أمد/
غزة: يواصل جيش الاحتلال لليوم الـ453 على التوالي، شن مئات الغارات، والقصف المدفعي وتنفيذ جرائم في مختلف أرجاء قطاع غزة، وارتكاب مجازر دامية ضد المدنيين، وتنفيذ جرائم مروعة في مناطق التوغل، وسط وضع إنساني كارثي نتيجة الحصار، ونزوح أكثر من 90% من السكان.
وخلفت الحرب العدوانية على قطاع غزة المتواصلة لليوم السادس والثمانين في العام الثاني، أكثر من 180 ألفا بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين، جراء إغلاق المعابر، ورغم قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرات اعتقال دولية بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو ووزير جيشها السابق يوآف غالانت، لمسؤوليتهما عن "جرائم حرب" و"جرائم ضد الإنسانية".
ارتفاع حصيلة الضحايا..
يواصل الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة، برا وبحرا وجوا، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ما أسفر عن استشهاد 45,541 مواطنا، أغلبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة 108,338 آخرين، في حصيلة غير نهائية، إذ لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض وفي الطرقات، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إليهم.
مجازر متواصلة..
استُشهد شاب وأصيب آخر مساء يوم الثلاثاء، في قصف من طائرات مسيرة إسرائيلية في جباليا البلد شمال قطاع غزة.
استشهد مواطن، يوم الثلاثاء، في قصف الاحتلال الإسرائيلي منطقة جباليا النزلة شمال قطاع غزة.
وأفادت مصادر محلية، بأن مواطنا استشهد جراء قصف الاحتلال شارع أحمد فكري أبو وردة في جباليا النزلة شمال قطاع غزة.
وتجدد قصف مدفعية الاحتلال على منطقتي أبو شريعة وعبد العال جنوب حي الصبرة جنوب مدينة غزة، كما أطلقت آليات الاحتلال نيرانها نحو المناطق الجنوبية من حي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة.
مسؤول أممي: إسرائيل رفضت أكثر من 140 طلبا للوصول إلى شمال غزة
قال مسؤول أممي إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي رفضت أكثر من 140 طلبا أمميا للدخول إلى شمال قطاع غزة خلال الشهرين الأخيرين.
جاء ذلك في بيان يوم الثلاثاء، لكبير مسؤولي مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة(أوتشا)، جوناثان ويتال.
وأوضح أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يواصل هجماته الجوية على منطقة جباليا والمناطق المحيطة بها، مستهدفا المستشفيات والعاملين في مجال الرعاية الصحية.
وأضاف: "حاولنا الوصول إلى شمال غزة خلال الشهرين الأخيرين، لكن السلطات الإسرائيلية رفضت أكثر من 140 مرة طلباتنا"، مشيرا إلى أن العائلات الفلسطينية في منطقة جباليا تعيش تحت حصار إسرائيلي لأكثر من شهرين.
وشدد على أن الفلسطينيين المهجرين قسرا من شمال قطاع غزة من مناطق مثل جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا، يعيشون تحت ظروف صعبة للغاية في محيط مدينة غزة.
لازاريني: 258 من موظفي الأونروا قُتلوا في غزة منذ بداية الحرب
قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" فيليب لازاريني، إن 258 من موظفي الوكالة قُتلوا في قطاع غزة منذ بداية الحرب.
وأكد أنه حان الوقت لرفع الحصار عن غزة لإدخال الإمدادات الإنسانية الضرورية بما في ذلك مستلزمات الشتاء.
وأضاف مفوض الأمم في تصريحات لوسائل الإعلام، اليوم الثلاثاء، أنه تم تسجيل ما يقرب من 650 حادثة ضد مباني الوكالة ومرافرها منذ بداية الحرب.
وأكد أن أكثر من ثلثي مباني الوكالة تضررت أو دُمرت، وقد كانت أغلبيتها تُستخدم مدارس للأطفال.
وأشار لازاريني إلى أن ما لا يقل عن 745 شخصا استُشهدوا في ملاجئ الوكالة التابعة للأمم المتحدة أثناء سعيهم إلى الحصول على حماية الأمم المتحدة.
وكشف النقاب عن أن هناك على الأقل 20 موظفا من الأونروا في مراكز الاعتقال الإسرائيلية، قائلا: إنه حان الوقت لإطلاق سراح جميع المحتجزين العاملين في المجال الإنساني.
