بكر أبوبكر
أمد/ في كل المظاهرات بالعالم ومؤخرًا عام 2023م و 2024م، خاصة في انتفاضة الجامعات الأمريكية لا تجد إلا رمزين أساسيين فقط للثورة والنضال، والاحتجاج والرفض، والمقاومة للظلم والاحتلال والقتل، وعبر التظاهر بكافة أشكاله هما: علم فلسطين، بألوانه الأربعة، والكوفية العربية الفلسطينية السمراء المرقطة.
ورغم ظهور رموز أخرى مختلفة عبر التاريخ النضالي العربي الفلسطيني الا أنها ظلّت أقل تداولًا أو شأنًا أوعبّرت عن سياق محدد لقضية أوفعالية أو موقف معين.
لقد ثار المتظاهرون من أحرار العالم عامة وشبيبة الجامعات، وخاصة الأمريكية مؤخرًا ضد الظلم وضد قمع الحريات، وضد الرأسمالية الاستحواذية على العقول كما ضد التمييز والاحتلال والاستعمار الجديد، وبالطبع ضد المجازر والإبادة الجماعية والتطهير العرقي في كل فلسطين، وما أثارته بِرَك الدماء النازفة من الشعب الفلسطيني البطل في قطاع غزة إثر الكارثة والنكبة الجديدة التي اقترفها ومازال العدوان الصهيوني الفاشي.
علم فلسطين بالأمم المتحدة
وهنا نضع إضاءة على العلم الفلسطيني وعلى الحطّة العربية الفلسطينية السمراء أساسًا، وبعض الرموز الاخرى ذات الصلة.
شهِد مقر الأمم المتحدة مساء يوم 30/9/2015 مراسم رفع العلم الفلسطيني إلى جانب أعلام باقي الدول الـ193 الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة. وحضر مراسم رفع العلم الفلسطيني في نيويورك الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك “بان كي مون”، ورؤساء ومسؤولون من دول عربية وأخرى غربية وأفريقية وآسيوية.
وجرت مراسم رفع العلم الفلسطيني المهيب على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقد أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 سبتمبر/أيلول 2015 بتصويت أغلبية أعضائها رفع علم فلسطين في المقر الرئيسي للمنظمة في نيويورك، لتكون المرة الأولى بالتاريخ التي تقرّ فيها الجمعية رفع علم دولة مراقبة لا تتمتع بعضوية كاملة في المنظمة، ما يعدّ انتصارًا لفلسطين ورمزها الأول. وصوّت لصالح مشروع القرار 119 دولة، فيما اعترضت ثماني دول بينها الولايات المتحدة و”إسرائيل”، وتحفظت 45 دولة بينها بريطانيا.
وصفت وزارة الخارجية الفلسطينية رفع العلم الفلسطيني في مقر الأمم المتحدة بأنه “انتصار دبلوماسي يقرّب الشعب الفلسطيني أكثر من حلمه الأكبر المتمثل بإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية”.
وكانت الأمم المتحدة قد منحت دولة فلسطين صفة دولة مراقب غير عضو بعد تصويت تاريخي في الجمعية العامة عام 2012م. حيث صوّتت لصالح الطلب الفلسطيني 138 دولة فيما عارضته 9 دول وامتنعت 41 دولة عن التصويت. واعتبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس في أول تعليق له إثر التصويت أن هذا القرار هو “انتصار للسلام والحرية والشرعية الدولية”، مضيفا كما تذكر الوكالات “أشكر الشعب الفلسطيني وأقدّم له التهنئة بهذا الانجاز، كما اشكر شعوب الأمة العربية والاسلامية وأحرار العالم الذين صوتوا لصالح فلسطين….” و مشيرًا للعبارة ذاتها التي ما انفك الخالد ياسر عرفات يردّدها التي تقرن رفع العلم بمآذن وكنائس وأسوار القدس.
بدوره قال كبير المفاوضين الفلسطينيين د.صائب عريقات ل”فرانس برس” تعليقا على القرار التاريخي “بعد التصويت قواعد اللعبة السياسية تغيرت، وفلسطين اصبحت معترفا فيها من الأمم المتحدة… اليوم وضعت فلسطين على خارطة الجغرافيا وبين الدول والشعوب”.
لقد كانت للنجاحات الدبلوماسية الفلسطينية المثيرة والتي بدأت بدخول منظمة التحرير الفلسطينية عضوًا مراقبًا بالأمم المتحدة (22/11/1974م) إثر كلمة القائد العام للثورة الفلسطينية ياسر عرفات بالجمعية العامة في 13/11/1974م أن أضفت الشرعية الكاملة على الوجود الفلسطيني والنضال الفلسطيني كله والمرتبط بحق تقرير المصير غير القابل للتصرف وبالمقاومة والكفاح حسب القرارات الأممية.
