أمد/
“جئت ألقي نظرة على بيتي،هذا المكان الذي تسكنه هو بيتي أنا، ووجودك فيه مهزلة محزنة ستنتهي ذات يوم بقوّة السلاح. تستطيع،إن شئت،أن تطلق عليّ الرصاص هذه اللحظة،ولكنه بيتي.”
غسان كنفاني
(عكا-9 أفريل 1936-بيروت 8 جويلية 1972 )
إلى غسان كنفاني في رحيله القَدَري
“الثوريون الأفذاذ كالأوطان..لا يموتون..”
..من يدقّ باب الرّوح
في خفوت الشمس والضّــــــــــوء
من يطهّر الجسد من دنس الركض
خلف صهيل الـرّوح
من يمنح حبّة قمح
تعبق بعطر الأرض
ليمامة تاهت
في رعب السكون الهائم
من يجفّف الدّمع..
والمحزونون
في سبات ملء الجفون
أوغلوا في الدّمع في لحظات الوَجْد
فأنطفأ الوجع..
إلى أين تمضي في مثل ليل كهــذا !؟
والكلمات التي تركتها خلف الشغاف
تشعل شرفاتها
منارة
منارة
ولا يكتمل المكان..
تمنيتَ لو كنتَ نورسا على شاطئ غزّة
كي تعيد ارتحالك..
كلّ يوم في المياه
تمنيتَ لو تجعل من دموع الثكــــالى
قاربا يجتاز العتمة..
كي يرسي على ضفّة مرهقة
تحتاج يد النهر كي تعبـــــــره
تمنيتَ لو يتوقّف..الزّمان
لحظة أو أقل
كي تعيدَ ترميم الحروف
كي تسير بكل،فجاج الكون
بغير جواز سفر
كي تروح بنوم مفتوح الرّوح..
يفيق على جمرة سقطـت
فوق شغاف القلب..
تمنيتَ لو تبرق للبعداء جميعـــا أن:
عودوا..أعطوا-لغسان*-بعض وطن !!
ها أنتَ تئنّ
وتئنّ
إذا استرجعت غربتك من تيه الضجّة
وعدت بلا وطن
إلى أين تمضي في مثل ليل-عربيّ-كهذا ؟
إلى أين تمضي..بعربات الصّبح المبكــــرة..؟
ها أنّي أراك تلوّح للأمكنة الأمامية
وهي تغيب..
ثمة نورس يتلاشى
في الأفق البعيد
ثمة وجع بحجم الغيم
يتمطى في اتجاهنا
عبر الضفاف
ثمة شيء ما ينكسر
يتهاوى
ولا يصل المكان
ها أنّي أراك في هدأة الصّمـــت
تنبجس من اختلاجات العزلـــــة
تنبثق بياضا ناصع العتمة..
من عتبة القلب
نهرا
تجلّله رغوة الإنتظار
أراك..نهرا
تعتعه الرّحيل..فتهاوى
في أفلاج جفّ ماؤهــا
ها أنّي أراك،تعبر ممرّات الذاكرة
تترك حنجرتك زهرةَ بنفســــــج
تلج حجرات الرّوح
تاركا خلفك..
صهيل الرّيح
كي لا ينهمر..الوجــــــع
ويسطو على ما تبقّى..من مضغة القلب
سخط الزّمان..