وقالت وكالة "الأونروا"، إن مستويات سوء التغذية الحاد في قطاع غزة أعلى بـ10 مرات مما كانت عليه قبل الحرب الإسرائيلية على القطاع.
وأضافت في بيان على منصة "إكس": "في غزة، 80% من الأسر لديها على الأقل طفل واحد لا يحصل على الطعام، وأكثر من 96% من الأطفال والنساء الحوامل أو المرضعات لا يحصلن على التغذية الكافية"، وفقاً لتقرير اليونيسف في نوفمبر الماضي.
وطالبت الوكالة الأممية بالوقف الفوري لإطلاق النار، وتوفير تدفق منتظم للإمدادات الأساسية، من أجل تسهيل عمليات الإغاثة.
تقرير أممي: الاعتداءات الإسرائيلية المميتة على مستشفيات غزة دفعت بنظام الرعاية الصحية إلى شفير الانهيار التام
قالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، إن نمط الاعتداءات الإسرائيلية المميتة على مستشفيات غزة ومحيطها، والعمليات القتالية المرتبطة بها، دفع بنظام الرعاية الصحية إلى شفير الانهيار التام، ما أثر بشكل كارثي في قدرة الفلسطينيين على الوصول إلى الرعاية الصحية والطبية.
وذكر التقرير الصادر اليوم الثلاثاء، أن الاعتداءات، التي تم توثيقها بين 12 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 و30 حزيران/ يونيو 2024، تثير مخاوف جدية بشأن امتثال إسرائيل للقانون الدولي، فالطواقم الطبية والمستشفيات محمية بشكل خاص بموجب القانون الدولي الإنساني، شرط ألا تَرتَكِب أو تُستخدم لارتكاب أفعال تُضر بالعدو خارج نطاق وظيفتها الإنسانية.
وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك: "وكأن القصف المتواصل والوضع الإنساني المتردي في غزة لم يكونا كافيَيْن، فأمسى الملاذ الوحيد الذي يجدر أن يشعر فيه الفلسطينيون بالأمان، مصيدة للموت. إن حماية المستشفيات أثناء الحرب أمر بالغ الأهمية، وعلى جميع الأطراف أن تحترم هذا المبدأ في جميع الأوقات".
وأضاف تورك: "يشرح هذا التقرير بالتفصيل الدمار الذي لحق بنظام الرعاية الصحية في غزة، وحجم قتل المرضى والموظفين وغيرهم من المدنيين في هذه الاعتداءات، في تجاهل صارخ للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان".
وتابع: "إن الدمار المروع الذي أحدثته الهجمات العسكرية الإسرائيلية على مستشفى كمال عدوان يوم الجمعة الماضي، والذي ترك سكان شمال غزة تقريباً بلا أي إمكانية للحصول على الرعاية الصحية الكافية، يعكس نمط الهجمات الموثقة في التقرير. فقد أُجبر الموظفون والمرضى على الفرار أو تعرضوا للاعتقال، مع وجود العديد من التقارير التي تتحدث عن تعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة. كما تم اعتقال مدير المستشفى الذي لا يزال مصيره ومكانه غير معلومين".
وشدد تورك على أنه من الضروري إجراء تحقيقات مستقلة وشاملة وشفافة في جميع هذه الحوادث، ومحاسبة المسؤولين على جميع انتهاكات القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، ويجب إطلاق سراح جميع أفراد الطواقم الطبية المعتقلين تعسفياً على الفور".
وختم: "يجب أن تمنح إسرائيل الأولوية، بصفتها السلطة القائمة بالاحتلال، لضمان حصول السكان الفلسطينيين على الرعاية الصحية الملائمة وتيسيره، ولجهود التعافي وإعادة الإعمار في المستقبل، بهدف استعادة القدرات الطبية التي دُمرت على مدى الأشهر الـ14 الماضية من الصراع العنيف".
خلال الفترة المشمولة بالتقرير، وقع ما لا يقل عن 136 غارة على ما لا يقل عن 27 مستشفى و12 مرفقاً طبياً آخر، ما أدى إلى خسائر فادحة في صفوف الأطباء والممرضين والمسعفين وغيرهم من المدنيين، وتسبب في أضرار جسيمة في البنية التحتية المدنية أو تدميرها بالكامل.
