نافع حوري الظفيري
أمد/ لسنا نضرب في الرمل، انما نستند الى معطيات واقعية من خلال تاريخ الكويت الاجتماعي، اكان في العقود الماضية، او منذ اربعة قرون، كي نثبت ان الكويتيين اذا سنحت لهم الفرصة ابهروا الشعوب في كل المجالات، لكن بشرط ان تتاح لهم القدرة على التعبير عن ذاتهم.
من هذا المنطلق نقول واثقين: ان الكويت الجديدة بدأت تولد حالياً، وان على الجميع الخروج الى النور لممارسة ابداعاتهم المرهونة بمدى قدرة المسؤولين على تلبية متطلباتهم، وليس عرقلتهم.
فاذا كان المطلوب من المواطن ان يعمل حاليا في جو من الراحة التي اتاحتها اجراءات صاحب السمو الامير، فعلى مجلس الوزراء والوزراء ان يكونوا عند مستوى الثقة الموكلة اليهم من رئيس الدولة، وعند حسن ظن الشعب، فلا يجورون على المواطن، ولا يعرقلون مبادراته.
طوال العقود الماضية اثبت الشعب الكويتي انه يتجاوز سريعاً العراقيل، ويعمل على الابداع وفق المتاح له، لكن في السنوات الماضية انقلب الهرم رأساً على عقب، حين كانت الاختيارات تقوم على مبدأ شبهة تحقيق المصلحة الشخصية نسبة الى ما ساد من ممارسات حكومية اولا، ونيابية ثانيا، وليس العكس، لانه لو لم يكن الوزير، او المسؤول، ضعيفا في القرار، او متردداً لما افسح في المجال لتدخل الاخرين في عمله.
وكذلك لو لم تكن هناك رؤية منحرفة لمهمة النائب، والخلط بين النصوص الدستورية والممارسة العامة، لما تجرأ احدهم على خرق القانون عبر التغطي بالعزوة القبلية او الطائفية، وكان الانتماء الوطني، والمسؤولية الوطنية هما الاساس، لان التزام القانون والعمل وفق نصوصه، وبروحيته، هو عدوى، تبدأ من المسؤول وتصل الى المواطن، وعكس صحيح.
على هذا الاساس عندما تتحول الممارسة الوزارية حاليا الى فعلا يعول عليه، وتبدأ اعمال الوزراء تظهر على ارض الواقع، فإن هذا يترجم عند المواطن التزاماً بكل شيء.
وعندما تكون هناك مكافحة جدية للفساد، وعلى كل المستويات، ولا تكون انتقائية، عندها ايضاً تبدأ البلاد تتخلص من الامراض التي سادت في العقود الثلاثة الماضية.
في هذا الشأن علينا الاعتراف ان صدمة الغزو العراقي، ولدت ما يشبه عدم اليقين عند المواطن، خصوصا عندما تحولت فكرة ان السبعة اشهر المريرة، ومعاناتها حذراً اجتماعياً عاماً، تمثل بالتفكير جديا بالحصول على اكبر قدر من الثروة، والنزوح الى الخارج، لان الفترة بين عامي 1991 و2003 جعلت الحذر النفسي يتأصل.
وبعد سقوط النظام العراقي القديم، لم تكن هناك معالجات جدية للتلخص من هذا القلق، بل، للاسف، سار الامر وكأن شيئاً لم يحدث، وهذا ما شجع على الممارسات المنحرفة، والفساد في مختلف قطاعات الدولة.
في هذا الشأن طغت التيارات السياسية والاجتماعية على كل شيء، ولان لكل منها اهدافه، وايضاً المستفيدين منه، رأينا الفساد يعم البلاد، وكذلك اصبحت مقولة “هذا ولدنا” او “انا من طرف فلان” مفتاح كل شيء في المؤسسات العامة.
اليوم لدى الكويتيين الفرصة لبناء كويتهم الجديدة، والعمل على بناء اسوار عالية تقوم على اليقين ان هذه الارض وشعبها هما وطنهما النهائي، وانهم مطالبون بالعمل على اعادة بناء كل شيء، بدءاً من الطرق والشوارع، وانتهاء بالتعليم، وهذا يقوم على ثلاثية هي: الجدية في العمل الوزاري، والتزام الموظفين، وتنفيذ القانون، ليس بصرامة، انما بانسانية.
أيضاً لا بد من ضخ دماء جديدة في كل القطاعات، والاستفادة من الخريجين الجدد في كل المجالات، وليس عرقلتهم، لان ضخ تلك الدماء الشابة يعني القناعة اننا اصبحنا في مرحلة مغايرة، اما غير ذلك فلا طبنا ولا غدا الشر.
الكويت الجديدة تبدأ من هذا كله، وعلى هذا الاساس يمكن المراهنة على انه خلال الفترة المقبلة اما ان يكون الجميع في ورشة عمل، اجتماعي وثقافي وسياسي، واقتصادي، واما علينا ان نكف عن “التحلطم”، ففي كل وزارة جيش من الموظفين وعليهم اداء علمهم بما يفيد الشعب، فهل هذا كثير على الكويت؟
نحن لا نريد “كويتا جديدة” شعاراً على الاوراق الرسمية، انما نريد افعالا ترى بالعين المجردة، ويحكي عنها الجميع في الاقليم. اللهم احفظ الكويت.