو مكرّم من الله عزّ وجل، وهو خليفة الله على الأرض.
لماذا اللون الأزرق؟ وأين هذا اللون من نظريّة القبّعات السّت، بألوانها السّتّة، والتي تطرّق لها الكاتب في إحدى مقالاته؟ وما هي هذه النّظريّة وما هي دلالاتها؟
نظريّة القبّعات السّت تم تطويرها من قبل ادوارد دي بونو، وهي تعتبر منهجيّة تفكيريّة وتقنيّة للتحليل واتخاذ القرارات والتّخطيط؟
تقوم على فكرة استخدام ستّ قبّعات مختلفة، تمثّل أنماطا مختلفة من التّفكير، مما يساعد في استكشاف وتحليل مواقف معقّدة من مختلف الزّوايا، تتمثّل هذه القبّعات في القبّعة البيضاء (المعلومات الحقائقيّة)، والقبّعة الحمراء( المشاعر والعواطف)، والقبّعة السّوداء (النّقد والتّحليل) والقبّعة الصّفراء( الإيجابيّة والمنطقيّة)، والقبّعة الخضراء (الإبداع والتّفكير الإبداعي) وأخيرا القبّعة الزّرقاء ( إدارة عمليّة التّفكير). ولهذا اختار الكاتب اللون الأزرق، لأنّ كلّ شيء يبدأ بفكرة، مرورا بالشّعور ثمّ السّلوك ثمّ العادة، ثمّ الشّخصية التي تحدّد مصير الإنسان.
احتوى الكتاب على واحد وثلاثين عنوانا جاذبا، يثير العديد من التّساؤلات داخل النّفس، ليجد القارىء الأجوبة بين السّطور.
احتوى الكتاب على رسائل موجّهة إلى “ذات النفس”، وكيفيّة استقبالها والتّعاطي معها.
ما أحوجنا إلى مواجهة النّفس والتّعرف على خفاياها، فأثر الفراشة قد لا يُرى ولكنّه حتما لا يزول. على المرء ألا يستخفّ بنفسه وقدراته، فلم يُخلق عبثا، فكلٍّ له دوره وتأثيره على الكون.
ركّزت المقالات على ضرورة تحقيق التّوازن داخل النّفس، والتّقليل من التّوتر، وأكّدت على أهميّة الاسترخاء، لما له تأثير إيجابيّ على حياته.
كما احتوى الكتاب على طرق الحصانة النّفسيّة، وقوّة الاختيار في حياتنا، إذ أنّ قوّة الاختيار حكمة، وفنّ، وتعقّل، تؤدي إلى تحقيق الأهداف. ولكن علينا أن نؤمن بقدراتنا وبإمكانيّاتنا ونثق بقراراتنا.
وقد كان للذّكاء العاطفي حصّة كبيرة في الكتاب، وكذلك الأمر بالنّسبة لأهميّة ترابط البنية الاجتماعيّة والنفسيّة للحياة الأسريّة.
أمّا الأبناء وهم رأس المال، فقد قدّم الدّكتور عبد الرّحمن 99 نصيحة في تربية الأبناء لمختلف الأعمار، وهي إجابات للعديد من التّساؤلات التي تتبادر لأذهان أولياء الأمر، إذ تشكّل دليلا واضحا وأمينا لهم في التّعامل مع الأبناء؛ لتجنّب العديد من المشاكل التي هم في غنى عنها.
كما تطرّق إلى خطورة التّكنولوجيا الرّقميّة والألعاب الالكترونية، التي يضيع أبناؤنا أوقاتهم بها، وقدّم طرق وبدائل للتّخفيف من آثارها.
كما قدّم سبع كبسولات للتّعامل مع الهاتف النّقال الذي أسماه:” مستطيل الرّعب”، الذي يؤثّر سلبا على ذاكرة مُدمنيه، وعلى نمط تفكيرهم، ويتسبّب لهم في تلف خلاياهم العصبيّة.
ولم يخل الكتاب من القصص الواقعيّة التّحفيزيّة، التي تغذّي مشاعر الإيمان بالخالق وتنعشها. فما أحوجنا لهذه المشاعر خاصة في هذا الزّمن.
كتاب غنيّ ، أنصح بقراءته، واقتنائه في كلّ بيت.