وفي الظروف الاستثنائية التي يفقد فيها العاملون في المجال الطبي وسيارات الإسعاف والمستشفيات، الحماية الخاصة ويستوفون المعايير الصارمة لاعتبارهم أهدافاً عسكرية، فإن أي اعتداء يجب أن يتوافق مع المبادئ الأساسية للتمييز والتناسب والاحتياطات في الهجوم. ويشكل عدم احترام هذه المبادئ انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني.
ويضيف التقرير أن تعمد توجيه هجمات ضد المستشفيات والمرافق التي يُعالج فيها المرضى والجرحى، شرط ألا تكون أهدافاً عسكرية؛ وتعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين بصفتهم هذه، أو ضد أفراد مدنيين لا يشاركون مباشرة في الأعمال العدائية، بما في ذلك شن هجمات عشوائية تؤدي إلى مقتل مدنيين أو إصابتهم بجروح؛ وتعمد شن هجمات غير متناسبة، تشكّل أيضاً جرائم حرب، وفي ظل ظروف معينة، قد يرقى التدمير المتعمد لمرافق الرعاية الصحية إلى شكل من أشكال العقاب الجماعي، ما قد يشكل بدوره جريمة حرب.
كما يسلط التقرير الضوء على أن العديد من هذه الأفعال، إذا ما ارتُكب ضمن إطار هجوم واسع النطاق أو ممنهج موجه ضد السكان المدنيين تنفيذاً لسياسة دولة، أو تنفيذاً لسياسة تنظيمية في حالة الجهات الفاعلة من غير الدول، قد يرقى أيضاً إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية.
وخلص إلى أن آثار العمليات العسكرية الإسرائيلية في المستشفيات ومحيطها، تمتد إلى ما هو أبعد من الهياكل المادية.
وتابع: "فقد عانت النساء، لا سيما الحوامل، معاناة مروعة. وأنجب الكثير من النساء أطفالهن من دون الحصول على أي رعاية قبل الولادة وبعدها، أو دون أن يتلقين سوى الحد الأدنى من هذه الرعاية، ما يزيد خطر وفيات الأمهات والأطفال التي يمكن الوقاية منها. وتلقت مفوضية الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان تقارير تفيد بوفاة أطفال حديثي الولادة بسبب عدم قدرة الأمهات على إجراء فحوصات ما بعد الولادة أو الوصول إلى المرافق الطبية لإنجاب أطفالهن".
وقال التقرير: "حال نظام الرعاية الصحية المحدود على نحو متزايد دون تلقي العديد من الجرحى الذين تعرضوا لإصابات بليغة، العلاج في الوقت المناسب وربما العلاج الضروري لإنقاذ حياتهم. فبحلول نهاية شهر نيسان/ إبريل 2024، ووفقاً لوزارة الصحة في دولة فلسطين، فقد بلغ عدد الجرحى الفلسطينيين 77,704 جرحى. وتفيد التقارير بأن العديد من الجرحى توفوا أثناء انتظارهم دخول المستشفى أو تلقي العلاج. ووفقاً لوزارة الصحة الفلسطينية، فقد قُتل أكثر من 500 شخص من العاملين في المجال الطبي في غزة بين 7 تشرين الأول/ أكتوبر ونهاية حزيران/ يونيو 2024".
وأوضح، "أصابت أول عملية واسعة النطاق نفذها الجيش الإسرائيلي ضد أحد المستشفيات مجمع الشفاء الطبي، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023. ثمّ نفذ غارة ثانية على المنشأة في آذار/ مارس 2024، تاركاً إياها في حالة خراب كامل بحلول 1 نيسان/ إبريل. وبعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من المستشفى، أفادت التقارير بأنه تم العثور على ثلاث مقابر جماعية، حيث تم انتشال ما لا يقل عن 80 جثة، ما أثار مخاوف جدية من احتمال وقوع جرائم بموجب القانون الدولي. وأشارت التقارير أيضاً إلى أنه تم العثور على بعض هذه الجثث وهي لا تزال متصلة بأجهزة القسطرة والقنية، ما يشير إلى أن القتلى كانوا من المرضى".
