أمد/
لا تكاد تخلو جلسة أو لقاء بين الأصدقاء من حديثٍ عن ما يجري هذه الأيام، وعن ما وصلت إليه الأحوال بعد سنواتٍ من تنفيذ مخطط الانقسام والخراب الصهيوني، والذي عشناه جميعًا، فالبداية معلومة للجميع، إلى آخر ما حدث .. و النهاية محرقة و نكبة كبرى، في هذا البلد “المنكوب”.
وكما ينشغل الإنسان بالدنيا عن الدين فيكون من الغاوين، انشغل أهل- شبه حكم – من موالسة الخراب واتحاد ملاك القضية طوال الأعوام الماضية بالمصالح عن المنافع العامة . منهم من شغلته القيادة والزعامة، ومنهم من شغلته السلطة النفوذ، ومنهم من انشغل بالمال والسيطرة، وجمع الضرائب الغير شرعية، واكل أموال الناس بالباطل، ومن أغواهم كرسي الحكم وصولجان السلطة ومنافعها ومغانمها عن ما ينفع الناس، فكان أن ضل جميعهم السبيل.{كَذَٰلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ}
وكان واضحًا، بالنسبة لي على الأقل، أن الوجوه التي كانت قد تصدّرت المشهد مأجورة ومدفوع لها جيدًا لتخريب القضية و البلد ومؤسساتها وإبقاء النيران مشتعلة، وهو ما ثبتت صحته بعد ذلك، وقد صلوا إلى الحكم ومعهم أسباب وعوامل فشلهم وانتهاء تجربتهم بالمحرقة، وهو ما حدث بالفعل. وإن كان البعض لم يفتح ملفات تلك الفترة حتى اللحظة.
ثم قلت: القادم اكبر مما يتخيله أحد، وعلى جميع من يعتقد انه خارج اللعبة سيكون هو المرمى نفسه؛ وتذكر أن الظلم و الفساد و الفوضى منذ تنفيذ مخطط الانقسام والخراب الصهيوني هو ما أوصلك إلى ما أنت فيه اليوم، تذكر أن الظلم و الفساد و الفوضى بعد تنفيذ المخطط، و ما قبله هو ما أوصلك إلى ما أنت فيه اليوم، وقبل أن تنتقد و تلوم من يقوم بتشويه صورة القضية الشريفة العادلة في الإعلام و مواقع التواصل، تذكر أن ظلم أشباه سلتطين، و تخلف البعض هو ما قدم المبرر و المادة المناسبة للتشويه والصمت او السخرية.
و قبل أن تلوم العرب والعجم والهند والسند أو الكيان وأمريكا على سخريتهم منك و تشويههم المبالغ فيه لك و قتلهم لإخوانك عليك أن تسأل نفسك، لماذا لا يستطيعوا عمل نفس التصرفات نحو البلاد الأخرى و الشعوب الأخرى؟ قبل أن تبكي على حالك البائس و ضياع حياتك في المحرقة تلو الأخرى، و بؤس و فقر، و خوف؛ تذكر أنك لم تسعى لتغيير المنكر و الأخذ بالأسباب بأقصى ما تستطيع في حدود إمكانياتك. بالقول ولا بالفعل و لا حتى بالقلب!
و كنت و لا تزال تنتظر المعجزة و الحلول من الخارج و من الطرف الثالث و أي كائن أو كيان غيرك أنت، وقبل أن تلوم الأخرين. أنظر الى حالك أنت و أفعالك أنت و إسأل نفسك، هل فعلا عملت ما عليك؟ أم أنك تستحق ما أنت فيه؟ و أنك أنت من صنعت البيئة المناسبة للوصول الى هذه الفوضى و هذا الضياع والخراب.
قال: في الأيام الأولى لتنفيذ مخطط الانقسام والخراب الصهيوني، وما تبعه من نتائج كارثية، محارق ومجازر أبادة وخراب شاملا ، كان تقديري الذي ثبت خطؤه هو أنه لن يعيش طويلاً ، لكن صديق عزيز أكثر واقعية قال لي العكس تماماً ، هذا المخطط هو رأس جبل الجليد، و سوف يعيش أكثر مما يتوقع منفذيه، كثيراً
جداً..لسبب بسيط، أن موالسة الخراب،
و بتعاون مع أتحاد ملاك القضية، موقفهم موحدة متماسكة، أما خصومه فهم إما قوى حزبية ظلامية منغلقة في أصل تكوينها الفكري والسياسي والتنظيمي، أو قوى نخبوية هامشية هشة ضعيفة لا وزن لها في الشارع والجميع منقسمون متشرذمون، خصوماتهم فيما بينهم أشد من خصوماتهم مع الخارج؛ ومن ثم فمناخ الانقسام والتناحر، والتشرذم مناسب لأي احتلال أن يبقى.
