علاء مطر
أمد/ من المؤكد للجميع، أن تفاصيل المحادثات التي جرت بين حركة حماس وإسرائيل في القاهرة والدوحة برعاية أمريكية خلال الأشهر الماضية، لا يعلم بها سوى الجهات التي قامت برعايتها ومتابعتها، غير أن الحقيقة الراسخة للجميع، هي أن حماس ترتجف خوفا من فتح أبواب الجحيم عليها وعلى جميع قادتها في الخارج والداخل، بعد إطلاق سراح ما تبقى لديها من رهائن إسرائيليين، فإذا كان هذا حال حماس “المنتصرة” فكيف يكون حالها إذا انهزمت؟
إن قادة حماس الذين يتغنون بتصريحاتهم ليل نهار ويطالبون الناس في غزة بالصبر والصمود في وجه آلة الحرب الإسرائيلية التي لا ترحم، هم نفسهم “أصحاب مرج الزهور” قبل سنوات طويلة، تعارفوا على بعض يومها في جنوب لبنان بعدما أبعدتهم إسرائيل إلى هناك، واعتبروا غزة “كيكة” تم تقسيمها بينهم كأعضاء للمكتب السياسي للحركة، وتقاسموا المناصب فيما بينهم ولأحبابهم، منذ أن سيطرت الحركة على القطاع قبل 17 عاما، فذاق الشعب ويلات الحصار الإسرائيلي، والحروب التي لم تتوقف منذ ذلك الحين.
لو عدنا إلى الوراء قليلا، فإن وسائل إعلام حماس قد تفاخرت كثيرا بأن الحركة ذهبت إلى “مغامرة 7 أكتوبر” بعد تخطيط متقن وسنوات من الإعداد والتجهيز، لكن الصحيح هو أن الحركة وقادتها الميدانيين لم يضعوا في حساباتهم عواقب هذه المغامرة، حيث ردت إسرائيل بحرب إبادة مفتوحة، ودفع الشعب الفلسطيني في القطاع ثمنا فادحا لا يمكن لأي شعب في العالم أن يتحمله من إبادة وقتل وتدمير وتهجير، فيما تدفع حماس أيضا ثمنا لن يكون أقل من نزع سلاحها ونقل قادتها إلى خارج حدود القطاع، صحيح أن ذلك سقف عالٍ لمطالب نتنياهو شخصيا، لكن مجرد طرحه على طاولة المفاوضات هو هزيمة لحماس.
كما أن هذا الأمر وضع دولة قطر التي تستضيف قيادة حماس في حرج شديد، فبعدما دفعت ملايين الدولارات والكثير من التسهيلات للحركة في غزة، برعاية أمريكية وإسرائيلية، وجدت نفسها في موقف لا تحسد عليه أمام دول كثيرة في مختلف أنحاء العالم، وهي التي كان المطلوب منها أن “تروض” الحركة ودفعها في الدور بدائرة مرسومة لها، إلا أن عملية السابع من أكتوبر أعادت الحسابات في كل شيء، خصوصا وأن إسرائيل نجحت فعلا في التشهير بحركة حماس، وجعلها حركة إرهابية أمام العالم، في ظل وجود أخطبوط إعلامي كبير للوبي الصهيوني حول العالم.
قرابة الثمانية أشهر على حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة بحثا عن أسراها. ذلك عنوان لمحتوى مختلف، 100 ألف فلسطيني سقطوا شهداء وجرحى أغلبهم من الأطفال والنساء، من غير أن تشكّل مأساتهم سببا لأن تضغط الدول المؤيدة لإسرائيل على حكومة بنيامين نتنياهو لوقف حربها والاستجابة لدعوات هدنة مؤقتة أو دائمة تدفع عن أهل غزة شبح الموت وتعيدهم إلى التعايش المستمر مع مأساتهم.
إن إسرائيل قررت الاستمرار في مشروعها الهادف لاقتلاع حركة حماس من جذورها من أجل ألا يتكرر ما حدث في السابع من أكتوبر، لكن هل تنتصر إسرائيل أم حماس؟
لا أقول إن حماس خسرت الحرب بالرغم من أن ميزان القوى لا يميل إلى انتصارها أبدا، حتى في حال قررت إسرائيل وقف الحرب الآن، فإن غزة دُمرت وشرد أهلها وهذا بحد ذاته أكبر هدف لإسرائيل.. إن الناجين في غزة سيبقون مسكونين بحرقة ومرارة مَن فقدوا من أحبتهم وما فقدوا من حياة..
من المؤسف حقا أن تدعي قيادة حماس أن الحركة انتصرت في هذه الحرب الوحشية، إن هذا الأمر يشبه من يُقيم حفلة عيد ميلاده على أنقاض بيته ويدعي أنه مبسوط وهو ليس كذلك حقا، لأن حرب إسرائيل كانت شديدة القسوة على الشعب خصوصا، فهل ترحمهم حماس وتنزل عن الشجرة.. هذا ما أرجوه..