حمادة فراعنة
أمد/ في إطار جهود اللجنة الوزارية المشكلة من عدد من وزراء الخارجية، بقرار من القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية التي عُقدت في مدينة الرياض يوم 11 تشرين الثاني نوفمبر 2023، التقى وزراء خارجية: السعودية وقطر ومصر والإمارات والأردن وأمين عام الجامعة العربية، التقوا مع مجلس الشؤون الخارجية لدى الاتحاد الأوروبي في بروكسيل يوم الاثنين 27 أيار مايو 2024.
وزيرنا المكرم أيمن الصفدي، خلص إلى حصيلة مفيدة مفادها: «لاحظنا تغييراً إيجابياً في المواقف الأوروبية إزاء العدوان على غزة، وضرورة التحرك بشكل فاعل لحل الصراع بكليته»، وقال: «رأينا تغييراً في مواقف أكثر وضوحاً تدعو إلى وقف العدوان، وفتح المعابر أمام إدخال المساعدات، ودولاً أوروبية تعترف بالدولة الفلسطينية، ونأمل أن نرى المزيد من الدول تتخذ مثل هذا القرار».
لا يستطيع المراقب القفز عن موقف البلدان الأوروبية الأربعة: بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، التي وقعت مع الولايات المتحدة البيان الخماسي لمرتين، والذي شكل غطاء سياسياً للعدوان والقصف والاجتياح الإسرائيلي لقطاع غزة، وبالتالي تراجع هذه البلدان عن مواقفها السابقة الداعمة للمستعمرة نحو التعاطف والتقدير والتفهم للمأساة الفلسطينية، لهو دليل ملموس لصالح فلسطين.
علينا أن نتذكر دائما، أن أوروبا هي التي صنعت المستعمرة الإسرائيلية على أرض الفلسطينيين، وهي تحتل كامل وطنهم، حيث لا وطن لهم غيره، كما تحتل أراضي الجولان السوري، ومناطق شبعا من جنوب لبنان.
عوامل عديدة صنعت تغيير الموقف الأوروبي عموماً، يقف في طليعتها:
أولاً البشاعة والإجرام والقتل العشوائي المنظم واستمرار المستعمرة في جرائمها واحتلالها.
والثاني النضال والتضحيات للفلسطينيين من أجل استعادة الحرية والكرامة.
ويبرز أهمية الموقف الأوروبي المستجد حينما نقارنه مع مواقف الولايات المتحدة وسياساتها المعلنة، لنلمس الفارق الجوهري بين الطرفين، والتطور اللافت بين الموقفين، فالولايات المتحدة ورئيسها يشجب قرارات محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية، ويعد مع توجهات الكونغرس، تقديم المساعدة والدعم والحماية للمستعمرة الإسرائيلية، بينما نجد قيادات أوروبية تعتبر قرارات محكمتي العدل والجنايات، مُلزمة يجب احترامها وتنفيذها.
سوء الموقف الأميركي أنه يرى الجموح والتطرف الإسرائيلي في عدم إعطاء أي اعتبار لموقفي وقراري العدل الدولية والجنايات الدولية، مما يُخل بمكانة هذه المؤسسات وشرعية وجودها وصواب قراراتها، ورفع إلزامية ما تُطالب به، مما يجعل موقف الولايات المتحدة وموقفها في حالة تورط، بل وشراكة مع جرائم المستعمرة، ويحررها من المسؤولية، والتهرب من العقوبات وعدم دفع الاستحقاقات المترتبة عليها، جراء الجرائم العلنية التي تقترفها، مما يُخل بالقوانين الدولية ويجعلها ليست ذات شأن، مع أن البشرية دفعت أثماناً باهظة في الحروب الكونية، حتى تصل إلى هذه الخلاصات القانونية والقيمية.
شعب فلسطين سينتصر في نهاية رحلة المستعمرة التي ستقع نتيجة تطرفها وجرائمها وعنصريتها، ولكنه سيقدم تضحيات متعاظمة كما يحصل حالياً، وهي تضحيات غير مسبوقة، ولم تعدها البشرية بهذا السوء وبهذه القسوة، وبهذا الانحدار الأخلاقي والإنساني والقيمي، والولايات المتحدة بدعمها وتغطيتها للمستعمرة تُساهم بمواصلة العذاب والجوع وفقدان مقومات الحياة بل وفقدان الحياة نفسها للفلسطينيين، الذين يحق لهم العيش بكرامة وسوية أسوة بكل الشعوب التي نالت حقها في الحرية والاستقلال.