مهدي مبارك عبدالله
أمد/ يوم الاثنين الماضي 13 مايو/ ايار 2024 وخلال مراسم إحياء ذكرى الجنود الإسرائيليون القتلى منذ عام 1948هتفت مستوطنون غاضبون من ذوي الاسرى المعتقلين لدى فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة بالشتائم ضد الوزراء الذين زاروا المقابر العسكرية في عموم دولة الاحتلال الاسرائيلية فيما غادر عدد منهم الفعالية احتجاجا على كلمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي يتهمونه بالفشل الذريع في تحقيق الأهداف الرئيسية المعلنة للحرب بالقضاء على حركة المقاومة الإسلامية حماس واستعادة الأسرى وقد حاولت العائلات منع الوزراء وأعضاء الكنيست من إلقاء خطاباتهم امام الحاضرين
ما جرى في باحة مقبرة أسدود عند دخول اتيمار بن غفير وزير الأمن القومي لحضوره حفل تأبين يخص أقارب الجنود القتلى كان مختلف فبينما كان الوزير اليميني المتطرف يمشي على المنصة تعرض لهجوم لفظي حاد حيث صاح أحد الحضور بصوت مرتفع قائلاً له ( اخرج من هنا أيها المجرم ) فيما قال آخر ماذا ( تفعل هنا يا مجرم ) ثم تعالت صيحات الاستهجان والتوتر بين الحضور وفي الاثناء وقعت مشادة بين أشخاص حاولوا الدفاع عن بن غفير لتتطور الى مواجهة جسدية واشتباكات بالأيدي بين الطرفين في مرخلة ووقت تواجه فيه حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو مواقف صعبة ومحرجة من قبل أوساط عديدة على خلفية الحرب في غزة وارتفاع عدد الجنود القتلى إلى جانب الفشل بإنقاذ الرهائن المحتجزين رغم مرور أكثر من 7 أشهر على هجوم الـ7 من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي
بن غفير الوزير المتهور زعيم حزب القوة اليهودية اليميني المتطرف الذي تم تأسيسه في العام 2015 يعتبر مسئول إسرائيلي وعضو في ائتلاف رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو بدرجة مجرم حرب وسجلّه الجنائي حافلٌ بتهم الإرهاب منذ شبابه حين كان داعيةً بل ومنظّما لعدة مجموعات مسلحة كانت تحرض المستوطنين على ترهيب الفلسطينيين والتنكيل بهم وقد تم توجيه تهم له أكثر من 50 مرة بارتكاب أشكال مختلفة من التحريض وممارسة العنف حيث أُدين بمحكمةٍ إسرائيليةٍ مرتين بتهم الإرهاب وهو بطبعه مجبول على الفاشية والعنصرية وقد صنف كأشد المتطرفين داخل حكومة الاحتلال الإسرائيلي التي يقودها بنيامين نتنياهو حيث يرفض أي فكرة عن اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وتسكنه أيديولوجية الأبارتايد والكراهية تجاه الفلسطينيين والعرب الإسرائيليين
الصهيوني بن غفير متعطش للدماء ويعشق القتل وارتكاب المجازر ينتمي إلى حزب كاخ الراديكالي المحظور الذي أسسه مئير كهانا والذي يدعو إلى طرد العرب وتحويل إسرائيل إلى دولة يهودية بالكامل باعتماد العنف ونشر الفوضى في تنفيذ مخططاته وأيديولوجيته وفي اكثر من مناسبة ظهر بن غفير يتفاخر بقتل الأطفال خاصة بعد قتل جنود الاحتلال الطفلين رامى الحلحولى 13 عام من مخيم شعفاط فى القدس وقصي معطان 19عام خلال هجوم إرهابي للمستوطنين على بلدة برقة شرق رام الله وقد طالب مرات عديدة منح القتلة اوسمة تقدير وتوفير الحماية الشرعية والقانونية للمجرمين كما دعا أعضاء حزبه لضرب الفلسطينيين بالسلاح النووي وظل متسمك بمخطط التهجير وإقامة المستوطنات وقد تشدد بمنع دخول المسلمين للأقصى خاصة في شهر رمان المبارك
