أمد/
تل أبيب: ذكرت وكالة التصنيف الائتماني “موديز” يوم الثلاثاء، أن صراعا عسكريا شاملا بين إسرائيل وحزب الله أو إيران يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة على إسرائيل.
وفي إشارة إلى الهجوم الوقائي الإسرائيلي على حزب الله في بداية الأسبوع، كتبت وكالة موديز أن "تبادل إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله يعني التصعيد، على الرغم من أن التكلفة الاقتصادية تظل محدودة ومدرجة في السيناريو الأساسي لدينا".
وجاء في البيان: ما زلنا نفترض أن التوتر المستمر لن يؤدي إلى صراع عسكري شامل بين الطرفين أو يمتد إلى تورط إيران، الأمر الذي سيحد من التأثير السلبي المباشر على الائتمان في المنطقة".
وفي شهر فبراير اماضي خفضت وكالة موديز التصنيف لإسرائيل وغيرت النظرة المستقبلية إلى سلبية. وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها خفض التصنيف الائتماني لإسرائيل.
وبعد شهرين، بعد الهجوم الإيراني، خفضت وكالة ستاندرد آند بورز أيضًا التصنيف لإسرائيل من AA ناقص إلى A plus.
في البلدة القديمة بالقدس، أغلقت كل محلات بيع الهدايا التذكارية تقريبا، وفي سوق السلع المستعملة في حيفا، يضع التجار البائسون بضائعهم في شوارع خالية، بينما تلغي شركات طيران رحلاتها، وباتت الفنادق الفخمة نصف فارغة. هكذا أصبح الاقتصاد الإسرائيلي يعاني مع الحرب في غزة، وفقا لتقرير أوردته وكالة أسوشيتد برس.
وتقول الوكالة إنه بعد ما يقرب من 11 شهرا من الحرب على غزة، التي لا تظهر أي علامات على نهايتها، يعاني الاقتصاد الإسرائيلي، بينما يحاول رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، تهدئة المخاوف بالقول إن الضرر الاقتصادي مؤقت.
لكن الحرب ألحقت الضرر بآلاف الشركات الصغيرة، وأضعفت الثقة الدولية. ويقول بعض كبار خبراء الاقتصاد إن وقف إطلاق النار في غزة هو أفضل وسيلة لوقف الضرر.
وقالت كارنيت فلوغ، رئيسة البنك المركزي الإسرائيلي السابقة، التي تشغل الآن منصب نائب رئيس الأبحاث في معهد الديمقراطية الإسرائيلي في القدس، إن "الاقتصاد في الوقت الحالي يعاني بشكل هائل من عدم اليقين، وهذا مرتبط بالوضع الأمني: إلى متى ستستمر الحرب، وما مدى شدتها، ومسألة ما إذا كان سيكون هناك المزيد من التصعيد".
وكان الاقتصاد الإسرائيلي تعافى من الصدمات السابقة، خلال الحروب القصيرة مع حماس، لكن هذا الصراع المطول خلق ضغوطا أكبر، بما في ذلك تكلفة إعادة البناء، وتعويض أسر الضحايا وجنود الاحتياط، والإنفاق العسكري الضخم.
وتشير الوكالة إلى تأثير "قاس" للصراع المطول والتهديدات الإيرانية بتوسيع الصراع على قطاع السياحة.
ورغم أن السياحة ليست المحرك الرئيسي للاقتصاد الإسرائيلي، إلا أن الأضرار لحقت بآلاف العمال والشركات الصغيرة.
وقال المرشد السياحي الإسرائيلي، دانييل جاكوب (46 عاما)، الذي يعيش الآن على المدخرات: "أصعب شيء أننا لا نعرف متى ستنتهي الحرب.. نحن بحاجة إلى إنهاء الحرب قبل نهاية هذا العام. إذا كانت ستستمر نصف عام آخر، فأنا لا أعرف إلى متى سنصمد".
وكان جاكوب أنهى 6 أشهر من خدمة الاحتياط، في أبريل الماضي، وبعدها اضطر إلى إغلاق شركة السياحة التي أمضى عقدين في تطويرها، ودخله الوحيد الآن هو المساعدات من الحكومة، التي تدفع له نصف راتبه قبل الحرب، كل بضعة أشهر.
وقال مائير ساباغ، تاجر التحف في حيفا، الذي كان متجره فارغا، إن ظروف العمل أسوأ الآن مما كانت عليه أثناء جائحة كوفيد.
وفي أحد أيام عطلة الأسبوع الماضية، بات ميناء حيفا ساكنا بعدما كان صاخبا في السابق.
وقال مسؤول في الميناء، تحدث للوكالة شريطة عدم الكشف عن هويته، إنه مع تعريض جماعة الحوثي السفن المارة عبر قناة السويس المصرية للخطر، توقفت العديد من السفن عن استخدام الموانئ الإسرائيلية.