ثم من خلال رمزية العلم الفلسطيني الذي رُفع ليرفرف بين الأمم على أحد السواري الى جانب أعلام كل دول العالم، وبذلك يكون العلم قد تكرس رمزًا للدولة الفلسطينية (تحت الاحتلال) ورمزًا للنضال المتواصل لشعب النكبة عام 1948م الذي عرَف طريقة بالكفاح والمقاومة والثورة والنضال مع انطلاقة الثورة والمقاومة الفلسطينية عام 1965 فصنع كيانيته بعد أن كرّس بكافة أشكال نضاله الوجود العربي الفلسطيني وفرض “الوطنية” الفلسطينية على العالم الذي كان يتأهب لإغلاق ملف فلسطين نهائيًا في أحد أدراج الأمم المتحدة المنسية.
علمُ فلسطين الذي اكتسب الاعتراف العالمي أصبح رمز التحرر والحرية بين أذرع جميع الطلبة في العالم، وخاصة فيما كان من نضالات الاتحاد العام لطلبة فلسطين التاريخية والمشهودة بكل جامعات الدنيا منذ العام 1959م، وفي الجامعات الأمريكية امتدادًا للتاريخ النضالي الفلسطيني العام، وشرعية الرفرفة في نيويورك. وكان العلم هو “قطعة القماش” الوحيدة التي رفعتها المظاهرات في كل العالم ضد الغزوات والاعتداءات الإسرائيلية المتعددة على قطاع غزة وشعبنا الأبي، وضد الاستشراس الصهيوني في الضفة الغربية ومنها مدينة القدس.
العلم الفلسطيني في السياق التاريخي
تشير المصادر أن جذور العلم العربي الفلسطيني (علم الوحدة العربية) تمتد تاريخيًا الى رغبة أقطاب الحركة القومية العربية الوليدة عشية الحرب الأوربية (العالمية) الأولى (1914-1918م) الى وضع علم يرمز لهذه الحركة العربية، ويصبح شعاراً للولايات العربية بعد تحريرها من الحكم العثماني.
وكانت البداية من قبل جمعية “المنتدى الأدبي” في الآستانة/اسطنبول عام 1909م، ثم”جمعية العربية الفتاة” منذ العام 1914م، على أن يجمع العلم ما بين الألوان الثلاثة: الأسود والأبيض والأخضر، ثم أضيف الأحمر عام 1916 من الشريف حسين قائد الثورة العربية الكبرى دلالة على الحرية. وفي 30 أيلول/ سبتمبر 1918 لدى دخول قوات الثورة العربية الكبرى مدينة دمشق رُفع العلم العربي المربع الألوان مكان العلم العثماني.
وتشير دلالات ألوانُ العلَم حسب وزارة الخارجية الأردنية (علم الأردن لكن مع النجمة السباعية نفس علم فلسطين، والمأخوذان من علم الثورة العربية الكبرى للشريف حسين،) إلى ما يلي: – اللون الأسود (من الأعلى): راية “العقاب”، وهي راية الرسول عليه الصلاة والسلام، وراية الدولة العباسية. – اللون الأبيض (في الوسط): راية الدولة الأموية. – اللون الأخضر (في الأسفل): راية الدولة الفاطمية (شعار آل البيت)، الراية الهاشمية (1515-1520) حيث رفع الهاشميون اللون الأحمر الداكن (العنّابي) علَماً لهم منذ عهد الشريف “أبو نمّي” في الفترة 1515-1520م، أي في عصر السلطان العثماني سليم الأول.
ويشار أيضًا لسبب اختيار الألوان الأربعة ببيت الشعر التالي للشاعر صفي الدين الحلّي
سلِي الرماحَ الـعوالي عن معالينا/واستشهدي البيض هل خاب الرجا فينا
بيــضٌ صنائعنا سود وقـائعـنا/خضرٌ مرابعنا حمرٌ مواضينا
لا يمتطي المجدَ من لم يركب الخطرا/ولا ينال العلا من قدّم الحذرا
استخدم العرب الفلسطينيون العلم في إشارة للحركة الوطنية الفلسطينية منذ عام 1917. ثم حمله المناضلون في فلسطين بمواجهة الاستعمار الانجليزي والغزو الصهيوني عبر سيل الهجرات والاستعمار القادم من كل جنسيات وقوميات وإثنيات يهود العالم، وفي عام 1947، اتخذ حزب البعث العربي الاشتراكي العلم كرمز للحرية وللوحدة العربية. والى ذلك أعاد الفلسطينيون تكريس العلم في المؤتمر الوطني الفلسطيني الأول الذي في غزة 30/9/1948 والذي عقده الحاج أمين الحسيني معلنًا قيام دولة فلسطين بعد إعلان قيام الكيان الإسرائيلي (14/5/1948م)، ولكن لم تنل الدولة حظها من الاعتراف لا العربي ولا العالمي.