وبين أنه في سياق بعض الاعتداءات، من المرجح أن يكون الجيش الإسرائيلي قد استخدم أسلحة ثقيلة، بما في ذلك قنابل تزن 2000 رطل، بحسب ما جاء في التقرير. ويبدو مثلاً أن ذخيرة من طراز Mk 83 أو GBU-32 قد استُخدمت في الغارة الجوية التي وقعت في 10 كانون الثاني/ يناير أمام مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح وسط قطاع غزة. وأفادت التقارير بمقتل 12 شخصاً على الأقل، من بينهم صحفي وعدد من النازحين داخلياً، وإصابة 35 شخصاً بجروح. ويثير استخدام أسلحة متفجرة ذات آثار واسعة النطاق في منطقة مكتظة بالسكان، مخاوف جدية من وقوع هجمات عشوائية.
وأكد التقرير أن سمة أخرى من سمات هذه الاعتداءات هي الاستهداف الدقيق الواضح للأشخاص داخل المستشفيات، لكن في معظم هذه الحالات كان من الصعب تحديد الجهة التي تقف وراءها. وقد تحققت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان من حالات متعددة لأشخاص قُتلوا بالرصاص في مستشفى العودة في جباليا، بمن فيهم ممرضة متطوعة أصيبت برصاصة قاتلة في صدرها بينما كانت تنظر من النافذة، في 7 كانون الأول/ ديسمبر 2023.
"التربية": 12.943 طالبا استُشهدوا و490 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب منذ بداية العدوان
قالت وزارة التربية والتعليم العالي، إن 12.943 طالبا استُشهدوا و21.681 أصيبوا بجروح منذ بدء العدوان الإسرائيلي في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 على قطاع غزة والضفة.
وأوضحت التربية في بيان لها، اليوم الثلاثاء، أن عدد الطلبة الذين استُشهدوا في قطاع غزة منذ بداية العدوان وصل إلى أكثر من 12.790، والذين أصيبوا 21.026، فيما استُشهد في الضفة 120 طالبا وأصيب 655 آخرون، إضافة إلى اعتقال 548.
وأشارت إلى أن 630 معلما وإداريا استُشهدوا وأصيب 3865 بجروح في قطاع غزة والضفة، واعتُقل أكثر من 158 في الضفة.
ولفتت إلى أن 425 مدرسة حكومية وجامعة ومباني تابعة لها و65 تابعة لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" تعرضت للقصف والتخريب في قطاع غزة، ما أدى إلى تعرض 171 منها لأضرار بالغة، و77 للتدمير بالكامل، كما تعرضت 109 مدرسة و7 جامعات في الضفة للاقتحام والتخريب.
وأكدت التربية أن 788 ألف طالب في قطاع غزة ما زالوا محرومين من الالتحاق بمدارسهم وجامعاتهم منذ بدء العدوان، فيما يعاني معظم الطلبة صدمات نفسية، ويواجهون ظروفا صحية صعبة.
الحصول على المياه… كابوس يلاحق النازحين في قطاع غزة
أصبح الحصول على المياه أحد أهم أولويات المواطنين والنازحين في قطاع غزة في ظل حالة التشرد والنزوح والبرد القارس، فيما أن غياب الشمس لساعات وربما لأيام متتالية يحرمهم من الحصول عليها لعدم تمكن مشغلي آبار المياه التي تعمل بالوقود وبالطاقة الشمسية من تشغيلها وتلبية احتياجاتهم.
يواجه المواطنون في قطاع غزة صعوبة ومشقة في الحصول على المياه، إذ ينتظرون في طوابير تحت المطر وفي ظل البرد والازدحام ساعات طويلة من أجل العودة إلى ذويهم وأبناءهم بجالونات من المياه تسد رمق عطشهم المجبرين قسرا عليه منذ أكثر من 14 شهرا من العدوان.
غير أن انتظارهم الطويل قد لا يعني عودتهم بمياه نظيفة، حيث أنه في كثير من الأوقات يحصلون على مياه غير صالحة للشرب، والتي من الممكن أن تؤدي إلى أمراض بعد استهلاكها لفترات طويلة.
يقول المواطن مصطفى أبو موسى: نخرج فجرا من خيامنا وفي ظل البرد القارس، ونحن نحمل الجالونات والأواني حتى نقف في طوابير على طول مد البصر، وننتظر وصول شاحنة المياه التي تأتي في ساعات الصباح الباكر، وحتى أن الوقوف في هذه الطوابير لا يعني أنك ستحصل على المياه، فمن الممكن أن تعود فارغ اليدين.