منذ توليه وزارة الامن القومي الصهيونية تحكم في الكثير من السياسات التي مست عصب حياة المواطنين الفلسطينيين والأسرى داخل السجون والمعتقلات الإسرائيلية ليحقق هدفه الاستراتيجي بإقامة دولةٍ توراتيّةٍ من النهر للبحر على اساس التفوّق اليهوديّ تحكَم وفق الشريعة اليهوديّة كما نادي في كل خطاباته وتصريحاته بإعادة بناء الهيكل الذي دمره الرومان في العام 70 بعد الميلاد
خلال حملته الانتخابية تعهد بن غفير بإصدار أحكام إعدام ضد الاسرى منفذي العمليات الانتحارية وتغيير تعليمات إطلاق النار واعطاء الحرية التامة لضباط وأفراد الشرطة والمستوطنين باستخدام السلاح بل ومنحهم الحصانة الكاملة وقد كرر الطلب من القوات الإسرائيلية بالعودة الى احتلال قطاع غزة والبقاء فيه حتى بعد انتهاء الحرب وبناء مستوطنات إسرائيلية جديدة ولا زال حتى الساعة يرفض السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى المحاصرين في غزة حيث قال في تصريح مسجل له ( لن نسلم المساعدات الإنسانية للنازيين ) ولا يوجد شيء اسمه مدنيين غير متورطين في غزة كما عمد إلى تسليح آلاف الإسرائيليين ومنح 14 ألف رخصة سلاح دون رقابة في اقل من شهرين وبقي يدافع بشراسة عن انتهاكات المستوطنين ودعاهم الى تنفيذ مزيد الاغتيالات وقتل أكبر عدد من المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية كما وظف صلاحياته الوزارية لتعميق سياسات التطهير العرقي والقتل العمد وهدم المنازل وترويع السكان وغيرها
الملاحظ للمتابع انه خلْف كل مواجهات اندلعت مؤخرا في باب العامود أو المسجد الأقصى أو الشيخ جرّاح أو أم الفحم أو الخليل كان يبرز اسمه فيها وهو مفجر التوتر بالقدس والاقصى الشريف وقد عرف كمحامي بدفاعه المجاني عن الصهاينة المتهمين بمهاجمة وقتل فلسطينيين ولسنوات عديدة رفضت نقابة المحامين طلبه بالعضوية بسبب سجله الجنائي ولا زالت المعارضة تتهمه بمنع إبرام اتفاق مع حماس لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار عبر تهديده نتنياهو بالانسحاب من الحكومة وهو ما يعني إسقاطها
يذكر ان بن غقير المعروف بتصريحاته غير المسؤولة المعادية والمستفزة لمشاعر عموم الفلسطينيين يقيم في مستوطنة ” كريات أربع ” المقامة على أراضي الخليل بجنوبي الضفة الغربية وقد ولد بالقدس الغربية عام 1976 وهو ابن لمهاجرين يهوديَين من أصل عراقي من منطقة اقليم كردستان وينحدر من عائلة اصلا غير متدينة لكنه بقي يعتمر القلنسوة اليهودية على رأسه ومنذ سنوات المراهقة انضم ً إلى اليمين المتطرف الأكثر حقداً على الفلسطينيين و العرب وفي الثامنة عشرة من عمره عمل كمنسق للشباب الكهاني وقد أعفاه الجيش من الخدمة العسكرية بسبب ترويجه لأفكار تخريبية وهي شارة عار وطني ظل يرتديها حتى يومنا هذا
