أمد/
ورد زاهي في نظر أمه، رائحته تمدها بالحياة، روت أيامه ثانية بثانية بنظراتها، تحرس تطور بنيته الجسدية، والفكرية، تبتسم لخفة ظله، لجدية مواقفه، لنجاحاته.
مستيقظة، نائمة، وفي كل وقت، لم تفتها تخيلاتها بأحلام يقظتها من رقص الأمهات وزغاريدهن بفرحتهن بعرس بِكرهن وهو فارسا على حصانه الأبيض أتيا بعروسه.
عاشت حياتها تسمع أغنية جميلة تُطَير روحها بعذوبة لحنها: ” ابنك وسبم، ناجح، مؤدب، إلى أن صعقوها رغم إيمانها بوقع الأقدار:” ابنك نال الشهادة لا تحزني.
انتشلوها كميتة، خمد الحزن على أنفاسها.
قمرها ساكنا أمامها، لا حراك، لا يمد يده ليشاكسها.
تلعن كل شيء أمام عجزها عن إعادة نبض شفتيه، ليبادلها قبلته المعهودة لها، وهي تهم بتقبيله كعادتها..
انتزعوها من حضنه الساكن، مصبوغة بدمه، ونظراتها كارهة لكل الأيادي حولها، انتزعوه من حضنها، معلنين إغماض عينيها أمام عينيه المفتوحة بنظرات ثابتة، يلوحُ منها إعلان انتهاء رحلة ترقبها لفارسها الطفل المدلل مهما كبر.
دوت صرختها في السماء الباكية، على غفلة:” لا تقنعوا الأمهات بالجنة وحورها ونعيمها، مقابل سكون روحهما في ثراه، دون تبادل القبلات.
كل النعيم جحيم أمام سكون نبض القبلات.