د. عبد الرحيم محمود جاموس
أمد/ رغم ما يمرُّ فيه الوطن العربي من شرقه إلى غربه، ومن شماله إلى جنوبه، من اشكالاتٍ ومعضلات جمة باتت مزمنة وملازمة للوطن العربي، تحتاج لعلاج غير المعتاد من المسكنات التي تخفي الأعراض وتعمل على تغطيتها، دون الولوج إلى مرحلة العلاج الفعال، والمواجهة الممكنة والفاعلة .. في حلِّ تلكَ الإشكالات ومواجهة تحدياتها واستحقاقاتها بأسلوب عقلي علمي فعال وفق ما هو متاح من إمكانيات عربية كبيرة …، يكون قادراً على نقل المواطن العربي، والدولة العربية معا، إلى مرحلة جديدة تتوافق وما يحتاجه المواطن العربي والدولة العربية وما يتوق إليه العرب، في ظل جملة التحديات الكبيرة التي تواجههما معا، أمنيا وعسكريا وتنمويا واستقرارا وازدهارا، يكفل للدول العربية سياداتها الكاملة على أراضيها ومواطنيها، ونموها وتطورها وازدهارها وتحقيق أمنها ومنعتها، وتوفير ما يحتاجه المواطن العربي فيها من أمن وأمان واستقرار وصحة وتعليم وسكن ومواصلات واتصالات وفرص عمل كريمة، وكرامة وإحترام لحقوقه الأساسية في الحياة الحرة الشريفة والكريمة.
لا أحد يشك أن جدول أعمال المؤتمر يشتمل على العديد من القضايا والمسائل العربية الشائكة، بدءاً من القضية الفلسطينية والحرب العدوانية العنصرية والتوسعية والإقتلاعية الجارية على قطاع غزة بشكل خاص وعلى الشعب الفلسطيني بشكل عام، في بقية الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي القلب منها القدس، إضافة إلى الوضع في كل من سوريا ولبنان وليبيا والعراق واليمن والسودان، والتهديدات المائية والبيئية والمناخية والغذائية التي معظم بل جميع الدول العربية تعاني منها، في ظل تغير المناخ والتغيرات الدولية الجارية والمتحركة بحركةٍ أشبه بحركة رمال الصحراء ..الخ من جملة القضايا العربية والدولية وانعكاساتها على العرب ودولهم.
قطعا القرارات قد أعدت وتمت صياغتها من قبل الخبراء والوزراء، ولم يبقى أمام القمة العربية اليوم الخميس السادس عشر من أيار سوى جلسة إفتتاح احتفالية كرنفالية، يتم فيها تسليم واستلام بين الرئاسة السابقة والرئاسة التالية، والاستماع لبعض الخطب من أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالي بشأن موضوعات القمة .. من ثم يتم عقد جلسة مغلقة لتلاوة القرارات والبيان الختامي للقمة والمصادقة عليها … فماذا يتوقع المواطن العربي في مختلف دول العرب من قرارات القمة …؟ لا يتوقع مجرد صدور وإقرار قرارات تُوَّصِف الحال العربي ومشاكله وقضاياه المختلفة صغيرها وكبيرها، إنما يتطلع وينتظر أن يسمع ويرى آليات عمل وتنفيذ عربية فعالة، لما يتخذ من قرارات إزاء تلك المشكلات والقضايا المختلفة التي بحثها وقرر بشأنها المجتمعون في القمة العربية 33 في البحرين .. فهل يكفي إدانة العدوان الاسرائيلي الوحشي على قطاع غزة والذي يستهدف اقتلاع الفلسطينيين وتشريدهم من جديد ..
الحرب قد دخلت شهرها الثامن دون أن يظهر في الأفق أي نهاية لها، بعد كل القتل والدمار والتشريد الهمجي السافر الذي يمارسه فيها جيش الإحتلال بدعم أمريكي وغربي شامل .. دون حياء أو وجل أو مراعاة لمبادئ حقوق الإنسان الفلسطيني، ولا إحترام لقواعد القانون الدولي، وقواعد قوانين الحرب، ولا إحترام لحقوق الإنسان في ظل الحرب والإحتلال كما تنظمه اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 وتعديلاتها .. فقد انتهك العدوان على قطاع غزة كل القيم والمفاهيم والمبادئ الواجب احترامها كما يعلم القاصي والداني، ويستمر في حرب إبادة وتطهير عرقي دون أي اعتبار لكل المناشدات العربية والدولية لوقف هذا العدوان الغاشم … لم يكتفي بَعد بما قتل من الفلسطينيين وجرح واعاق ما يزيد على مئة وعشرين ألف من البشر في قطاع غزة، وأتى على تدمير كافة البنى التحتية والفوقية لقطاع غزة وجعل منه منطقة غير قابلة ولا مؤهلة للحياة … ما يرجوه الفلسطينيون خاصة والعرب عامة، هو أن تضطلع القمة العربية بمسؤولياتها إزاء هذا الوضع الخطير، ليس على مستوى الشجب والإدانة والإستنكار فقط، الذي لا يجد أي أذن صاغية لدى كيان المستعمرة ولا لدى أمريكا وغيرها من دول الغرب العنصري الإستعماري الذي لا يقيم وزنا للإنسان الفلسطيني والعربي …
ينتظر المواطن الفلسطيني والعربي من القمة العربية قرارات فاعلة، تنهي هذه الحرب والعدوان القائم المستمر والمتواصل في قطاع غزة وفي بقية الأراضي الفلسطينية ..
ينتظر المواطن الفلسطيني أن يرى أملا في نهاية العدوان والإحتلال وتمكينه من حقوقه الثابتة في وطنه غير القابلة للتصرف، لقد مرت ست وسبعون عاما على نشأة الكيان الصهيوني وعلى نكبة الشعب الفلسطيني الكبرى، ألا يكفي لإنهاء هذا الوضع الشاذ والمدان .. كي ينتهي.
لابد من مواجهة هذا الصلف الصهيوني الأمريكي الغربي بمواقف حازمة وقرارات وسياسات فاعلة، تفتح أفقا سياسيا للشعب الفلسطيني لإستعادة حقوقه المشروعة، وتمكينه من بناء مستقبله، بأمن وسلام في وطنه وإقامة دولته المستقلة وفق قواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية وخاصة القرارات ١٩٤ و٢٤٢ و١٨١ … وجملة القرارات الدولية بهذا الشأن.
كما ينتظر المواطن العربي حلولا فاعلة لجميع المشاكل والقضايا المختلفة التي تواجهها دوله العربية المختلفة.