حمادة فراعنة
أمد/ رحب الرئيس الأميركي بايدن بإطلاق سراح الإسرائيليين الأربعة، ووعد بالعمل لإطلاق سراح الآخرين، ولكن استشهاد 210 مدنيين وإصابة 400 من الفلسطينيين لم يتوقف عندهم، لم يُواسي عائلاتهم، لم يذكرهم، وكأنهم بلا قيمة، ليسوا بشراً، لا عائلات لهم كما الإسرائيليين، عائلاتهم ثكلى وقعوا بالحسرة والحزن والفقدان، وعائلات الإسرائيليين أصابهم الفرح والبهجة، وفرح الرئيس بايدن لفرح الإسرائيليين، ولم يتوقف ولم يتأثر لحزن الفلسطينيين، وقسوة مأساتهم.
قيادات العالم الرأسمالي الغربي تنظر لتفوق الإسرائيلي حتى ولو كان عنصرياً فاشياً يكره الآخر ويدوسه ويحتل أرضه ويصادر حقوقه، فلا يأبه، وينظر لنضال العربي الفلسطيني المسلم المسيحي، من أجل حقه في الحرية على أنه تطرف، إرهاب، عمل غير مشروع، ومن هنا تبرز أهمية انتفاضة طلبة الجامعات الأميركية والأوروبية لصالح شعب فلسطين والتضامن معه، وضد مستعمرة الإسرائيليين ورفض سلوكها بعد كشف حقيقتها وتعريتها كمستعمرة تمارس القتل الجماعي والإبادة والتطهير العرقي.
يحتفل نتنياهو ويبتهج لإنجاز عملية إطلاق سراح الإسرائيليين الأربعة، ونجاحها، ولا يتأثر على جريمة قواته بقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين وتدمير حياتهم وجعل أرضهم غير صالحة للحياة.
عملية إطلاق سراح الأسرى، عملية طبيعية في مسار الصراع، شكلت مكسباً معنوياً للإسرائيليين، وإحساساً بالغفلة للفلسطينيين، ولكنها حلقة من سلسلة متصلة من الإنجاز والإخفاق، على قاعدة الصراع لن تكون نهايته سوى الانتصار لعدالة النضال الوطني لشعب فلسطين والتراجع والهزيمة لمشروع المستعمرة، لأنها قامت على الباطل ولا تزال، رغم التفوق الذي تتمتع به، ولكن الاستعداد للتضحية لدى الفلسطيني الذي لا يجوز له سوى تقديم التضحيات ثمناً لاستعادة الكرامة والحرية والوطن، والظلم مهما بدا قوياً متمكناً ولكن نهاياته الخزي والعار بالهزيمة كما كل المستعمرين: بريطانيا التي لم تكن تغرب الشمس عن مستعمراتها، وفرنسا التي غاصت في غابات إفريقيا، والولايات المتحدة في جنوب شرق آسيا، والاتحاد السوفيتي في أفغانستان، وإيطاليا وبلجيكا وإسبانيا، جميعهم نالوا ما نالوه من ضربات شعوب العالم الثالث في معارك الحرية والاستقلال.
يقظة الشعوب الأميركية والأوروبية لصالح فلسطين وضد المستعمرة، تحول تدريجي استراتيجي مهم، سيعجل من عزلة المستعمرة وكشف حقيقتها، والخطوة الأكثر أهمية المطلوبة والمنتظرة هي يقظة المجتمع الإسرائيلي الذي ما زال غارقاً في الوهم والتفوق والعزلة عن معاناة الفلسطينيين، وممارساً أقصى معايير العنصرية والإنحياز للأحزاب السياسية اليمينية المتطرفة وللأحزاب الدينية اليهودية المتشددة، وهي بهم ومعهم ستنال ما تستحق من العار ومزبلة التاريخ.