أمد/
الشعب الفلسطيني يستقبل إخبار التهدئة ووقف إطلاق النار في قطاع غزة ويتطلع إلى إنهاء معاناته ووقف كل إشكال التشريد والتجويع والقتل والتدمير والتطهير العرقي والتهجير القسري خاصة في قطاع غزة، بفعل الوحشية الإسرائيلية المستمرة منذ 467 يوما بشكل متواصل وسط صمت وتواطؤ دولي مخزٍ .
ومع بداية تطبيق اتفاق التهدئة «اتفاق 15 يناير» والتي رحب بها العالم اجمع يتطلع أبناء الشعب الفلسطيني إلى ضرورة التحرك لضمان عدم قيام حكومة الاحتلال بمواصلة حرب إبادة مفتوحة على وجود الشعب الفلسطيني بنسائه وأطفاله وشيوخه ورجاله وأرضه ومقدساته، وإبادة مقومات الحياة بما فيها المنظومة الصحية بتدمير المستشفيات وحرقها كما حصل في مستشفيات كمال عدوان والإندونيسي والوفاء والمعمداني والعودة وغيرها .
الاحتلال شن حربا تكاد تكون هي الأولى من نوعها في تاريخ الحروب على المستشفيات التي تنقذ أرواح الناس، فاستشهد نحو 1068 فردا من الطواقم الطبية، واعتقل المئات بشكل مذل، وأُخرج 34 مستشفى عن الخدمة، ودمر واستهدف 242 مركزا ومؤسسة صحية، ودمر 136 سيارة إسعاف، ومُنع وصول الدواء والمستلزمات الطبية والرعاية الأولية.
الاحتلال المتوحش الهمجي حول قطاع غزة إلى جحيم، بعد أن دمر بناه التحتية ومرافقه كافة، وارتكب حوالي 10 آلاف مجزرة وحشية، راح ضحيتها 57 ألفا بين شهيد ومفقود، ومحو 1413 عائلة من السجل المدني، وأصاب 108 آلاف، وهجر 90% من سكانه وحشروا بظروف قاسية في نحو 20% من مساحة القطاع .
ما اقترفته حكومة الاحتلال في غزة وسائر الأراضي الفلسطينية يشكل سابقة ستغير منظومة العلاقات الدولية نحو شريعة الغاب، وتتحمل مسؤولية استمرارها الدول المتحكمة بالقرار الدولي التي سمحت لدولة الاحتلال بإبادة شعب بأكمله، فبدلا من إدراجها كدولة مارقة وخارجة على المواثيق والأعراف الأممية ومعاقبتها، تكافئها دول كبرى بالحماية في مجلس الأمن الدولي، وتزودها بأدوات الجريمة لتدمير مجتمع قائم .
خذلان المجتمع الدولي للشعب الفلسطيني والسماح لإسرائيل بتدمير المستشفيات وتفكيك وكالة الأونروا التي تمثل شريان الحياة للفلسطينيين، والسكوت عن حصار شعب منكوب تحولت خيامه المهترئة إلى مقابر لساكنيها، وتركهم يموتون من شدة البرد وألم الجوع وتفشي الأمراض، تعكس الانحياز الكامل لجانب المجرم القاتل الغارق بالدم الفلسطيني، كما تعكس قبولاً وشراكةً لهذا المعتدي في اغتيال الإنسانية ودفنها تحت ركام المنازل المدمرة في قطاع غزة .
حرب الإبادة والتطهير العرقي تمتد أيضا إلى الضفة الغربية المحتلة، فإسرائيل بجيشها ومستعمريها تستبيح الحياة فيها، تسرق الأرض وتهجر أصحابها وتبني المستعمرات، وتجتاح عصاباتها الإرهابية المدن والقرى والمخيمات، فلم تبقِ حكومة المستعمرين جريمة إلا وارتكبتها لتكريس مشروعها الاستعماري الإحلالي، فاستباحت المقدسات الإسلامية والمسيحية، وتعمل جاهدة على تغيير الواقع التاريخي والقانوني والديني للمسجد الأقصى المبارك، وتهويد المدينة الفلسطينية المحتلة بهدم منازلها ومنشآتها وإجبار مواطنيها على تركها والرحيل عنها.
وبعد كل هذه الجرائم المكتملة والثابتة الأركان، لم يعد عذرا لأحد، فالمسؤولية القانونية والسياسية لدول العالم ومؤسساته كافة، والمسؤولية الأخلاقية والإنسانية لكنائس العالم وأصحاب الضمائر الحية شعوبا وأفرادا، تفرض عليهم الانحياز لجانب الحق والعدل، والتحرك دون إبطاء لإنقاذ حاضر الشعب الفلسطيني ومستقبله، من بطش إسرائيل التي تحاول إلغاء وجوده وحرمانه من حقه في دولته المستقلة وعاصمتها القدس المحتلة، والتي دونها لن يتحقق السلام والأمن لأحد .
ومع الإعلان عن التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة نثمن كل الجهود التي بذلتها جمهورية مصر العربية ودولة قطر الشقيقتين والولايات المتحدة الأمريكية للتوصل للاتفاق، ونؤكد على ضرورة الالتزام الكامل به وضرورة إطلاق تحرك دولي فوري لإدخال المساعدات الإنسانية الكافية والمستدامة لمواجهة الكارثة الإنسانية التي سببها العدوان الإسرائيلي على غزة، وعلى ضرورة إطلاق جهد حقيقي لإعادة إعمار غزة وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني .