محمد المحسن
أمد/ الجامعات الغربية تقول اليوم كلمتها من خلال الحراكات الطالبية وليس غريباً أن تكون غزة التي تشهد أفظع جريمة ضدّ الإنسانية في التاريخ الحديث، شعار الحراك الاحتجاجيّ وموضوعه. أمّا الجامعات العربية فتغطّ في سبات عظيم.
في الضفة الغربية 21 مؤسّسة جامعية،عرفت بثوراتها الدائمة ونضال طلّابها المستميت من أجل التحرّر والاستقلال وبناء الدولة المستقلّة. لكنّها لم تتفاعل بعد مع التحوّلات الكبرى في شأن القضية الفلسطينية، على عكس عادتها وطبيعتها الثورية.
ليس غريباً أن تكون غزة التي تشهد أفظع جريمة ضدّ الإنسانية في التاريخ الحديث، شعار الحراك الاحتجاجيّ وموضوعه. وليس غريباً أيضاً أن تكون جامعة كولومبيا نقطة البداية، ذلك أنّها منبر إدوارد سعيد أبرز من عرَّف بالسرديّة الفلسطينية والحقّ الفلسطيني بالحرّية والاستقلال.وليس غريباً أيضاً أن تمتدّ شرارة الاحتجاج إلى كلّ الجامعات الأخرى عندما تُمسّ حرّية التعبير، وعندما تظهر الفجوة فجّة بين القيم المدّعاة والممارسات السياسية للسلطات الحاكمة.وربّما غزة اليوم هي المرآة الفاضحة للتناقضات في النظام العالمي وفي داخل الأنظمة الغربية،مثلما كانت حالة جنوب إفريقيا في التسعينيات وقبلها حالة فيتنام في السبعينيات.
وهنا أقول : المُظاهرات بمثابة صرخة في وجه النظام العالمي الفاسد الداعم لإسرائيل،جاءت في الوقت المُناسب لتفضح نفاق الغرب المُتملق المُتباهي بالديمقراطية الزائفة،انطلقت من جامعة كولومبيا التي ترأسها ” السيدة “نعمت شفيق” ذات الأصول المصرية والتي كانت البوابة المُوصلة صوت غزة للمُجتمع الأمريكي المُنتفض طُلابه ضد كل أنواع العُنف والقتل٠،والمُتهم بمُعاداة السامية ودعم الإرهاب،تُهم لم تنجح في لجم الحراك هذه المرة كما تعودت إسرائيل من سبعين سنة،مما أدى إلى ذُعرها ودفع بيبي كما يُلقب للتدخل في الشؤون الأمريكية وتوجيه الأمر بقمع حركة الطُلاب بأسرع وقت مُمكن،مما خلق نوعا من اللارضى في أوساط الصحفيين والمُثقفين الأمريكيين الذين إعتبروه إهانة في حقهم،فنتنياهو يعرف أن هذه الثورة الطُلابية لن تتوقف حتى الإطاحة بدولته العُنصرية كما حدث في الفيتنام بوقف الحرب وإفريقيا بإسقاط الأنظمة العنصرية وقوانين التمييز العُنصري ضد السُود في أمريكا.لذا فهو خائف من إنفجار هذه الثورة وإتساع دائرتها لجامعات أُخرى أوروبية وشرقية،وبدايتها من جامعات النخبة الأمريكية ك “كولومبيا وهارفاد” في بوسطن معناه أن الجيل القادم من أبناء أعضاء مجلسي النواب والشيوخ ورجال الأعمال لن يصدق أكاذيب الصهيونية التي كان من بين مُعارضيها يهود رفعوا الأعلام الفلسطينية وارتدوا الكوفية وهذا ما زاد من وتيرة القلق عند الرجل المُشهر لشعار “معاداة السامية والعداء لليهود”.
وإذن ؟
فلسطين إذا،تحضر عبر هذه الحراكات المتنقّلة بين العواصم والمدن والجامعات الكبرى في الوجدان العالمي وتعود قضيّتها إلى صدارة الاهتمام.وتُبرز في حضورها الطاغي مدى انتهاكات الغرب وأنظمته لحقوق الإنسان.وهي التي تدّعي أنّها حصنه المنيع، ولا تنفكّ تكيل بمكيالين ولا تكتفي بغضّ النظر عن إبادة جماعية تجري على أرض القطاع على مرأى من العالم.بل تعمد إلى تغطيتها وتتورّط فيها حتى النخاع.
نخبة الطلاب الجامعيين في أميركا وأوروبا وأوستراليا.يقولون في اعتصاماتهم وتحرّكاتهم: لا للعنف المفرط،لا لإطلاق يد إسرائيل في جرائمها،لا لانتهاك العدالة الدولية،لا للتمادي الأميركي الغربي في فرض رؤية أحادية الجانب للعالم،لا للظلم الذي يمارس ليس فقط في حقّ الفلسطينيين.بل في حقّ شعوب كثيرة مصنّفة في عداد المهمّشين.
وتلاقت رؤية الشباب الفلسطيني المنفيّ مع تغيّرات عميقة ووعي مختلف في أوساط الشباب الأميركي.ومن بينهم خصوصاً الجيل الجديد من الشباب اليهود الرافضين لسياسة الفصل العنصري والإبادة الجماعية الجارية في فلسطين.هؤلاء باتوا محرّكاً أساسياً من محرّكي الاحتجاج.وربّما هذا أكثر ما يقلق نتنياهو وزمرته وداعمي إسرائيل في الكونغرس الأميركي.لأنّه إذا ما تواصل واستمرّ بهذا الزخم لأمكنه زجّ هؤلاء في قفص الاتّهام واستكمال ما بدأته جنوب إفريقيا في محكمة لاهاي الدولية.
تحرك جعل نتنياهو يقوم ولا يقعد لما فيه من ضرر على حركته المتصهينة ، واني لعلى ثقة اننا لم نكن لنرى نتنياهو قد تجدب في سريره لو ان هذه التحركات قد حصلت في شوارعنا العربية لثقته ان حكام هذه الدول لن تكون إلا تحت امرته في اخفاق هذه التحركات ولن تنتهي إلا في جعل هذه الحكومات حركاتها كحركات طير النعام وهو دس رأسه في الارض ليبقى في سبات عميق.
حراك طُلابي غربي تمنينا أن يكون للعرب نصيب منه،حتى لا يُوصف طلبتنا وأساتذتهم بالجُبناء والخاذلين لقضية أُمتهم..
لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السُفن..!
وتسألوننا- اليوم-عن القومية والعروبة وإخوة الدم..؟!
سيظل سؤالكم حافيا،عاريا ينخر شفيف الروح..