جهاد حرب
أمد/ أعلنت محكمة العدل الدولية عن انضمام دولة فلسطين إلى القضية المرفوعة من قبل دولة جنوب افريقيا بخصوص انتهاك إسرائيل لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، حيث قدمت طلب بالإذن وإعلان التدخل في الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل لمخالفتها اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها في ٣١ أيار /مايو الفارط. علماً أنّ دولة فلسطين انضمت لعضوية الاتفاقية أعلاه في العام ٢٠١٤ من ضمن عدد من الاتفاقيات التي وقع عليها الرئيس الفلسطيني آنذاك.
وإذ أشارت وزارة الخارجية في بيان لها على الموقع الإلكتروني للوزارة إلى أن “الطلب الفلسطيني يأتي في إطار التزام دولة فلسطين بمواصلة اتخاذ الخطوات القانونية كافة على المستوى الدولي؛ للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني ووقف جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكب بحقه، وكذلك في سياق التزام دولة فلسطين بالشرعية والقانون الدولي كأساس لإنهاء الظلم التاريخي والاحتلال الاستعماري ومساءلته عن جرائمه”، فإن التساؤل الذي يُطرح لما لم تقم دولة فلسطين بالمبادأة (وهو سؤال مشروع) برفع الدعوى الأصلية خاصة أنّها عضواً في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها؟!
فقد أتاحت الاتفاقية وفقاً لأحكام المادة ١١ للدول غير الأعضاء في الأمم المتحدة الحق بالتوقيع على الاتفاقية من جهة، من جهة ثانية أجازت أحكام المادة ٩ من الاتفاقية للأطراف الموقعة أنْ تعرض أياً من النزاعات المتعلقة بالاتفاقية أمام محكمة العدل الدولية “تُعرض على محكمة العدل الدولية، بناءً على طلب أي من الأطراف المتنازعة، النزاعات التي تنشأ بين الأطراف المتعاقدة بشأن تفسير أو تطبيق أو تنفيذ هذه الاتفاقية، بما في ذلك النزاعات المتصلة بمسئولية دولة ما عن إبادة جماعية أو عن أي من الأفعال الأخرى المذكورة في المادة الثالثة”. وهذه الأفعال هي: الإبادة الجماعية، التآمر على ارتكاب الإبادة الجماعية، التحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة الجماعية، محاولة ارتكاب الإبادة الجماعية، الاشتراك في الإبادة الجماعية.
يعني ذلك دون أن تكون هذه الدولة “دولة فلسطين” موقعة على النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية المحصور بالدول الأعضاء في هيئة الأمم المتحدة. واشتراط صدور قرار من الجمعية العامة بناءً على توصية من مجلس الأمن للدول غير الأعضاء في الأمم المتحدة للانضمام للنظام الأساسي للمحكمة وفقاً لأحكام المادة 93 من الميثاق، وهو شرط يشبه إجراءات قبول انضمام الدول في الأمم المتحدة.
في ظني أنّ دولة فلسطين أحسنت بأن دفعت باتجاه تبني دولة/ دول أخرى القضية مثل دولة جنوب أفريقيا ورفعها أمام محكمة العدل الدولية كي لا يأخذ النقاش منحى يتعلق بجدلية كون فلسطين دولة أم لا خاصة أن إسرائيل لا تعترف بها حيث سيصبح الأمر في هذه الحالة سجالاً سياسياً وليس قانونياً كما هو مطلوب من المحكمة من جهة، ويفقد زخم الجريمة “الإبادة الجماعية” ووقعها على المستوى الدولي من جهة ثانية، ويتيح لدولة فلسطين التحرك وتفعيل أحكام المادة الثامنة لذات الاتفاقية التي تنص “لأي من الأطراف المتعاقدة أنْ يطلب إلى أجهزة الأمم المتحدة المختصة أن تتخذ، طبقاً لميثاق الأمم المتحدة، ما تراه مناسباً من التدابير لمنع وقمع أفعال الإبادة الجماعية أو أي من الأفعال الأخرى المذكورة في المادة الثالثة” من جهة ثالثة، ويسمح لدولة فلسطين التخفيف أو تجنب الضغط الإسرائيلي الأمريكي المتوقع بتقويض جميع قدراتها المادية وتحركاتها السياسية الأخرى من جهة رابعة.