أكدت منظمة التحرير الفلسطينية على العلم الفلسطيني عام 1964. وفي أول اجتماع لمجلسها الوطني الفلسطيني في 28 مايو 1964، وضع الميثاق القومي، ونصّت المادة 27 على أن يكون لدولة فلسطين قسمٌ ونشيد وعلم وحدّدت ألوان علم فلسطين بالترتيب كالتالي: أخضر أبيض أسود مع مثلث أحمر. وقد تم الاعتراف لاحقًا بالعلم رباعي الألوان من قبل جامعة الدول العربية على أنه علم فلسطين والشعب الفلسطيني.
وفي 15 نوفمبر 1988، تبنت منظمة التحرير الفلسطينية (م.ت.ف) P.L.O العلم ليكون علم الدولة الفلسطينية التي أعلن استقلالها عام 1988 في الجزائر باعتبار الدولة الفلسطينية قائمة منذ القِدَم بالحق الطبيعي والقانوني والتاريخي.
وفي ذات الإطار فلقد كان علم فلسطين (أو ألوانه، أو الخريطة) يتوّج كل شعارات الفصائل الفلسطينية الحديثة-بعد العام 1965م-تقريبًا، وقبلها شعارات الاتحادات والنقابات الفلسطينية ما قبل أو بعد تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية (1964م) مثل الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية (1965م) والاتحاد العام لطلبة فلسطين (1959م)، واتحاد الكتاب (1966م)، وحتى قبل قيام الكيان الصهيوني بالطبع لمثل جمعية العمال العربية الفلسطينية-(تأسست في حيفا عام1925م) التي ضم شعارها علمين لفلسطين ويدين ممدودتين منهما تسلمان على بعضهما البعض. كما ظهر العلم في الصحف الفلسطينية (نموذج مجلة العرب لعجاج نويهض عام 1933مثلًا)، عوضًا عما أشرنا له من رفعه من قبل المجاهدين والمناضلين الفلسطينيين.
ويشار في السياق العقدي الفكراني (الأيديولوجي) والتاريخي الى أن التنظيمات الاسلاموية الفلسطينية مثل “الاخوان المسلمين” و”حزب التحرير” في حربها المبكّرة ضد فكرة وراية الوطنية الفلسطينية (وضد القومية)، وضد الكيانية كانت تأنف من التعامل مع العلم الفلسطيني على اعتبار أنه قطعة قماش أو مجرد خرقة، أووثن يرمز للوطنية الجاهلية! الى أن كان من تطور لاحق بمواقف بعض هذه الفصائل الاسلاموية من العلم، وإن قرنته بإشارات ورموز أخرى فصائلية في سياق التظاهرات المحلية.
علم فلسطين وشريحة البطيخ!
“في فلسطين، حيث التلويح بعلم فلسطين، في فلسطين، جريمة، ترفع أنصاف بطيخ أحمر في وجه القوات الإسرائيلية كُرمَى للون الأحمر والأسود والأبيض والأخضر، لفلسطين”. هذه الأبيات جزء من “قصيدة البطيخة” للشاعرة الأمريكية، “أراسيليس جيرماي”، وتشير إلى رمزية هذه الفاكهة بالنسبة للقضية الفلسطينية.
إن الأحمر والأسود والأبيض والأخضر ليست ألوان البطيخ فحسب، بل ألوان العلم الفلسطيني أيضاً، ومن أشهر الأعمال الفنية لوحة للفنان خالد حوراني؛ ففي عام 2007 رسم حوراني لوحة لكتاب حمل عنوان “الأطلس الذاتي لفلسطين”، وكانت اللوحة عبارة عن شريحة بطيخة حمراء.
وتشير سيلين غيريت ومارك شيا أنه ” بعد الحرب بين العرب و”إسرائيل” عام 1967، سيطرت “إسرائيل” على قطاع غزة والضفة الغربية، وحظرت حمل الرموز الوطنية مثل العلم الفلسطيني وألوانه في جميع أنحاء الأراضي المحتلة.” لتضيف أنه في برلين أيضاً-مؤخّرًا-، لوّح الناس بالأعلام الفلسطينية وحملوا رسماً لقطعة بطيخ أثناء تجمعهم للمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة”.
تقول الكاتبة مليحة مسلماني : “تتّضح مسألة البطّيخ على لسان الفنّان سليمان منصور، الّذي يقول إنّه في أواخر عام 1980 أقام معرضًا في مدينة رام الله مع زميلين فنّانين آخرين؛ لتغلق سلطات الاستعمارالصهيوني المعرض.
وبعد أسبوعين، استدعت الفنّانين لتوجّه إليهم أوامر تتعلّق بقوانين معيّنة، من بينها أنّه يُمْنَع عليهم استخدام ألوان العلم الفلسطينيّ الأحمر والأخضر والأبيض والأسود في أعمالهم الفنّيّة؛ بحجّة أنّه يُمْنَع ظهور العلم الفلسطينيّ في المناطق الّتي يسيطر عليها الاستعمار.