إيتمار بن غفير الذي تبدو عليه ملامح الطيش وعدم الاتزان العقلي يمتاز بالصلفٍ والغرور والعنجهية والوقاحةٍ غير معهود وبمرور السنوات اصبح شخصا يمثل وجه إسرائيل الاقبح الذي لا يريد العالم أن يراه وقد حذر رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت ( الذب لا يقل عته دموية واجرام ) منه قائلا إن بن غفير يشكل خطر وشيك على إسرائيل أكثر من إيران المسلحة نوويا
لكن ما لم يذكره أولمرت بدقة هو أن بن غفير لم يعد ظاهرة شاذة أو مجرد سياسي منبوذ كما كان في بداياته حيث تصدر المشهد السياسي العام وغدى بكل ووضح وجه التحول اليميني الحاصل في المجتمع الإسرائيلي على مدار خمسين سنة سابقة انتصرت فيه الأساطير والخرافات الدينية وتأججت مشاعر الحقد والكراهية والرغبة في الانتقام تماما كما كان يردد بن غفير ( المجرد من الرجولة والشرف ) في خطاباته وهو يوهم الاخرين بانه يقود إسرائيل إلى زمن الخلاص معتقدا أنه سيلعب دورا رئيس في تعجيل عودة ( المسيح المخلص ) لكنه لم يكن يعلم انه في الحقيقة كان يقود اسرائيل إلى حتفها بعدما أصبح صوته العالي وصراخه المنفلت على خصومه بتصريحاته المستفزة والمعروفة للجميع على الساحة السياسية الإسرائيلية نذير شؤم ومدعاة خوف وخطر
الادلة التي يعرفها الكثيرون عديدة ولا شك فيها بان قادة العدو ومواطنيهم كلهم صهاينة عنصريون وقتلة ومجرمون والارهاب متجذر في نفوسهم و عقيدتهم ولا يختلف بن غفير بإجرامه البشع والقذر عن غيره من الصهاينة القتلة الذين ارتكبوا المجازر الدموية الاجرامية ضد الشعب العربي الفلسطيني في دير ياسين عام 1948 وقبية ونحالين عام 1953 وكفر قاسم عام 1956والعديد من المجازر الاخرى في المدن والقرى الفلسطينية سابقا وحاليا في جنين نابلس الخليل والقدس وغزة وغيرها فالصهاينة كلهم إرهابيين وقتله ومجرمين وهم نسخة طبق الاصل عن بن غفير سواء كانوا مکشوفین ام مستترين
الحكومة الإسرائيلية الحالية هي الأخطر على الإطلاق حيث تتكون من المنظومة الارهابية التي تضم بن غفير وسيموتريتش المناصرين لمجموعات المستوطنين الإجرامية والداعين لقتل الفلسطينيين، وحرق قراهم ومدنهم وبما يوضح بشكل جليّ طبيعتها كحكومة قتل وتدمير وإرهاب، وبما يكشف استراتيجيتها القائمة على التهجير العرقي والتمهيد لتنفيذ حملات إبادة وقتل ضد الفلسطينيين العزل الذين يعانون كل يوم من جرائم وإرهاب عصابات المستوطنين المدعومة من قبل جيش الاحتلال وحكومته
لقد حان الوقت لتغير إدارة بايدن المتصهين مسارها وأن تدرك واشنطن أنها تتعامل مع عصابة من مجرمي حرب وفاطعي الطرق لا أقل ويكفي لإثبات ذلك قراءة عنوان في صحيفة “هآرتس” يتهم فيه مسؤولون كبار في الجيش الاسرائيلي الحكومةَ بتخريب جهودهم لمواجهة السلوك الإجرامي المتطرف للمستوطنين الذين يفعلون ما يحلو لهم في ظل حماية بن غفير وبتشجيع من أعضاء مجلس الوزراء ونواب التحالف وكثيرا ما يعطل السياسيون القوات الأمنية من إرسال تعزيزات إلى الضفة الغربية لمنع جرائمهم فضلا عن عدم السماح لهم بطرد المستوطنين الذين أقاموا بؤرا استيطانية غير قانونية كما كانوا يطالبوا قوات الأمن بعدم التدخل في نقل المعدات إلى المواقع الاستيطانية الجديدة
.
