أمد/
جنيف: بمناسبة مرور عام على بدء الهجوم الإبادي الإسرائيلي على غزة، أصدرت مجموعة من خبراء حقوق الإنسان المستقلين البيان التالي:
يواجه العالم أعمق أزمة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. أدت الفظائع التي شهدها العالم في الحرب العالمية الثانية إلى تصميم جماعي على قول "لن يحدث هذا مرة أخرى" وإنشاء الأمم المتحدة لتحقيق هذا الهدف.
ومع ذلك، بعد مرور عام على هجوم 7 أكتوبر الذي شنته حماس وغيرها من الجماعات المسلحة الفلسطينية ضد إسرائيل، شهد العالم تصعيدًا وحشي للعنف، مما أدى إلى هجمات إبادة جماعية وتطهير عرقي وعقاب جماعي للفلسطينيين، مما يهدد بانهيار النظام الدولي المتعدد الأطراف.
كان الهجوم العسكري الإسرائيلي الذي بدأ مباشرة بعد هجوم 7 أكتوبر مصحوبًا بتصريحات إبادة جماعية من قبل القادة الإسرائيليين. في التاسع من أكتوبر/تشرين الأول، أمر وزير الدفاع الإسرائيلي غالانت بفرض "حصار كامل، لا كهرباء، لا طعام، لا ماء، لا وقود" وشن هجوم شامل على أكبر سجن مفتوح في عصرنا. وفي الثامن والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول، وبعد أسابيع من الغارات الجوية على غزة، وبينما بدأ الغزو البري وسط خطاب عنيف معادٍ للفلسطينيين من قِبَل المسؤولين الإسرائيليين والشخصيات العامة وغيرهم، أصدر رئيس الوزراء نتنياهو الأمر: "تذكروا ما فعله عماليق بكم، لقد أُمرنا. ونحن نتذكر". وفي القيام بذلك، استشهد بالإشارة التوراتية: "الآن اذهبوا، هاجموا عماليق، ودمروا كل ما لديهم، ولا تعفوا عن أحد؛ بل اقتلوا رجلاً وامرأة، طفلاً ورضيعاً، ثوراً وغنماً، جمالاً وحماراً".
وبعد مرور عام واحد، تحقق الوعد الذي قطعه القادة الإسرائيليون بتدمير غزة. والآن أصبح القطاع أرضاً قاحلة من الأنقاض والبقايا البشرية، حيث يكافح الناجون ــ الرجال والنساء والأطفال وكبار السن ــ من أجل التمسك بالحياة وسط الحرمان والمرض. ولم تستثن القنابل الإسرائيلية أحداً ـ لا الصحافيين، ولا الطلاب، ولا العلماء، ولا الأطباء، ولا الممرضات، ولا الأطفال، ولا النساء الحوامل، ولا الأشخاص ذوي الإعاقة، ولا الموظفين الحكوميين، ولا الأشخاص الباحثين عن الغذاء والأمان، ولا العاملين في المجال الإنساني، بما في ذلك موظفو الأمم المتحدة. لقد تم إبادة عائلات بأكملها ومحو أجيال، وتمزقت أرواح الملايين.
إن ما يقرب من كل الناجين من النزوح، محاصرون في أجزاء متقلصة باستمرار من المنطقة الصغيرة، محشورون في مخيمات وملاجئ مزدحمة بلا مكان للهروب. لقد حول القصف المستمر المناطق الإنسانية إلى حقول قتل.
إن الحصار المشدد والقيود المفروضة على المساعدات والاستهداف المستمر للمنازل والبنية التحتية المدنية الرئيسية أدت إلى المجاعة بوتيرة غير مسبوقة. لقد أدى تدمير البنية التحتية الصحية إلى جعل الأمراض التي يمكن الوقاية منها غير قابلة للشفاء وسرع من انتشار الأمراض والأوبئة، في حين أن التدمير الهائل للمؤسسات التعليمية والثقافية والتراثية والأرض نفسها يعرض الثقافة الفلسطينية والهوية الوطنية والوجود على الأرض للخطر بشكل عميق.
وفي الوقت نفسه، بينما يراقب العالم شعب غزة وهو يعيش في رعب دائم من الفناء الوشيك، والذي يتم بثه ومشاركته على وسائل التواصل الاجتماعي، فإن نمطًا متعمدًا من السلوك يهدد بانقراض الفلسطينيين من خلال النزوح الجماعي والموت والتدمير وضم الأراضي ينشأ في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية.
