د. ماهر عامر
أمد/ بدء الجدار الحصين للهيمنة الصهيوني بالتصدع في طريقه الى الانهيار في سابقة تاريخية وعلى جميع الأصعدة في حلقات متتابعة بدأت بكشف زيف الرواية الصهيوني والتي بنيت على خرافات واساطير، مرورا بكشف زيف ما يسمى بواحة الديمقراطية في غابة الشرق الأوسط واسطورة الجيش الذي لا يقهر والأكثر أخلاقية، ومرورا بالحق المزعوم بدولة يهودية تقوم على نفي الآخر من خلال الترحيل والاحلال، هذا التغيير بدأ يأخذ مجراه في كل العالم واعتقد انه يدق آخر إسفين في نعش المشروع الصهيوني ، وهو يترجم لأول مرة في أروقة المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية وتباعا في الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية، بل وفي مركزية القضية الفلسطينية في كل المجالات السياسية في أروقة برلمانات الدول والجمعية العامة للأمم المتحدة وفي الأوساط الأكاديمية والثقافية في ثورة الشباب والطلاب على امتداد جامعات العالم والاقتصادية في المقاطعة لدولة الاحتلال ولداعميها، وانتقلت من حديث النخب إلى حديث الجماهير في ساحات العالم والتعامل مع دولة الاحتلال كعصابة متطرفة وعصابات إرهابية مطلوبة للعدالة الدولية. فطوفان الأقصى شكل منعطفا تاريخيا جعل العالم يدرك أن الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط لا يمكن ان يتم بدون احقاق الحقوق الفلسطينية المشروعة وفق القانون الدولي والقرارات الأممية والتي تنص على حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين وفق القرار194.
كل هذا بفعل صمود المقاومة والتضحيات الجسام لشعبنا التي قدمها وما زال يقدمها شعبنا في حرب الإبادة الجماعية والتي تستهدف محو الشعب وقضيته في ابشع حرب عرفها التاريخ، بغطاء ودعم من الولايات المتحدة الامريكية هذه الحرب والتي كشفت زيف وادعاء الولايات المتحدة الامريكية ودول الاستعمار الغربي التي طالما تشدقت بالغناء بالديمقراطية والقانون والعدالة وحقوق الانسان، وعند او محطة تظهر حقيقة هذا الادعاء وهذه الأكاذيب التي حاولت أمريكيا عبر سنوات تمريرها على العالم، فلم تتوان لحظة في التشكيك بالقانون الدولي بل والتهديد لأهم منظمة قانونية وهي المحكمة الجنائية الدولية إضافة الى محاولة تسويف وتمييع قرارات محكمة العدل الدولية والالتفاف على قراراتها، رغم انها استخدمت هذه المنظمة واستندت اليها في تمرير سياساتها وما زالت تستخدم مجلس الامن لتمرير سياساتها الاستعمارية وفرض هيمنتها على العالم، كما تحاول استخدام المؤسسات الدولية وفق رغبتها ومصالحها، ولكن العالم تغير ونقطة التحول هي القضية والحقوق الفلسطينية فأين نحن من كل هذا، على الصعيد الميداني هناك بطولة وصمود لم يشهد له التاريخ المعاصر مثالا، وهذا يتطلب تكامل ما بين الميدان والسياسية لتحقيق النصر وتجسيد الحقوق، لأن معايير التقييم للنضال ومقاومة المحتل لا تقاس بالحسم العسكري لوحده، وانما باستثمار الحق المشروع لمقاومة المحتل والصمود الأسطوري والتضحيات الجسام وتوظيف ذلك في المعركة السياسية وجني الثمار التي يستحقها شعبنا بعد هذه الملحمة البطولية بنيل حريته واستقلاله وكنس الاحتلال عن أرضه، واعتقد ان المطلوب لا يختلف عليه اثنا اذا عزلنا المصلحة الضيقة والفئوية المقيتة والنهج العبثي والراهن على الاخر.
فالمطلوب فلسطينيا تغليب المصلحة الوطنية وتجسيد الوحدة الوطنية فورا ووضع استراتيجية كفاحية ترقى الى تضحيات شعبنا وصموده في ارضه، هذا كفيل بقطع الطريق على كل المشاريع المطروحة ويشكل أرضية صلبة للحق الفلسطيني، بل ويجعل الجانب الفلسطيني يفرض شروطه ولا يمكن أن تملا عليه الشروط من أحد. وفي سياق ذلك مطلوب تنفيذ قرارات المجلسين المركزي والوطني ووضع آليات مباشرة وفورا لتطبيق ما صدر عن بيان موسكو واتفاقات المصالحة المتعددة. وفي جانب آخر وردا على سياسات حكومة اليمين المتطرف الإمعان في حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتهجير القسري وسياسة الضم والتوسع الاستيطاني وقرار فك الارتباط وقرصنة الأموال الفلسطينية، يستوجب من القيادة الفلسطينية اعلان بسط السيادة على كامل الأرض الفلسطيني ومطالبة العالم التعامل مع دولة فلسطين تحت الاحتلال، والتحرر الاقتصادي من خلال حسم القرار بالانفكاك والتبعية للاقتصاد الإسرائيلي، وفرض الولاية القضائية الفلسطينية على كامل أراضي الدولة الفلسطينية تحت الاحتلال. فعوامل القوة بأيدينا إذا أحسنا استثمارها وتوظيفها بأجندة فلسطينية فقط.