ألاء ماجد
أمد/ على مدار ثمانية أشهر من الحرب على غزة، ارتكب الجيش الإسرائيلي العديد من المجازر المروعة بحق المدنيين العزل، ولكن ما هو واضح وجلي للجميع أن إسرائيل تعتبر عدوا واضحا متوقع منه هذه التصرفات، ولكن علينا كفلسطينيين أن نكون على قدر كبر من الوعي الذي يجعلنا أن ندرك أن بعض المجازر يتم ارتكابها ويستخدم الإعلام ديباجة “استهداف المدنيين” كالتي حصلت في رفح على سبيل المثل لا الحصر.
وإذا أردنا أن نفصّل ما حدث نجد أن إسرائيل استهدفت عناصر مطلوبة من حركة حماس كانت موجودة في الخيام، الأمر الذي يجعل الأسئلة مشروعة حول ماذا يفعل مطلوب لإسرائيل في الخيام بين النازحين؟ وما الذي يفعله؟ والكثير الكثير من الأسئلة.
في الحقيقة، نحن نُخفي في بعض الأحيان أن حماس تتعمد أن تصاعد ضرباتها من بين النازحين في خيامهم المتهالكة، حتى ترتكب إسرائيل بحقهم مجازر بشعة، وتكسب حماس تعاطفا دوليا بين الحين والآخر، والتي كان آخرها استهداف خيام النازحين بالقرب من “بركسات” الأونروا في رفح جنوب القطاع والتي راح ضحيتها عشرات الشهداء.
لهذا، لا تعير قيادة حركة حماس المتفردة والمتحكمة بكل شيء في قطاع غزة، أي انتباه لرأي الشعب الغلبان وقواه المختلفة، وتعتبر ألا قيمة لما يفكر به غيرهم من الفلسطينيين، بل ولا تعير أي انتباه للتهديدات الإسرائيلية، وتواصل استخدام الخيام تارة كمراكز عسكرية، لعقد اجتماعاتها والاختباء من القصف الإسرائيلي المستمر، وتارة للتغطية على منصات للصواريخ، مثلما ذكرت وسائل اعلام إسرائيلية وجيش الاحتلال.
الأسوأ من ذلك كله، هو ما كشفته وسائل اعلام عربية، أن قيادات وازنة من كتائب القسام كانت تتخفى بين خيام النازحين، وكأن الأرض ضاقت بما رحبت ولم يبق مكان لهم سوى خيام اللاجئين النازحين، الذين تدمرت بيوتهم وقتل أبناؤهم وجاؤوا إلى هذه الأماكن طلبا للأمان.
لكن، أين الأنفاق الضخمة التي كانت تتفاخر بها حماس، أين المخابئ السرية التي من الممكن أن تأوي هذه القيادات الوازنة من القسام؟ أليس من المعقول أن يكون لهم أماكن سرية بعيدة كل البعد عن الناس حتى لا تغتالهم إسرائيل؟ لكن لماذا أتساءل وثلة من القيادات العسكرية غامرت بشعب كامل في “غزوة” السابع من أكتوبر دون أي تفكير في عواقب هذه الغزوة على الشعب الذي لم يعد يجد طعامه أو شرابه؟ ليس غريبا من حماس أن تترك عناصرها أو قياداتها الميدانية بين الناس النازحين.
مازالت حماس مستمرة في اجترار شعاراتها القديمة التي عفا عليها الزمن، بدعوة شعبنا الذي يعاني الأمرين الى الصمود وتحدي الاحتلال والقتل والدمار والجوع، بينما قادتها بغزة يختبئون في الخيام، الأمر الذي يعيب الحركة قبل غيرها، فالأولى أن تكون الحركة التي كانت تتباهى بأنها منذ ثماني سنوات تعد العدة وتخطط لطوفانها، إعداد أماكن آمنة لقادتها بعيدا عن الأماكن المدنية، أو خيام النازحين، وعدم ترك مجالا لإسرائيل بمهاجمة هذه الأماكن المدنية أو الاقتراب منها أمام المجتمع الدولي، الذي يواصل الصمت أمام هذه الانتهاكات، لكن عجلة التاريخ لا ترحم ولا تقف وتتجاوز من يحاول وقفها.
استمرار حديث حماس وقادتها الهاربين الى الخارج، أو الذين يختبئون في الخيام، عن صمود شعبنا وتحديه لآلة حرب الإبادة الإسرائيلية أصبح استغباء للشعب وللعالم، واصبح يشكل اكبر ضرر للحقوق الوطنية الفلسطينية، لأن ما يجري هو ابادة للشعب الفلسطيني بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، فلا يمكن وصفه بغير ذلك.
لابد من وقف حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة بأسرع وقت وبأي ثمن كان، حتى لو كان تسليم كل الأسرى الإسرائيليين الموجودين في غزة، مقابل عودة النازحين الى بيوتهم في الشمال، وإدخال المساعدات وإعادة الاعمار، وتسليم حكومة التكنوقراط زمام الأمور بالقطاع، وقبل ذلك كله الاعتذار من الشعب الفلسطيني على كل ما حدث منذ تاريخ السابع من أكتوبر.
لكن، من يهاجم هذا الرأي ويعتبر كاتبه ضمن “الطابور الخامس” ويخوّن كل من يتجرأ على الحديث بالحقيقة، ويعتبره تبريرا لجرائم إسرائيل، ويعتبر بعض صواريخ حماس بديلا للرب الأعلى، فهو نفسه من يعطي إسرائيل سببا ومبررا للاستمرار في جرائمها وتهجير شعبنا من أرضه، فهو من يستحق أن نقلب الطاولة في وجهه ووجه أمثاله، لم يعد لشعبنا شيء يخسره.. أوقفوا الحرب أو ابتعدوا عن المناطق المدنية وخيام الغلابة واتركوهم وشأنهم، ففيهم ما يكفيهم من أوجاع وآلام.