لا شيء يمكن أن يبرر هذه الأفعال. لقد ناشدنا الدول على مدى عام التدخل، بما يتماشى مع التزاماتها الأخلاقية والقانونية لمنع هذه الفظائع والحفاظ على النظام القانوني الدولي وحقوق الإنسان والإنسانية. ولكن دعواتنا ذهبت أدراج الرياح، إلى جانب دعوات الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم الذين استخدموا منصاتهم للمناصرة من أجل إنهاء العنف، والذين ما زالوا يواجهون تكتيكات قمعية لإسكات ومعاقبة أصواتهم، في عدد من البلدان.
إن النظام القانوني الدولي ينهار في مواجهة هذه الفظائع.
ولا يزال طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لإصدار أوامر اعتقال معلقًا دون قرار في الوقت المناسب من المحكمة بينما تستمر حملة الإبادة الجماعية. ولا تزال التدابير المؤقتة التي أمرت بها محكمة العدل الدولية لمنع الأعمال الإبادة الجماعية والحفاظ على أدلة الجرائم المرتكبة في غزة غير محققة. ولا يزال الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الذي أعلن أن احتلال إسرائيل غير قانوني ويرقى إلى مستوى الفصل العنصري والفصل العنصري، والذي تلاه قرار من الجمعية العامة يحظى بدعم واسع النطاق، ينتظر التنفيذ. وفي تحد واضح للمشاعر العامة السائدة في المجتمع الدولي، تواصل إسرائيل التصرف باستخفاف صارخ بالقانون والنظام الدوليين.
إن دوامة الدمار هذه لابد وأن تنتهي. ويتعين على المجتمع الدولي أن يتحرك بأقصى سرعة لتغيير مسار العنف إذا أردنا أن نتجنب اندلاع حرب شاملة ذات عواقب لا يمكن تصورها ــ وخاصة بالنسبة للأطفال.
وندعو جميع القادة إلى تجاوز السرديات اللاإنسانية والمستقطبة، والعمل بنشاط من أجل وقف فوري لجميع الأعمال العدائية والجرائم في
إن فشل المجتمع الدولي في تأمين وقف إطلاق النار ومحاسبة جميع المسؤولين عن الجرائم البشعة أو المتواطئين فيها، لم يسمح فقط باستمرار الوحشية غير المسبوقة، بل ووسعها إلى المنطقة الأوسع، مما أشعل لبنان بالعنف والدمار.
فلسطين/إسرائيل والمنطقة، للإفراج الفوري عن جميع الأشخاص المعتقلين تعسفيا، سواء الإسرائيليين المحتجزين في غزة أو الفلسطينيين المحتجزين لدى إسرائيل.
وندعو إلى توفير المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة على الفور لجميع المتضررين وضمان هذا الوصول من قبل المجتمع الدولي.
ونحن نكرم جميع الضحايا، الحاليين والماضيين. إن مجتمعاتنا لابد وأن تسمح بمساحة لمعالجة الخسائر الهائلة التي خلفتها الأحزان والصدمات الجماعية، داخل الشعوب الأكثر تضرراً من هذا، وفي المجتمعات في مختلف أنحاء العالم التي شهدت واتخذت الإجراءات اللازمة. ويتعين علينا أن نحاول المضي قدماً معاً. ونحن نوجه نداءً صادقاً إلى الشعب الإسرائيلي، معترفين بصدمته وألمه العميقين، ونسعى إلى الحصول على دعمه في تعزيز التغيير والعمل معاً لإنهاء العنف ضد الشعب الفلسطيني ومعاناته.
ونطالب الجميع، من الدول والأفراد على حد سواء، بإعطاء الأولوية لاحترام القانون الدولي وحقوق الإنسان دون تمييز أو معايير مزدوجة.
يتعين على العالم أن يعيد توجيه بوصلته الأخلاقية بسرعة نحو العدالة والحرية للجميع وأن يجدد التزامه بالسلام الدولي، الذي لن يتحقق أبداً حتى تتاح للجميع، بما في ذلك الفلسطينيون والإسرائيليون، الفرصة للعيش بكرامة وحرية متساويين.