حمادة فراعنة
أمد/ في خطابه بمناسبة مرور ربع قرن على تولي رأس الدولة مهامه الدستورية، خاطبنا جلالة الملك بقوله: « هذا هو الأردني الذي أباهي به العالم»، ونرد عليه أننا أيضاً:
نتنباهى بك، أمام أنفسنا، وأمام العالم.
إنسان متواضع، قائد مهيب، مصحوباً برفعة هاشمية نبيلة، نلتقي به، متمسك بما يرى أنه مصلحة لنا ولشعبنا ولبلدنا في الاقليم المتقلب الساخن، ونحن مستقرون في أمن وسلام، وتعددية، وهامش واسع من حرية التفكير والاختيار والتصرف.
له مكانته المرموقة في أميركا داخل مؤسساتها، ولدى أوروبا وتعددية أنظمتها وبلدانها، رغم أننا بلد صغير محدود الامكانيات، ولكن الفعل والتأثير أكبر من حجم أي دولة ذات إمكانات.
حينما أعلن الرئيس المهزوم ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة للمستعمرة في 6/12/2017، رفض الأردن الموقف الأميركي، وحينما أعلن صفقة القرن يوم 28/1/2020، مع نتنياهو رفض الأردن الصفقة وتبعاتها، رغم أن ترامب مُهاب من العالم، ورغم أن أميركا تقدم لنا مساعدات تتجاوز المليار دولار سنوياً، رفض الأردن مواقف ترامب بشجاعة وبدون تردد.
وحينما سمح نتنياهو للوزراء ونواب الكنيست بدخول ساحات المسجد الأقصى عام 2018، رد الأردن عليه بإلغاء ملاحق معاهدة وادي عربة، كرسالة تحذير أن المعاهدة أيضاً غير مقدسة، طالما أن المستعمرة تخرق بنودها وتمس مضامينها.
في أحد اللقاءات الخاصة بحضور عدد محدود من زملائي الكتاب، قلت له وأمامه: « سيدي أنا متعصب لفلسطينيتي، فرد عليّ باحترام وقال: أعرف ذلك، وأتفهمه، ولكنك لست وحدك، بل نحن معك، من المتعصبين لفلسطين».
ككتاب لدينا ما نقوله ونكتبه، ويُسرُ لنا بمعلومات خاصة، ويعرف أننا لا نحفظ سراً ولكن يقول لنا لا تنسبوه لي، وهو يريد لنا أن نعرف الوقائع والحقائق كما هي، حتى نستفيد منها ونكون أقرب للفهم والاطلاع والمعرفة، وكثيراً ما نُصيب ونُخطئ، وها هو في خطابه لنا يقول:
«خمسة وعشرون عاماً لم تخلُ من التحديات، واجهنا خلالها تبعات حروب وأزمات… ولم نتردد يوماً، واجتهدنا: نجحنا وأخطأنا» ولذلك حينما نكتب نجتهد، وقد نُصيب وقد نُخطئ، ولهذا لا أحد يلومنا حينما ننتقد ونُعارض ونمارس الاحتجاج في كتاباتنا.
اليوم ينعقد مؤتمر لأجل غزة في البحر الميت، بشراكة مصرية وأممية من قبل الأمم المتحدة، وقد أحتج البعض من القيادات الفلسطينية لعدم مشاركة منظمة التحرير أو سلطتها الوطنية في التحضير والشراكة، وطالب بمقاطعته «ما لم تكن دولة فلسطين جزءاً أساسياً في تنظيمه وليس ضيفاً عليه» وذلك على خلفية القلق من تراجع مكانة المنظمة وسلطتها، ورغم أن قلقهم مشروع، ولكن دعوتهم للمقاطعة ليست في مكانها، ذلك لأن المؤتمر ليس فلسطينياً حتى تشارك في إدارته دولة فلسطين، بل هو مؤتمر أردني مصري أممي تضامني من أجل فلسطين ودعمها واسنادها لمواجهة أعباء الاجرام والقتل والتدمير والاحتلال الإسرائيلي في غزة وسائر فلسطين، والرئيس الفلسطيني سيكون حاضراً وشريكاً بما يليق به، وقد عُقدت اللجنة المشتركة العليا الأردنية الفلسطينية في عمان يوم 3 حزيران 2024، وقد كان المؤتمر التضامني على جدول الأعمال والنقاش، ونال الرضى والاستحسان ببرنامجه وأهدافه بين رئيسي الوزراء.
المؤتمر قوة لفلسطين أن الآخرين من الأشقاء والأصدقاء يتفاعلون مع ما يجري في فلسطين، ولا يوجد أية نوايا، للمس بمكانة التمثيل الفلسطيني، بل وغير مسموح بذلك أردنياً: رسمياً وشعبياً.
الأردن كان وسيبقى ثابتاً في هذا الموقف لأن مصلحتنا تكمن في هذا الخيار حتى تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في العودة والحرية والاستقلال في وطنه وعلى أرضه.