وأضاف أن الموانئ الإسرائيلية شهدت انخفاضا بنسبة 16 في المئة بعمليات الشحن في النصف الأول من العام، مقارنة بالفترة ذاتها، عام 2023.
ودفعت المخاوف الإقليمية شركات الطيران الكبرى، بما في ذلك دلتا ويونايتد ولوفتهانزا، إلى تعليق الرحلات الجوية من وإلى إسرائيل.
وقال ياكوف شينين، الخبير الاقتصادي الإسرائيلي الذي يتمتع بخبرة تمتد لعقود في تقديم المشورة لرؤساء الوزراء الإسرائيليين والوزارات الحكومية، إن التكلفة الإجمالية للحرب قد تصل إلى 120 مليار دولار، أو 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
ومن بين جميع الدول الأعضاء، البالغ عددها 38 في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، شهد اقتصاد إسرائيل أكبر تباطؤ، في الفترة من أبريل إلى يونيو، حسبما أفادت المنظمة الخميس الماضي.
وكان من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي بنسبة 3 في المئة عام 2024. ويتوقع بنك إسرائيل الآن أن ينمو بنسبة 1.5 في المئة فقط، وذلك في حال انتهت الحرب هذا العام.
وخفضت "فيتش" تصنيف إسرائيل الائتماني من "إيه- بلس" إلى "إيه"، في وقت سابق من هذا الشهر، بعد تخفيضات مماثلة لـ"ستاندرد آند بورز" و"موديز". وخفض التصنيف الائتماني من شأنه أن يزيد تكاليف الاقتراض الحكومي.
وفي إشارة أخرى مقلقة، قالت وزارة المالية، هذا الشهر، إن عجز الميزانية خلال الأشهر الـ12 الماضية ارتفع إلى أكثر من 8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يتجاوز بكثير نسبة العجز إلى الناتج المحلي الإجمالي، التي توقعتها الوزارة لعام 2024، والتي بلغت 6.6 في المئة.
وفي عام 2023، بلغ عجز الميزانية نحو 4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وقد أدى خفض التصنيف والعجز إلى زيادة الضغوط على الحكومة الإسرائيلية لإنهاء الحرب وخفض العجز، وهو الأمر الذي يتطلب اتخاذ قرارات غير شعبية مثل زيادة الضرائب أو خفض الإنفاق.
ولكن نتنياهو يحتاج إلى إبقاء ائتلافه في الحكم، ويريد وزير ماليته اليمني، بتسلئيل سموتريتش، أن تستمر الحرب حتى يتم القضاء على حماس.
وقالت فلوغ، رئيسة البنك المركزي السابق، إن الوضع غير قابل للاستمرار وإن الائتلاف سوف يضطر إلى خفض الإنفاق، مثل خفض الإعانات المقدمة للمدارس الأرثوذكسية المتشددة التي ينظر إليها عامة الناس على أنها مضيعة للمال.
وأضافت أن "الجمهور سوف يجد صعوبة في قبول ذلك، إذا لم تظهر الحكومة أن خطورة الموقف تجبرهم على التخلي عن بعض الأشياء العزيزة عليهم".
وقال سموتريتش إن اقتصاد إسرائيل "قوي"، وتعهد بإقرار "ميزانية مسؤولة تستمر في دعم جميع احتياجات الحرب، مع الحفاظ على الأطر المالية وتعزيز محركات النمو".
ويشير شينين إلى أن معدل البطالة انخفض إلى ما دون مستويات ما قبل الحرب، إلى 3.4 في المئة في يوليو، مقارنة بـ3.6 في المئة في يوليو من العام الماضي.
وفي الوقت ذاته، أغلقت العديد من الشركات الصغيرة أبوابها لأن أصحابها وموظفيها استدعوا لأداء خدمة الاحتياط.
وتشير شركة الأعمال الإسرائيلية "كوفاس بي دي آي" إلى أن نحو 46 ألف شركة أغلقت أبوابها منذ بداية الحرب، 75 في المئة منها شركات صغيرة.
وقال جيريمي بيركوفيتز، ممثل أصحاب الفندق، إن فندق أميركان كولوني الشهير في القدس، وهو محطة شعبية للسياسيين والدبلوماسيين ونجوم السينما، قد سرح عماله ويدرس خفض الأجور.
وقال بيركوفيتز: "فكرنا في وقت ما في إغلاق الفندق لبضعة أشهر، لكن هذا يعني بالطبع طرد جميع الموظفين. وكان هذا يعني ترك الحدائق، التي طورناها على مدى 120 عاما، بورا".
وقال شينين إن أفضل طريقة لمساعدة الاقتصاد على التعافي هي إنهاء الحرب.
لكنه حذر قائلا: "إذا كنا عنيدين واستمرت هذه الحرب، فلن نتعافى".