فالتخطيط للفساد واستمرار مخطط الانقسام اصعب و ادق من التخطيط للاستقلال، واستمرار تسلطهم وانفرادهم الحزبي، بعد أن بالغت سلطات أتحاد ملاك القضية، ومعم موالسة الخراب، في فرض قوتهم وسيطرتهم على كل جوانب المشهد، يتحكمون في رقبة البلاد ورقاب العباد. فتحولت القوة إلى مصدر ضعف شديد وباتت كل وحدة من الاخرى خائفة من كل ما فيها، وتغلبت عليهم الطموحات الشخصية وغابت عنهم الأوليات، باستثناء طموحات الحكم الأبدي الذي لا ينتهي، فكان هذا الذي نعيشه. وبات علينا أن نختار دومًا بين السيء والأسوأ؛ و زي ما أنت شايف.. الشعب هو الحيطة المايلة للسادة أتحاد ملاك القضية، ومعهم موالسة الخراب!! دكاكين و احزاب يقتصر أنصارهم على المؤلفة جيوبهم..حاجة بقت تقرف.
قلت له: الشهد أن مخطط الانقسام والخراب الصهيوني هدمٌ واضح ومرصود لتدمير القضية، وتخريبٌ صارخٌ للمستقبل. هدمٌ ماديٌ وهدمٌ معنويٌّ مُوازٍ. اندثرت طبقات كانت قوية وعفيّة، وظهرت طبقاتٌ حزبية هشّة وهزيلة تعيش على فضلات سلتطين في النهار وتشاركها مخدعها في الليل. تحولت البلد بقدرةِ قادر إلى بلدٍ آخر غير الذي نعرفه وغير الذي كنا نعيشُ فيه. وزي ما أنت عارف…إن القضية طول عمرها قضية مركزية، لكن عقل القضية مش في إيد اللي حاكمها، ولا من دول الاقليم. يعني…لاموالسة الخرب، ولا أتحاد ملاك القضية، دي كلها شكليات
..مجرد ديكور يكمل الصورة، كان “لينين” يقول عن هؤلاء: إنهم بيقلبوا التربة الخصبة، زى الديدان؛ او حاجة كده زي ” شُـرَّابة الخُرج”.. عارفها؟
قال: هو أنا عرفت الخُرج لما حأعرف الشُـرَّابة!
قلت له: الخُرج ده ياسيدي كلمة مُشتقة من الأصل الفارسي “خُورة” اللي هو “كيس الزاد”، اللي بيتحط على ظهر الحمار أو أي دابة، حاجة كده زي “شنطة السفر” بس بيكون مصنوع من القماش أو الجلد. سواء تزينه بخرز ولا بترتر ولا بشراشيب “جمع شُـرَّابة” أو لأ، فهو برضه مجرد “خُرج” كل فايدته انك تشيل فيه لوازم السفر مش أكتر؛ علشان كده لما نحب نوصف شخص بإنه زي قِلته أو ملوش فايدة بنقول عنه “شُـرَّابة خُرج”.
كمان مرة…لا اتحاد ملاك القضية، في منهم ساسة ، ولا موالسة الخرب، فيهم سياسي.. سمهم ما شئت لكن مش بتوع سياسة ولا يفهموا في السياسة بفلس، فكل انقسام او سقوطٍ مُدوٍ يسبقه العمى السياسي التاريخ قال كده، ماهي مش بالعافية يعني، مش كل واحد كتب كلمتين أو هتف هتافين بقى سياسي؛ السياسة فكر ورؤية وقدرة على اتخاذ القرار السليم في الوقت المناسب، ثم هي أيضاً مهارة التواصل مع الجماهير، بمعنى… ملكات وقدرات وعقليات ومهارات مختلفة؛ منها الخبرة والعمل والنتائج، فالعمل بدون معرفة يجعل منك ثور هائج. مش بس شُـرَّابة الخُرج! و ممكن كمان تربط الحمار مطرح مايقول الحمار الاكبر !!
ولنا لقاء.