الفنّان عصام بدر، الّذي كان حاضرًا، يسأل الضابطَ الإسرائيلي: “افرض رسمت زهرة/ وردة فيها الألوان هذه الأربعة؟”، فيجيب الضابط: “اللوحة طالما فيها الألوان هذه نصادرها… وكمان/أيضًا إذا بترسم بطّيخة بنْصادرها”، ومن هنا جاءت فكرة البطيخ كما يقول الفنان سليمان منصور.
وتضيف الكاتبة إلى استخدام البطّيخ في الانتفاضة الأولى، والثانية أيضًا، لكنها تستنتج إنّ البطّيخ يُعَدّ، في السياق الوطنيّ الفلسطينيّ، ظاهرة وليس رمزًا.
كوفية الختيار
أما الكوفية (الحطة) العربية الفلسطينية التي وصلت الى نيويورك على رأس الثائر الخالد ياسر عرفات (أبوعمار) والذي أسماه الفلسطينيون “الختيار” تحببًا وتقديرًا، عام 1974 ليقول كلمته التاريخية التي ربطت بين البندقية والسلام وضرورة التوصل للسلام فلم تكن غريبة على عدد من شعوب العالم التي كان ياسر عرفات يمثل لديها أيقونة المقاومة والثورة العالمية الى جانب كل من كاسترو وجيفارا وجمال عبدالناصر وهواري بومدين والحبيب بورقيبة وهوشي منه وماوتسي تونغ، لأن الخالد ياسر عرفات هو الذي رفع الكوفية عاليًا الى السماء لتشتهر عالميًا وتصبح رمز الثوار بالعالم كلّه.
تقول وكالة وفا الفلسطينية عن الكوفية العربية الفلسطينية: “ارتبط ارتداء الكوفية الفلسطينية ذات اللونين الأبيض والأسود بثورة 1936 في وجه الانتداب والعصابات الصهيونية؛ فقد ارتداها رجال الثورة كي لا تعرفهم عيون الاحتلال؛ وطلبوا من عامة الناس وضعها كي لا يميز الاحتلال رجال الثورة من بين عامة الناس؛ بعد أن أخذ الاحتلال باعتقال الثوار الذين يرتدون الكوفية.”
مضيفة “لازمت الكوفية الفلسطينية الرئيس الراحل ياسر عرفات حتى آخر يوم في حياته؛ فكانت رمزنا للثورة الفلسطينية المعاصرة التي انطلقت بقيادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح عام 1965م. وخلال انتفاضة الحجارة وانتفاضة الأقصى ظهرت الكوفية بزخم من جديد، إذ ارتداها المشاركون بالفعاليات؛ وتجاوزت بذلك كل الحدود الجغرافية، لتصبح رمزًا لقضية فلسطين العادلة في كل أنحاء العالم.”
يكتب موقع قناة الجزيرة في 31/1/2021 : “لئن كانت الكوفية قد اشتهرت بفضل كفاح الفدائيين الفلسطينيين وخطاب الزعيم الخالد ياسر عرفات أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1974 قبل أن يستحوذ عليها عالم الموضة، فإن لقطعة القماش هذه قبل ذلك تاريخا طويلاً متجذرًا في “الشرق الأوسط”، حين كانت غطاء رأس لدى الفلاحين والبدو في بلاد الشام والعراق وشبه الجزيرة العربية.” وتضيف أن المؤرخ “فينسان كابديبوي”، في مقال بموقع “أوريان21” (Orientxii) الفرنسي قد أشار الى “أن الكوفية قد تعزّز حضورها بوصفها رمزا للنضال الفلسطيني مطلع الستينيات والسبعينيات من القرن ال20 مع بروز حركات النضال حينها”، وخاصة بديمومة لبسها من قبل القائد العام للثورة الفلسطينية ياسر عرفات، ثم أثناء إشهارها عالميًا من على منبر الأمم المتحدة في خطابه الشهير عام 1974 في نيويورك.
ولننظر بعيدًا في تاريخ الكوفية في فلسطين حيث أنه “في أواخر شهر آب من عام 1938 جاءت الخطوة الثورية التي ستغير المعادلة، حيث أصدر بعض القادة العسكريين من سكان القرى وعلى رأسهم الشهيد يوسف أبو درة والمناضل الراحل عارف عبد الرازق بيانات وزعت في المدن الفلسطينية تأمر بنزع الطربوش واعتمار الكوفية والعِقال بدلاً منها فقط لخلق نوع من المساواة الاجتماعية والثورية بين الفلسطينيين. فرد بعض الحكام العسكريين البريطانيين ببيانات أخرى تأمر بمنع اعتمار الكوفية، لكن الغَلَبة كانت للأخيرة.هكذا انتهى عصر الطربوش في فلسطين، وهكذا صارت الكوفية رمز الثورة الفلسطينية.”
