حمادة فراعنة
أمد/ هل ندرك حجم التحولات التي صنعتها معركة غزة؟؟ وحجم المتغيرات التي فرضتها وستفرضها لاحقاً؟؟.
صحيح أن الثمن باهظ، وباهظ جداً، دفعه أهل غزة، ولا زالوا عبر القصف والقتل والدمار الذي خلفه جيش الاحتلال الفاشي وحكومته العنصرية، وللآن ظهرت النتائج باستشهاد عشرات الآلاف وأضعافهم من الجرحى، ولكن النتائج التي لا تقل سوءاً على الأحياء بفقدان أحبائهم، وتدمير بيوتهم وأثاثهم وملابسهم، وسيتحول مئات الآلاف منهم إلى مواقع العوز والحاجة والفقر، وفقدان العمل و غياب تغطية الاحتياجات والمعيلين.
النتائج مدمرة قاتلة على الأحياء، كما هي على الشهداء وعائلاتهم، وهو لا شك ثمن حريتهم واستقلالهم وكرامتهم، مثلهم مثل كل الشعوب التي تعرضت إلى الاحتلال والاستعمار وواجهت القمع والبطش في فيتنام وشعوب جنوب شرق آسيا، والجزائر والشعوب الإفريقية، وكوبا وشعوب أميركا اللاتينية.
ما يقدمه شعب فلسطين بمكوناتهم الثلاثة: 1- في قطاع غزة، 2- في الضفة الفلسطينية والقدس، 3- في مناطق الاحتلال الأولى عام 1948، بوسائل وأساليب مختلفة، هو ثمن استعادة حقوقهم التي تم سلبها منهم.
حكومة المستعمرة تعمل على برمجة التأثير على العامل الديمغرافي والتخلص منه، ومحاولات تقليص الفلسطينيين وفق «خطة الحسم» التي نشرها سموترتش وخياراتها الثلاثة بإنهاء الوجود الفلسطيني: إما بالرحيل، أو الخضوع، او القتل، وعلناً بلا أي وازع من الإحساس بالمسؤولية.
حكومة المستعمرة المشكلة من ائتلاف الأحزاب الأربعة المتطرفة سياسياً ودينياً، تعتبر أن معركة غزة وخياراتها ونتائجها ذات هدف استراتيجي معبر عنها من خلال المواقف والوثائق والتوجهات الثلاثة:
1 – قانون يهودية الدولة الصادر عن الكنيست يوم 19/7/2018.
2 – مشروع صفقة القرن التي أعلنها الرئيس الأميركي ترامب في واشنطن بحضور نتنياهو يوم 28/1/2020.
3 – خطة الحسم المعلنة على أثر تشكيل حكومة الائتلاف نتائج انتخابات الكنيست يوم 1/11/2022.
سعى الائتلاف لحكومة المستعمرة لتنفيذ توجهاتها للبدء في مناطق 48 بعد تعديل قوانين الجهاز القضائي الهادف للتعامل مع فلسطينيي الداخل من أبناء الكرمل والجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، والعمل على تقليص حقوق المواطنة سياسياً وقانونياً، والانتقال إلى المحطة الثانية في القدس والضفة الفلسطينية، ولكن المفاجأة الصدمة يوم 7 تشرين أول اكتوبر 2023، غيرت الأولويات لدى حكومة المستعمرة، كي يكون أهل غزة هم البداية في برنامج التخلص من العامل الديمغرافي، وتم ذلك عبر خطتهم وقولهم التحول نحو تنفيذ البرنامج الاستراتيجي بواسطة قتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين وتدمير عشرات الآلاف من المنازل والبيوت والعمارات والمنشآت المدنية ولكن هذه الجرائم أدت إلى تحول استراتيجي لدى الشعوب الأوروبية باتجاهين أولهما نحو الانكفاء عن دعم المستعمرة التي انكشفت عوراتها الفاشية العنصرية المتطرفة، وثانيهما نحو دعم وإسناد الشعب الفلسطيني، والتعاطف مع معاناته، والتضامن مع قضيته العادلة ومطالبه المشروعة.
إضافة إلى التحول الحاد الواضح الصلب العميق للشعوب الإفريقية وشعوب أميركا اللاتينية، تحولات بمجملها استراتيجية ستظهر نتائجها مع مرور الوقت لصالح الفلسطينيين ومشروعهم الوطني الديمقراطي، وضد الإسرائيليين ومشروعهم الاستعماري التوسعي.