أمد/
نيويورك: اعتبرت لجنة خاصة تابعة للأمم المتحدة يوم الخميس، أن ممارسات إسرائيل خلال حرب غزة “تتسق مع خصائص الإبادة الجماعية”، بينما أكدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” أن أوامر الإخلاء الإسرائيلية في قطاع غزة ترقى إلى “جريمة حرب”.
وأشار تقرير اللجنة الخاصة المعنية بالتحقيق في الممارسات الإسرائيلية، التي تمس حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني وغيره من السكان العرب في الأراضي المحتلة، والذي يغطى الفترة من السابع من تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي حتى تموز/يوليو، إلى “سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين وظروف تهدد حياة الفلسطينيين فرضت عمدا”.
وأفادت اللجنة التي تحقق منذ عقود في الممارسات الإسرائيلية التي تؤثر على الحقوق في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بأن إسرائيل “استخدمت التجويع كأسلوب من أساليب الحرب وفرض عقاب جماعي على الفلسطينيين”.
وقالت “من خلال حصارها لغزة، وعرقلة المساعدات الإنسانية، إلى جانب الهجمات المستهدفة وقتل المدنيين وعمال الإغاثة.. تتسبب إسرائيل عمدا في الموت والتجويع والإصابات الخطيرة”.
من جانبها، أكدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقرير الخميس أنها “جمعت أدلة على أن المسؤولين الإسرائيليين يرتكبون جريمة حرب تتمثل في التهجير القسري”.
وأضاف التقرير “تبدو تصرفات إسرائيل وكأنها تتفق مع تعريف التطهير العرقي” في المناطق التي لن يتمكن الفلسطينيون من العودة إليها.
وبحسب الباحثة في المنظمة نادية هاردمان، فإن نتائج التقرير تستند إلى مقابلات مع نازحين من غزة وصور الأقمار الاصطناعية والتقارير العامة التي قدمت حتى آب/أغسطس 2024.
وفي وقت تقول إسرائيل إن النزوح هدفه تأمين المدنيين أو لأسباب عسكرية ملحة، رأت هاردمان أن “إسرائيل لا تستطيع الاعتماد ببساطة على وجود المجموعات المسلحة لتبرير نزوح المدنيين”.
وقالت إنه “يتعيّن على إسرائيل أن تثبت في كل حالة أن نزوح المدنيين هو الخيار الوحيد” وذلك للامتثال الكامل للقانون الدولي الإنساني.
وقال المتحدث باسم قسم الشرق الأوسط في “هيومن رايتس ووتش” أحمد بن شمسي “هذا الإجراء يحوّل أجزاء كبيرة من غزة إلى مناطق غير صالحة للسكن بشكل منهجي… وفي بعض الحالات بشكل دائم، وهو ما يرقى إلى مستوى التطهير العرقي”.
أشار التقرير إلى محور فيلادلفيا الذي يمتدّ على طول الحدود مع مصر ومحور نتساريم الذي يقطع غزة بين الشرق والغرب والمناطق فيهما التي “دمّرها الجيش الإسرائيلي ووسّعها وأزالها” لإنشاء مناطق عازلة وممرات أمنية.
يشدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على أن القوات الإسرائيلية يجب أن تحتفظ بالسيطرة على محور فيلادلفيا لضمان عدم تهريب الرهائن خارج غزة.
ولم يأت تقرير “هيومن رايتس ووتش” على ذكر التطورات التي وقعت في الحرب منذ آب/أغسطس، لا سيما العملية العسكرية الإسرائيلية المكثفة في شمال قطاع غزة والتي بدأت مطلع تشرين الأول/أكتوبر.
– “نزحنا أكثر من عشر مرّات” –
وقالت المتحدثة باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) لويز ووتريدج لوكالة فرانس برس إن العملية العسكرية في شمال قطاع غزة أجبرت ما لا يقلّ عن 100 ألف شخص على النزوح من أقصى الشمال إلى مدينة غزة والمناطق المحيطة بها.
ووفقا للأمم المتحدة، نزح 1,9 مليون شخص من أصل 2,4 مليون نسمة منذ تشرين الأول/أكتوبر 2024.
ويقول المتحدث باسم الدفاع المدني في قطاع غزة محمود بصل لفرانس برس إن “الاحتلال شرد عشرات آلاف الناس” مشيرا إلى أن “أكثر من 100 ألف مواطن (غالبيتهم من اللاجئين منذ عام 1948) ما زالوا يتواجدون في محافظة شمال قطاع غزة دون طعام ولا شراب ولا دواء”.
ويؤكد أن العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة منذ خمسة أسابيع تسببت بـ”تدمير كلي لأكثر من 2000 مبنى ومنزل” في شمال القطاع.
ويضيف أن كل المناشدات التي وجهت للمنظمات الدولية والمؤسسات الإنسانية “لم تُجد نفعا”.
أجبرت العملية العسكرية إيمان حمد (41 عاما) على النزوح مجددا قبل يومين من مركز إيواء للنازحين في شمال القطاع.
وعلى وقع تهديد الجنود الإسرائيليين بقصف المدرسة، بحسب شهود، وإطلاق النار، غادرت حمد مع أولادها وأحفادها مركز الإيواء في مدرسة “مهدية” في بلدة بيت حانون.
وتقول إنه منذ اندلاع الحرب “نزحنا أكثر من عشر مرات، أخيرا كنا بمدرسة مهدية” التي أحرقتها القوات الإسرائيلية فجر الأربعاء، على حد قولها.
وتابعت “يريدون ذبحنا وإبادتنا بحجة تطهير الشمال من المسلحين، العالم كله يعرف أن إسرائيل تكذب وتكذب لتبرير قتل المدنيين. هذا ليس انتقام، إنها مذبحة شعب”.
بدوره، يشير راغب الربايعة (63 عاما) المقيم في مخيم جباليا والذي نزح منه “مجبرا” قبل أسبوع إلى أن “ما يحدث أكبر من نكبة، إذا لم تمت من القصف سوف تموت أنت وأولادك وأحفادك من الجوع والعطش والأمراض”.
لكن أشرف أبو حبل (50 عاما) وهو سائق سيارة أجرة، رفض مغادرة منزله في جباليا وقال إن “الموت بالقصف أفضل مليون مرة من الموت بإذلال التشرد والنزوح والجوع”.
ويقول الشاب أنيس صالحة (19 عاما) الذي قتل والده في بداية العملية العسكرية في جباليا الشهر الماضي ونزح مع عائلته إلى مدينة غزة، “أمنيتي أن نعيش بسلام مثل باقي العالم”.