والى ذلك “ورد في صحيفة “بلستاين بوست” الصادرة في 2 أيلول 1938 أن ظاهرة لبس العقال والحطّة ونزع الطربوش انتشرت كضوء البرق في حيفا ويافا وصفد ونابلس والناصرة ولدى جميع السكان العرب، وأن أحد التجار في القدس ربح مائة جنيه فلسطيني في أسبوع واحد من بيع الحطّات والعقلة..”
ويقول الكاتب أوس يعقوب في مقاله بالعربي الجديد (3/12/2023م): “تعدّ الكوفية الفلسطينية بلونها الأبيض ونقوشها السوداء، ورسومها التي ترمز إلى البحر وطائر فلسطين، ويتم ارتداؤها عادة حول الرقبة، أو فوق الرأس، شكلًا من أشكال الحفاظ على الهوية الثقافية للشعب الفلسطيني، وهي لا تزال حاضرةً منذ نحو قرنٍ من الزمن كشاهدةٍ على تجذّر الشعب في أرضه، واحتفاظه بعاداته وتقاليده التي حاول وما زال الاحتلال طمسها ومحوها بكل السبل المتاحة في سبيل إنكار حق أصحاب البلاد الأصليين. وهي لا تعترف بالحدود التي قسم بها المحتل أرض فلسطين، فيرتديها الفلسطيني في الضفة والقطاع والقدس ويافا وعكا وأراضي 48، ويرتديها الفلسطينيون في الشتات والمنافي البعيدة، كما ارتداها مناصرو القضية الفلسطينية في أنحاء العالم كافة.”
ويعلم الفلسطينيون أن ياسر عرفات قد لفّ كوفيته (حطّته) بحيث يذكّر شكلها المهيب على رأسه بقبّة مسجد الصخرة بالمسجد الأقصى في القدس، وترك طرفها يتدلى بطريقة ترسم خريطة فلسطين.
تقول وكالة رويترز (في 6/12/2023م): أن مبيعات الكوفية الفلسطينية قفزت على نحو غير مسبوق في الولايات المتحدة، منذ بدء العدوان الصهيوني الوحشي على فلسطين من بوابة غزة في 7 أكتوبر، وحتى مع إزالة قوات الأمن للكوفية بالقوة في بعض الاحتجاجات الداعمة للشعب الفلسطيني، وإعلان بعض مرتديها استهدافهم بإساءات لفظية وجسدية. ويضع عدد متزايد من الأميركيين الكوفية الفلسطينية للمطالبة بوقف إطلاق النار، وإنهاء الهجمات الإسرائيلية (العدوان) على غزة أو للإشارة إلى دعمهم للفلسطينيين.
رموز أخرى، والتواصل الاجتماعي
إضافة الى العلم والكوفية (الحطّة) وفي مساحة الرموز يقول الكاتب محمد عودة في موقع فضائية الغد على الشابكة : “باتت مواقع ومنصات التواصل الاجتماعي بمثابة نافذة يُفضح فيها الاحتلال، وتُكشف فيها جرائمه، وتُكذب فيها مزاعمه وادعاءاته”،…..حيث “اصطف الرسامون الفلسطينيون الذين أبوا إلا أن يكون لهم دور في “المعركة الإعلامية”، من خلال مجموعة من الأعمال الفنية، التي حرص بموجبها عدد من أهل الفن الفلسطيني، قد يكون غالبيتهم غير معروفين، على تجسيد مأساة الشعب الفلسطيني، وتصوير حجم الدمار في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتقديم صورة صادقة عن كفاح “شعب الجبارين” في مواجهة الاحتلال”.
مشيرًا الى أن: “هذه الأعمال الفنية لم تكن مجرد لوحات جرى رسمها، أو صورا أنتجت باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي فقط، وإنما كانت سلاحًا في يد الفلسطينيين “العُزَّل” لفضح انتهاكات وجرائم الاحتلال بحقهم، وبحق أطفالهم ونسائهم وشيوخهم.”
ومن المثير مؤخرًا أن تكون شعارات المقاومة الفلسطينية أوالثورة الفلسطينية الأولى مثل “فلسطين حرة” free Palestine وفلسطين من النهر الى البحر Palestine from the sea to the river قد أصبحت تُرى مكتوبة بأشكال مختلفة، ومنطوقة على كل لسان ما يتوافق مع شعار حركة التحرير الوطني الفلسطيني- فتح الأول منذ العام 1968 وهو إقامة دولة واحدة مدنيّة ديمقراطية يعيش فيها المسلمون والمسيحيون واليهود على أرض فلسطين.
