حمادة فراعنة
أمد/ بقوة وشجاعة مقرونة بدهاء سياسي وافقت حركة حماس على صيغة الاتفاق المعد من قبل الوسطاء لوقف إطلاق النار، بهدف تحقيق التهدئة على جبهة المواجهة مع العدو الإسرائيلي، وسجلت بذلك تفوقاً لإدراكها أن الصراع السياسي لا يقل أهمية عن الصراع الميداني.
حماس حققت ثلاثة إنجازات:
أولاً: عملية 7 أكتوبر غير المسبوقة بقوتها وحجمها ونتائجها.
ثانياً: صمودها العملي القتالي أمام هجوم قوات المستعمرة غير المسبوق بقوة النيران والقتل والتدمير لأهالي ومؤسسات قطاع غزة.
ثالثاً: مفاوضاتها السياسية عبر الوسطاء ، وإصرارها على: 1- وقف كامل لإطلاق النار، 2- الانسحاب الإسرائيلي الشامل من قطاع غزة، 3- عودة النازحين إلى مناطق سكانهم، 4- تبادل الأسرى.
الثمن الذي دفعه الشعب الفلسطيني من أهالي قطاع غزة كان باهظاً جداً، يعكس الحقد والكره الإسرائيلي وممارسة الانتقام بأشده، وبلا حساب أو قلق من المستقبل أو من أي عقوبات متوقعة.
حصيلة ذلك أن حماس وافقت وسعت ولها مصلحة في وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
حكومة المستعمرة ورئيسها نتنياهو لا مصلحة له ولهم وللتحالف الحزبي الذي يقود الحكومة، لا مصلحة له ولهم في وقف إطلاق النار وفي تبادل الأسرى، ولذلك يعمل هو وحكومته على عرقلة أي اتفاق ووضع أي معيقات لإفشال أي اتفاق.
مراقب الدولة لدى المستعمرة متناهيو إنغلمان، يعمل على دراسة «الإخفاقات» التي حدثت جراء عملية «طوفان الأقصى» يوم 7 تشرين أول أكتوبر وتداعياتها، وكتب في مطالبته لرئيس الحكومة نتنياهو وقائد أركان الجيش هرتسي هاليفي: «واجبي العام والأخلاقي بوصفي مراقب الدولة، إجراء مراجعة شاملة لأكبر فشل في تاريخ إسرائيل» وهذا الوصف الذي أطلقه عن عملية 7 أكتوبر وتداعياتها: «أكبر فشل في تاريخ إسرائيل» دفعه لأن يقول: « نريد التحقيق من سلوك جميع الرتب السياسية والعسكرية والمدنية» لدى إدارات المستعمرة العسكرية والأمنية والمدنية.
نتنياهو الذي أخفق في الحالتين: الأولى في عملية 7 أكتوبر، والثانية في معالجة نتائج وتداعيات 7 أكتوبر وهجوم قواته وإعادة احتلال كامل قطاع غزة، حيث لم يتمكن من تحقيق الأهداف التي وضعها يؤاف جالنت وزير الجيش وأبرزها القضاء على حركة حماس وقياداتها وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين بدون إجراء عملية تبادل .
نتنياهو اعترض على قرار إنغلمان مراقب الدولة بتشكيل لجنة تحقيق رسمية وقال: « إن ذلك يجب أن يتم بعد انتهاء الحرب وليس قبل ذلك» ولهذا يقف نتنياهو ضد وقف الحرب ويرفض عملية تبادل الأسرى، لأنه سيدفع الثمن، ويضع العراقيل أمام أي اتفاق للتهدئة ويعمل على مواصلة الحرب واجتياح منطقة رفح لعله يجد مراده ويحقق غرضين: أولهما قتل أو اعتقال قيادات حماس، لأنه يعتقد أنهم موجودون في تلك المنطقة، وثانيهما إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، لأنه أيضاً يعتقد أنهم في منطقة رفح، ولذلك يرفض وقف إطلاق النار قبل عملية اجتياح رفح لعله يحقق أغراضه ويعود للإسرائيليين منتصراً، وتنقلب نتائج التحقيق بدلاً من تسجيل إخفاقاته وهزيمته تتحول إلى نجاحه وانتصاره.
المحطة الرابعة في مسيرة النضال الفلسطيني بعد: 1- انطلاق الثورة الفلسطينية قبل 1967، 2- الانتفاضة الأولى 1987، 3- الانتفاضة الثانية عام 2000، 4- عملية سبعة أكتوبر، ليست كما قبلها، بل هي محطة لها ما بعدها، بنتائج استراتيجية بعيدة المدى لصالح الشعب الفلسطيني.