عبد الباري فياض
أمد/
لم تنتهي الحرب على غزة بعد، وفي ظل استمرار القصف الوحشي على مخيمات رفح مازالت إسرائيل تطمح في تبعية القطاع إلى سيطرتها بعدما تدك أنفاق حماس وتعلن المنطقة خالية من الحركة تماما، لكن يبدو أن لأمريكا رأي آخر في هذه القضية لكنه يحقق في المقام الأول مصلحة إسرائيل.
جزء من السيناريو الأمريكي لمستقبل غزة بعد انتهاء الحرب، هو ما أعلنه البيت الأبيض بضرورة عودة السلطة الرسمية إلى غزة، فيبدو أن واشنطن تحرك خيوط الوضع في غزة عن بعد، فتراقب التوسع الإسرائيلي في رفح وتعطي الاحتلال الضوء الأخضر من أجل الوصول إلى أهدافه بمطاردة ذيول حماس وتحقيق أهدافه كاملة في القطاع، ليخلو الجو لهما بكتابة سيناريوهات مستقبل غزة وإملاؤه على الفلسطينين شاءوا ذلك أم رفضوه.
الولايات المتحدة الأمريكية هي اللاعب الرئيسي في حرب إسرائيل على حماس، فهي تزود إسرائيل بكل الوسائل العسكرية وتدعمها في خطة توسيع نطاق الحرب، وهي من تملك الحل والربط في مستقبل الدولة الفلسطينية وليس قطاع غزة فحسب، ومن الواضح أن إدارة جو بايدن قد درست تشكيل مجلس فلسطيني يضم فلسطينيين من غزة ليكون بمثابة مجلس حكم مؤقت، ومن بين السيناريوهات المطروحة أيضا إسناد الأمر إلى السلطة الفلسطينية تأتي عن طريق الإصلاح السياسي في محاولة منها- كما تقول- بتحقيق الانتقال إلى مرحلة اعداد خارطة طريق بعد انتهاء دور حماس في القطاع .
ومن ضمن الخطة الأمريكية، وجود سلطة فلسطينية متجددة لكن ذلك مشروط بتوليها الحفاظ على أمن إسرائيل، وتكون لها عدة مهام أولها الحفاظ على أمن إسرائيل، وكذلك إعلان غزة وفلسطين كاملة دولة منزوعة السلاح لمنع حدوث تكرار جديد لكارثة طوفان الأقصى في محاولة لإرضاء إسرائيل بعد فشلها الذريع في رسم مستقبل غزة وفقا لرؤية نتنياهو ومن معه من المتطرفين.
ويبدو أن قرب واشنطن من تل أبيب سوف يستمر خاصة مع قرب الانتخابات الأمريكية الذي يشكل فيه اللوبي الإسرائيلي ضغطا كبيرا، كما يحرك الخيوط في بعض الولايات والذي بدوره يرجح كفة مرشح عن آخر، ورغم رغبة بايدن في سقوط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقدوم قيادة جديدة أفضل من الائتلاف اليميني الحاكم حاليا إلا أنه يمارس معه في الوقت الحالي ألعابا نفسية لكنه لا يرفع يده عن الدعم العسكري مهما كانت ضخامته وطول مدته.
نتنياهو أبدى رفضه الكامل وبدا تصادميا للدرجة التي جعلت ادارة بايدن تتخد موقفا حاسما منه ومن العلاقة التاريخية التي تجمع واشنطن بتل أبيب وقد بدى ذلك واضحا عندما توقفت عن استعمال الفيتو، هذا الفتور في العلاقات الأمريكية الاسرائيلية قد يشير إلى قرب انتهاء حكومة بنيامين في حال ما اذا بقي بايدن في السلطة لولاية رئاسية جديدة، وهو ما سيفتح الباب لإجراء انتخابات إسرائيلية مسبقة بضغط أمريكي قد تبحث عن شخصية قادرة على طي صفحة السابع من أكتوبر وتوقف الانتقام الإسرائيلي من حماس ومن قطاع غزة وتعيد العلاقات مع مصر الى مستوى ماكانت عليه قبل الحرب .
لكن في نفس الوقت، مع قرب الانتخابات الأمريكية والحرب الإعلامية المشتعلة بين الرئيس الحالي جو بايدن، وسابقه المرشح الحالي دونالد ترامب، يبدو أن أمريكا ليس باستطاعتها تقديم شيئ للفلسطينيين إلا تصريحات صحفية تخرج من البيت الأبيض تساند إسرائيل من ناحية وتعشم الفلسطينين بغزة جديدة من ناحية ثانية، فهل ترسم فترة ما بعد الحرب مستقبل أفضل لغزة قد ينصف أهلها ؟؟