يجلس على قمة هرم هؤلاء المجرمين السياسيين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي شجع سموتريتش وبن غفير على التمادي والغطرسة وفي ذات السياق فإن الاسلوب الأميركي لمواجهة هؤلاء القتلة يجب ان يحتوي على أكثر من حرمانهم من الدعوات لحضور حفل ” كوكتيل” ولا بد ايضا ان يمتلك الرئيس بايدن وسائل لها تأثير أكبر بكثير من حجب الدعم عن بعض المؤسسات القائمة على الأراضي المحتلة او وقف شحنات بعض انواع الاسلحة رغم قناعتنا الراسخة بان واشنطن زوّدت وما زالت تُزوِّد الكيان بالأسلحة الفتاكة لقتل الفلسطينيين في قطاع غزة أوْ بكلماتٍ أخرى تخوض العدوان ضدّ غزة كشريكةٍ فعليةٍ لدولة الاحتلال
المشروع الكولونيالي العنصري المتطرف الذي يقوده بن غفير يحرض على العنف المطلق والقتل العمد ويأخذ المجتمع الاسرائيلي الى أقصى التطرف وإلى قاع الوحشية ووحل الانتقام وهو بذلك ُيمثِّل الوجه الحقيقي للنظام السياسي الصهيوني في الوقت الراهن خاصة وان إسرائيل ربما تكون الدولة الوحيدة التي استطاع إرهابيون ومجرمو حرب أن يصلوا فيها إلى قمة هرم السلطة وأن يقودوا حكوماتها عبر مراحل زمنية مختلفة حيث ينطبق هذا على مناحيم بيغن وأرييل شارون وشامير وباراك ورابين ونتن ياهو وغيرهم
اذكر انه عندما سئل عامي أيالون الرئيس السابق لجهاز الأمن الداخلي الاسرائيلي الشاباك خلال مقابلة له مع قناة إيه بي سي الأمريكية عن مدى قوة بن غفير وسموتريش أجاب بدون تردد هما ” إرهابيان يهوديان مسيحانيان ” وأضاف وهو من داخل جهاز القمع الإسرائيلي المشهور قائلا لو كنت أنا فلسطينيا لحاربت إسرائيل من أجل حريتي وهذا بالطبع الذي لا تزال السلطة الفلسطينية ترفضه وتعتقل من يرفع السلاح ويقاوم الاحتلال
مرات عديدة اكدنا بان وحدة الشعب العربي الفلسطيني بكل فصائله واحزابه في مواجهة العدو الصهيوني الغاصب المحتل ومواجهة ما يسمى بالمشاريع الامريكية الصهيونية المعادية للشعب الفلسطيني والأمة العربية والتركيز على نهج المقاومة ضد العدو والتطبيع مع كيانه الاجرامي هي الضمانات الوحيدة للصمود والانتصار واستعادة الحقوق الفلسطينية المغتصبة
بناء على كل ما سبق نجد ان المطلوب اليوم من المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرة توقيف وجلب بحق بن غفير المجرم عراب التحريض كما يطلق عليه بعض الصحافيين الإسرائيليين ومعه باقي اركان العصابة الصهيونية المتمردة على القيم والقوانين والأعراف الدولية وعلى راسهم المجرم النتن ياهو باعتبارهم يحرضون على ارتكاب المزيد من الجرائم بحق ابناء الشعب الفلسطيني الاعزل ويتفاخرون بها علناً ويشكلون حاضنة سياسية وقانونية لعناصر المستوطنين الإرهابين
السؤال هل هناك أكثر بشاعة من هؤلاء السفلة القتلة وفي المقابل على المجتمع الدولي مقاطعة الحكومة الاسرائيلية الحالية ومحاصرتها وفرض العقوبات الرادعة بحقها لما تمثله من خطر داهم على الشعب الفلسطيني ومقدساته وتهدد من خلال جرائمها الإرهابية المتكررة السلم والأمن الدوليين بل وتهدد الإنسانية البشرية كلها لما تحمله من فكر شيطاني وإجرامي منطرف
في الختام من الطبيعي في سياق كهذا وفي اطار ردنا على السؤال عنوان المقال بأن يكون وصف بن غفير بأنه مجرم ابن مجرم صحيح وفي محله تظرا لتطرفه المفرط وهمجيته الكريهة وجرائمه البشعة الموثقة والمنقولة على الهواء المباشر وانها خطوة غير كافية بكل تأكيد دون رؤيته بن غفير خلف القضبان او صريعا مضرج بالدماء كما حدث لوزير السياحة الاسرائيلي رحبعام زئيفي عام 2001 كطريق وحيد للانتقام لدماء الشهداء وتضحيات ابناء الشعب الفلسطيني الباهضة