أمد/
الروائي التونسي القدير أ-عامر بشة يؤسس لمشهد روائي متميز..من خلال استنطاق الحياة..وانطاق النص ( روايته الأخيرة -تجربة االعزلة-نموذجا )
يشهد الفضاء الثقافي اهتماماً متزايداً بفن الرواية على جميع المستويات،ودعمت عدة عوامل هذا المد الروائي،إذ أعلنت خلال السنوات الأخيرة عن الجوائز المرصودة للأعمال الروائية،ما دفع بهذا الجنس الأدبي إلى الواجهة،وأصبحت الأسبقية في دور النشر لطباعة وإصدار المؤلفات التي تدمغ بالعلامة التجنسية الأثيرة لدى المتابعين والقراء،أزيد من ذلك فإن الاحتفاء بالرواية قد غذّا رغبة عددٍ من الأدباء الذين عرفهم الوسط الأدبي بوصفهم شعراء لمواكبة هذا التطور وبدأوا بكتابة الروايةـكأن ما أنجزوه سابقاً في الشعر أو في أي مجال آخر لا يصلح للمرحلة التي طغت عليها الرواية ولا يضعهم على منصة النجومية..
في هذا السياق،أصدر الروائي التونسي القدير أ-عامر بشة روايته الجديدة ” تجربة العزلة “‘.
تأسر الرواية القارئ بأحداثها الإنسانية النابضة بالحياة.وتقع
في 180 صفحة من القطع المتوسط.ومقسمة إلى ثلاثة فصول.
تتضمن هذه الرواية الأنيقة،العديد من الأحداث المتداخلة التي قد نصادفها في حياتنا المعيشية،عالجها الروائي بواقعية لا تخلو من التشويق،ومن عنصري المفاجأة والمبالغة بأسلوب جميل وهادئ.
يشار إلى أن روايات أ-عامر بشة تعطي الذهن شيئا من الحيوية وتصفع الكثير من القناعات الروائية البالية التي ابتليت فيها الساحة العربية،ومن هنا فهي تحفز على البحث وتفجير كل الخصائص التي من شأنها أن تعزز رحلة البحث،لأن كاتبها احد طليعة كتّاب الرواية في تونس وفي الوطن العربي،وواحد من قلائل من كتابنا الذين تميزوا بصوت خاص في الرواية في تونس بكل الألفاظ والعبارات.
ومن يتأمل في الأعمال الروائية التي حظيت بشهرة عربية واسعة والتي وضعت كاتبنا أحمد جمعة في مصاف الكّتاب الذين طبقت شهرتهم الآفاق، فإنه سوف يقع على حقيقة مفادها أنها ملازمة وتعكس أزمة الإنسان المعاصر على المستوى الفردي والجماعي، وتتميز بالأفكار المتمردة العاصفة والباحثة ترافقها نكهة شعرية تتحرك في عالم غريب بمقدار ماهو مدهش.
قرأت معظم روايات ا-عامر بشة،البعيد،فيضان الثلوج،البرج..وحورية الوطن،في غابة الإنسان،الإنسان والوحش،زمن المسخ.في حالة إنتظار،خشوع تحت المطر،هروب معلن،خفقان الحنين،الكنز،وحاليا أغوص بين أعماق روايته الأخيرة”تجربة العزلة ” ولن أكون مبالغا أن قلت إنها ضرورية ضرورة الخبز واللقمة للحياة بالنسبة للمهتمين والقراء وحتى الأدباء أنفسهم لأنها روايات تعطيهم الصورة الكلية لمعنى الإبداع.
أما بخصوص هذه الرواية الفاخرة ( تجربة العزلة ) فهي بِسردها الخصب وأحداثها المُنسوجة من خيوط الإبداع،تبحر بنا في عوالم مُتخيّلة،تمسك بِمشاعرنا وتحرّك خيالاتنا،تاركة لنا فسحةً للتأمل والتساؤل.
قدمت هذه الرواية الماتعة للقراء كقارئ فحسب،قريبا من المتعة، بعيدا عن النقد الأدبي،لا بداعي التحليل ولا سعيا للتأويل، للاستفادة وتعميمها،للتزيد من الخيال،لأن الخيال أهم من المعرفة!
واخترتها أيضا حبا وطواعية،شرعت في قراءة فصولها الثلاثة، مجدفا ضد رغبة العودة للصفحات الماضية،موقنا في قدرة العقل الأدبي على الفهم.
ختاما أقول : “تجربة العزلة” للكاتب التونسي القدير أ-عامر بشة جديرة بدراسة نقدية أوفى من هذا المقال الذي حاول إلقاء الضوء عليها في عجالة ..