ومن الرموز الأخرى المعبرة عن الثورة والمقاومة الفلسطينية والقضية يظهر رمز خريطة فلسطين التي تشبه طبيعيًا الخنجر والتي أصبحت قلادة ذهبية للفتيات والشباب في العنق، وعلى لافتات ورسومات فعاليات أخرى، وظهرت إشارة النصر لياسر عرفات والتي سبقه اليها “ونستون تشرشل”، وكذلك صورة المسجد الأقصى بمساحته 144 ألف متر مربع مشتملًا على الساحات والمباني والمساجد والأسوارذاتها بشكل المسجد (الحرم) المستطيل، وأيضًا صورة قبة الصخرة.
واليها تظهر أعلام الفصائل بالعالم خِلسة، وهي التي لم تجد لها قبولًا عالميًا اليوم سوى ما كان من قبول سابق لشعار حركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح، والذي استبدلته الحركة في غالب تظاهراتها بالأيقونتين الرئيسيتين أي العلم الفلسطيني والكوفيّة، وخاصة ضمن النضال العالمي.
فيما تجتهد الفصائل الفلسطينية داخل فلسطين بإظهارألوانها الأوحدية الجزئية بين الأخضر والأصفر والأحمر في إطار المنافسات الحزبية الضيقة التي يأباها الوطني الوحدوي والذي يفترض احتضان الخلاف الداخلي الوطني تحت علم فلسطين العربية الموحد.
والى ذلك فلقد رفع أحرار العالم والعرب والفلسطينيون صور قادتهم كأيقونات نضالية، ومنها خارج الإطار الوطني صور الزعماء الثوار العالميين أمثال جيفارا الذي تم تخليد صورته بالطاقية “بيريه” العسكرية، و”هوشي منه” بلحيته القصيرة، وجمال عبدالناصر بابتسامته الهادئة، وهواري بومدين بوجهه الصارم، ومانديلا بقبضة يده، وثلاثي أو رباعي ماركس وأنجلز ولينين وستالين، وغيرهم من مناضلي العالم.
هذا ولا يفوتنا الإشارة الى رموز نضالية ووطنية ذات دلالة أخرى مثل مفتاح العودة الكبير الحجم والصديء، والثوب الفلسطيني المزخرف خاصة باللون الارجواني، وشجرة البرتقال وشجرة الزيتون، وأيضًا العديد من اللوحات التشكيلية لعدد من الفنانين الفلسطينيين الكبار، إنها اللوحات التي أصبحت في كثير من القضايا والمراحل رموزًا لمواقف أو أحداث أو قضايا كلية أو جزئية والتي من أشهرها رسومات ناجي العلي وشخصية حنظلة، والفنان بهاء البخاري وشخصية أبوعرب، وأشعار محمود درويش وسميح القاسم وإبراهيم طوقان….، ولوحة جمل المحامل للفنان سليمان منصور، ولوحات الفنانين إسماعيل شموط وتمام الاكحل، وخاصة لوحة العطش أو جرعة ماء، وغيرها الكثيرلفنانين كبار آخرين.
خاتمة
لم يتوقف النضال العربي الفلسطيني منذ القرن التاسع عشر، وبدايات القرن العشرين وحتى اليوم بكافة الأشكال، وجيلٌ يسلمُ جيلًا، وكل الفصائل على إطلاقها تنشدُ تحرير فلسطين وتنسج بمسلّة الفلسطيني الأول الذي لم يكن قبله أحد في هذه البلاد-فلسطين أصل الحضارة، والذي علّم كل مَن تلاهُ من أهل البلد الثبات والثورة والمقاومة والصمود حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
وفي إطار كافة نضالاته وكفاحه ورموزه كان الشعب العربي الفلسطيني البطل فوق كل قياداته وفوق كل فصائله كما كان يردّد الخالد ياسر عرفات، لذلك فهو استفاد من تجاربه وسيظل، وحقّق نجاحات لم يفته أن يستفيد لتحقيقها مما قاله “حاييم وايزمان” المؤسس الحقيقي للكيان الصهيوني وأول رئيس له عندما اعتبر أن الكيان قد تحقق وجوده بشيئين فقط هما: الاعتراف العالمي والقوة-جميع أنواع القوة.
لقد أبدع الفلسطينيون في اجتراح الرموز وجعلوا من التمسك بها عنصرًا أساسيًا في شعار التحرير بكافة أشكال المقاومة والثورة، أو كافة أشكال النضال وأصبحت الرمزيات الفلسطينية سواء الجديدة، أو المستمدة من الموروث الحضاري العربي الإسلامي بعناصره المسيحية المشرقية، أو تلك المستمدة من التراث العربي والشامي والفلسطيني المتميز عنوانًا لاتخطئه العين في مسارات التربية والثقافة الفلسطينية وعكست نفسها في كافة مفاصل الحياة لتحقق التجذّر لشعب لا يموت، ولمدرسة الثورة والصمود الفلسطينية التي ألقت بظلالها على العالم، فكان العلم العربي الفلسطيني علم الأحرار بالعالم كلهم، والكوفية (الحطّة/الشماغ) دلالة لا تخطئها العين لفلسطين، وكل رمزيات الحرية والنضال ضد كل المظالم.