أما المواطن يزيد مهنا، يقول: يومنا أصبح من بدايته حتى نهايته هو في السعي للحصول على المياه مرة، والبحث عن الدقيق ومن ثم الذهاب إلى مخابز "أفران الطين" مرة أخرى، وفي حال عدم تمكن الواحد منا الحصول على المياه من الشاحنات التي تأتي باكرًا فإنه يضطر للانتظار لساعات ما بعد الظهر للحصول على مياه الآبار التي تعمل بالطاقة الشمسية، وهذا مرهق من الناحية البدنية والفكرية لأن تلك الآبار لا تعمل في وقت وجود الغيوم وغياب الشمس.
وأضاف، أنه في هذه الأيام ولغياب الشمس وقلة ساعات تشعيل الآبار على الطاقة الشمسية فإننا نُرغم على شراء المياه بأسعار عالية بحجة أنها تتوفر بصعوبة لقيام المزود بتشغيل البئر على الوقود أو غاز الطهي مرتفع الثمن والشحيح في الأسواق بسبب إغلاق الاحتلال للمعابر، مشيرًا إلى أنهم يشترون كوب المياه (1000 لتر) بسعر يزيد عن الثلاثين شيقل، ويكون بشق الأنفس من كثرة الطلب وقلة المياه المتوفرة.
ويجد الطفل أسامة سلطان صعوبة في الحصول على المياه عندما يتجمهر الناس حول الخراطيم وشاحنات المياه، إذ لا يتمكن من مزاحمة الكبار، ما يحرمه من التزود بالمياه.
وقال: أضطر في كثير من الأحيان للمشي لمسافات طويلة حتى أحصل على مياه توزع مجانا على النازحين، وفي بعض الأحيان يُشفق عليّ بعض المارة في الشارع ويحملون جالوناتي ويوصلونني إلى خيمة عائلتي وحينها أكون سعيدًا لتمكني من توفير المياه.
فيما يقول الحاج أبو سمير: كنا في السابق ننتظر الشتاء ونشتاق للموسم الشتوي أكثر من غيره ولكن الآن ولشدة ما رأينا من مشقة وتعب ونزوح وتشرد أصبحنا نبغض الشتاء وموسم المطر لما يسببه لنا من معاناة ويغرق خيامنا ويقتحم برده أجسامنا دون إذن ونحن نقف عاجزين أمام هذا الضيف الثقيل الذي كان جميلًا يوما ما.
ويضيف: أشفق على أولادي وأحفادي وهو يتسابقون للوقوف في طوابير الذل والمهانة طوابير المياه كي يقوموا بتوفير ما تيسير لهم من مياه، حتى نتمكن من استخدامه في يومنا، كنت أتمنى أن تُقبض روحي ولا أرى وأعيش حياة الضنك التي خلفتها الحرب وعشنا أيامها السوداء ولا زلنا.
أما المواطنة إم سامي، فتقول: أذهب يوميا أنا وأولادي وزوجي لنقف في طوابير تعبئة المياه وهذا بالفعل شيء مرهق ولكن حتى نتمكن من توفير المياه التي نحتاجها، ونذهب جميعًا لمكان تعبئة المياه خوفًا من عدم التعبئة والحصول على الكمية التي نحتاج إليها، ونكون كلنا في المكان حتى لو لم يحالف أحدنا الحصول على المياه يكون الآخر قد تمكن وبذلك نوفر احتياجنا اليومي وهذا روتين نعيشه منذ بداية الحرب.
أما مشرف أحد آبار المياه محمد أبو عنتر فيقول: كنا نزود المواطنين في منطقة المواصي قبل الحرب باشتراك شهري ونقوم بجباية أسعار رمزية لتوفر الكهرباء والطاقة البديلة والسولار حينها، أما اليوم فقد اختلفت كل المعايير في تزويد المياه فقد زادت أعداد المواطنين والنازحين في المنطقة بعشرات الأضعاف وبالتالي زادت كمية المياه المستخرجة من الأرض وارتفعت تكلفتها وأصبحت لا تكفي للجميع ما أجبرنا على عمل جدول للمناطق التي تزود بالمياه ويكون بجباية يومية.