الحواشي
[1] لمراجعة الموسوعة التفاعلية للقضية الفلسطينية على الشابكة. https://www.palquest.org
[2] في مصادر أخرى وعبر الموسوعة الحرة فإن ألوان الوحدة العربية هي الألوان المستخدمة في العديد من أعلام الدول العربية سواء المستخدمة حالياً أو السابقة، وهي الأحمر والأسود والأبيض والأخضر. استخدمت الألوان في علم الثورة العربية في الحرب العالمية الأولى، حيث دلت الألوان الأسود والأخضر والأبيض على الخلافة العباسية والراشدية والأموية على التوالي، فيما دل اللون الأحمر على دم الشهداء. واستخدمت هذه الألوان لاحقاً في رايات عدة دول عربية، مثل الأردن والعراق والكويت وسوريا وفلسطين.
[3] رابط الموضوع https://www.mfa.gov.jo/content/Hashemite-Flags
[4] “لا تَرْضَوْا عن رايةِ الإسلامِ ولوائِه بديلاً أيها المسلمون حتى وإنْ مات بالغيظِ العملاءُ والكفارُ المستعمرون!” كما يقول حزب التحرير(الاسلامي) قاصدًا بالراية أنها: التي تنظم المقصد وأولويات العلاقة، وهي ما يكون عليه الولاء والبراء، والموالاة والمعاداة. وبمعنى الفكرة الاسلامية والمعتقد والذي ينبثق عنها طبيعة الفكر ورايته وأيضًا علمه (العلم) ومما يقوله بعض قيادات السلف الإسلامي بالامر أن “أحد هذه الرايات الجاهلية التي بدأت تزحف إلى واقعنا راية “الإنسانية”، ومن الرايات العميّة الجاهلية (راية الوطنية)، وهي أشد تفشياً،وقد نبه الشيخ ابن باز على هذه الراية الوطنية مبكراً، حين كتب كتابه في مسألة فكرية معاصرة، وهو كتاب (نقد القومية العربية)”، وأما سيد قطب-الاخوان المسلمين- فقد شحن كتبه بالتحذير من هذه الرايات “الجاهلية”، حيث يقول مثلاً (وقد حارب الإسلام هذه العصبية الجاهلية في كل صورها وأشكالها ، ليقيم نظامه الإنساني العالمي في ظل راية واحدة : راية الله .. لا راية الوطنية، ولا راية القومية. ولا راية البيت. ولا راية الجنس. فكلها رايات زائفة لا يعرفها الإسلام)[سيد قطب، ظلال القرآن، 6/3348].
[5] لمراجعة المقال وملف مركز الانطلاقة للدراسات المعنون: كيف أصبح البطيخ رمزاً للتضامن مع الفلسطينيين؟ والمنشور على منصة أكاديمية فتح الفكرية في تطبيق تلغرام https://t.me/fatahacad
[6] مقال مليحة مسلماني في موقع عرب 48 المعنون: البطّيخ علمًا لفلسطين… خيال ضابط إسرائيليّ
[7] الكوفية العربية أو الغترة أو الشماغ أو الحطّة الخ من أسماء، هي لباس للرأس يتكون من قطعة قماشية تصنع بالعادة من القطن أو كتان ومزخرفة بالوان عديدة أشهرها اللون الأحمر والأبيض، والأسود والأبيض، مربعة الشكل وتثنى غالبا بشكل مثلث وتوضع على الرأس وأحيانا على الكتف أو على العنق، أو تغطي الأنف والفم (مثل اللثام) بما يتعلق بالفدائيين بداية الثورة الفلسطينية. ويشار الى أول لبس لها كان في البلاد الحجازية، ومن المتوقع أن هذا اللباس للرأس العربي الأصل الذي كان منتشرا بالجزيرة والعراق والشام قد تنقل بين البلدان بألوانه المختلفة، الى أن طبقت شهرة الكوفية السمراء العالم بحطة أبوعمار، والثورة الفلسطينية.
[8] الختيار في عامية بلاد الشام ومنها فلسطين الكبير أو كبير السن أو كبير العائلة المقدروالمحترم.
[9] شارك الكثيرون بكتابة كلمة القائد العام للمقاومة والثورة الفلسطينية أبوعمار كان منهم د.نبيل شعث والشاعر الكبير محمود درويش ومن أهم العبارات التي مازالت ذات طبيعة أيقونية قوله بالخطاب”” جئتكم حاملاً غصن الزيتون بيد وبندقية الثائر بيد فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي”.
[10] تقول الموسوعة الحرة على الشابكة (انترنت): اشتهر ياسر عرفات بوضع الكوفية البيضاء المقلمة بالأسود على رأسه بشكل دائم رمزًا لثقافة المقاومة، وكانت الكوفية مقرونة بالفدائي وسلاحه، وكانت توضع لإخفاء ملامح الفدائي لشعبه. ونتيجة لذلك أصبحت تلك الكوفية رمزًا وطنيًا لنضال الشعب الفلسطيني في المحافل الدولية.
[11] أطاحت الحطة (الكوفية) الثورية والفلاحية العربية الفلسطينية بالطربوش التركي الذي كان يلبسه بعض سكان المدن الفلسطينية من عكا والقدس وصفد الى حيفا وبئر السبع وغيرها.
[12]لمراجعة الموضوع من موقع فلسطين الحدث https://www.palhadath.ps/
[13] لمراجعة جريدة الصراط 28 أغسطس للعام 1938م.
[14] كما يشار أيضًا أن البزة/البدلة الكاكية أو الخضراء العسكرية للشهيد ياسر عرفات، وقادة الثورات عامة (أنظر ماوتسي تونغ وكاسترو، صلاح خلف، أبوجهاد…الخ) أنها مثلت أيقونة ورمزية لاستمرار المقاومة حتى النصر في كل مكان. وفي حادثة طريفة يذكرالاخ د.نبيل شعث في كتابه:”حياتي من النكبة إلى الثورة” أنه حين خطاب أبوعمار الشهيرعام 1974 بالأمم المتحدة أن أحد المساهمين في إعداد الخطاب رجا الرئيس عرفات، وكما رجاه من معه، حلق لحيته، وارتداء بدلة عسكرية جديدة، جلبها مرافقوه، ففعل بعد جهد جهيد. ويشير شعث أن بزته العسكرية كانت جزءا لا يتجزأ من الشخصية، كما كانت عينيه ويديه اللتان أحسن استغلالهما ضمن لغة الجسد في خطابه التاريخي النموذج، بل وفي عديد خطاباته لاحقا، حيث كانت غالب حركات جسده تتعامل مع الموقف وان كانت غالبا ما تمتاز بالسلاسة مع التصميم وبالرحابة مع اعطاء الشكل الدائري الاحتضاني.
[15] من مقال الكاتب محمد عودة 11 ديسمبر 2023م في موقع فضائية الغد تحت عنوان: “اللوحات الفنية”.. سلاح الرسامين الفلسطينيين لفضح جرائم الاحتلال في غزة
[16] شعب الجبارين هي العبارة التي كرسها القائد العام للثورة الفلسطينية ياسر عرفات ليدلل على بطولة هذا الشعب العربي الفلسطيني العظيم.
[17] لياسر عرفات العديد من الصور الأيقونية المتداولة مثل صورته في كهوف الأردن بالكلاشنكوف والحطة والكاكي والنظارة السوداء، ومع الفدائيين، وصورته في حصار بيروت بالطاقية وليس الكوفية، وصورته خطيبًا بالامم المتحدة، وصورته في حصار المقاطعة قبل اغتياله على يد شارون بالمقاطعة في رام الله عام 2004م وغيرها من الصور. وتجد صورًا أيقونية أو ذات دلالات رمزية وطنية أو فصائلية لمؤسسي الثورة الفلسطينية الحديثة مثل أبوجهاد وأبوإياد وخالد الحسن…، كما تجد صورًا ذات دلالة لجورج حبش ووديع حداد وأحمد ياسين واسماعيل أبوشنب ونايف حواتمة، وأبوعلي مصطفى…الخ، وقبلهم للشهداء الكبار امثال الشيخ عزالدين القسام وعبدالقادر الحسيني وعبدالرحيم الحاج محمد …الخ.
[18] صورة جيفارا الشهيرة التقطها “ألبرتو دياز غوتيريز” الملقب بـ”كوردا” وهو المصور الذي كان يعمل لصحيفة “ريفولوثيون” عام 1960، هي أكثر صورة أعيد طبعها في تاريخ التصوير. فملامح تشي غيفارا فيها تدل على “العناد المطلق”، إضافة إلى الغضب والحزن، وهي كلها السمات الأساسية للثائر كما قال كوردا.(أنظر مقال علي سعادة المعنون: جيفارا .. بين الخرافة ورمزية البطل)
[19] من بين الصورة التي يجرى تداولها صورة الرئيس عبد الناصر وهو يقف في على شرفات قطار، ويشير بيده إلى الجموع الغفيرة التي اصطفت حوله من كل مكان، وتعود الصورة إلى زيارة قام بها الرئيس عبد الناصر وحكومته إلى محافظة المنيا عام 1965، وكان عبد الناصر يستقل قطاراً ومعه رجال الدولة، وبينما القطار يسير، كان رئيس الجمهورية يطل إلى الشعب ويلوح لهم بيده.