ويضيف: ارتفاع تكلفة استخراج المياه جاءت بسبب ارتفاع أسعار الوقود وغاز الطهي الذي منع الاحتلال دخوله منذ بداية الحرب، ما اضطر البعض للجوء للسوق السوداء والطاقة البديلة، إضافة لارتفاع أسعار ألواح الطاقة الشمسية عشرات أضعاف سعرها الأصلي، الأمر الذي اجبرنا على رفع سعر المياه وأصبحنا نبيعها بالكوب أو الساعة يوميًا بدلًا من الاشتراك الشهري وذلك يعود لعدم استقرار النازحين في مكان واحد لذلك نجبر على الجباية اليومية.
من جانبه، قال محمد الخطيب صاحب شاحنة لبيع المياه، إنه يحصل على المياه بصعوبة في ظل الغيوم والأمطار وعدم عمل المحطات على الطاقة الشمسية، وانقطاع الوقود، مشيرًا إلى أن سعر الوقود في السوق السوداء مرتفع جدًا حيث يصل سعر لتر السولار أكثر من 70 شيقل، وسعر كيلو الغاز من 45 – 50 شيقل وبالكاد يمكن توفيره، إضافة إلى أنهم يجبروا على الوقوف بداية المخيم للتخفيف عن النازحين.
وأضاف: كنا في السابق نبيع كوب المياه العذبة للمستهلك واصل لخزانه بسعر من 20 – 25 شيقل حسب المنطقة وكمية التي يريدها المستهلك، وحسب استهلاك الشاحنة للسولار في الطريق أما اليوم فقد وصل سعر الكوب الواحد لأكثر من 200 شيقل وهذا بحد ذاته مرهق ومستنزف للمواطنين.
وتابع: أذهب إلى محطة تحلية المياه لتعبئة خزان الشاحنة ومن ثم أعود إلى مدخل المخيم ومن يريد التزود بالمياه يأتي ويشتري مياه معقمة ونقية، ويكون ذلك بسعر معقول لحد ما لأنني لو أردت الدخول في الشوارع والأزقة فإن ذلك يكون مكلف ماديًا ويرفع سعر المياه على المستهلك فأقوم ببيع جالون 20 لتر بسعر 4 شيقل، وفي حال الدخول للمخيمات من الداخل من الممكن أن يصل سعره لـ 5 – 6 شيقل وهذا يكون مكلف على المواطنين الذي يعيشون ظروفًا مادية غاية في الصعوبة.
بذكر أن قطاع غزة يعاني منذ سنوات طويلة من أزمة مياه خانقة، حيث تقول مؤسسات مهتمة بالمياه إن السكان قبل الحرب كانوا لا يحصلون إلا على قرابة 35% من احتياجاتهم الحقيقية للمياه.
ويعاني سكان قطاع غزة من شح مياه الشرب والاستخدام ما يجعلهم يضطرون في كثير من الأحيان لاستخدام مياه مالحة في الغسيل والاستحمام والتنظيف، وهو ما يشكل مخاطر صحية كبيرة على الغزيين.
وتشير مصادر محلية إلى أن أكثر 700 ألف مواطن ونازح في مدينة دير البلح وحدها معرضون لمخاطر صحية بسبب انقطاع المياه، وتؤكد أن نحو 700 بئر توقفت عن العمل بسبب استهدافها من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال الحرب الجارية.
وأشارت المصادر إلى أن قوات الاحتلال دمرت نحو 126 آلية لخدمة المياه والصرف الصحي في محافظة غزة، أي ما يعادل 80% من الاليات المتعلقة بجمع النفايات ومعالجة الصرف الصحي وخدمات المياه، كما دمر آلاف الآبار وغواطس المياه في محافظة خان يونس وشبكات المياه الرئيسية والفرعية في كل المناطق التي اجتاحتها.
وبحسب تقارير رسمية، فإن الخزّان الجوفي يعتبر المصدر شبه الوحيد الذي تعتمد عليه غالبية سكان القطاع في الحصول على قرابة 94% من احتياجهم الكلي من المياه.
بينما تقول وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في بيان لها، إن نحو 67% من مرافق المياه والصرف الصحي والبنية التحتية قد دمرت أو تضررت بسبب الحرب الإسرائيلية، مؤكدة أن عدم توفر المياه الكافية يهدد حياة الناس في قطاع غزة.
يشار إلى أن قطاع غزة يعيش فوق بحيرة من المياه الجوفية ولكن سبب الاحتلال وممارساته غير القانونية يحرم سكانه من الحصول على المياه التي تسرق إسرائيل جزءًا كبيرًا منها عبر خطوط أرضية وتحرم أصحابها من استخراجها واستخدامها.