2023-12-20 11:42:40
أمد/
أفرزت حرب غزة العديد ممن يحاولون ركوب الموجة ليس من أجل التصعيد ضد إسرائيل فقط بل لإشعال المنطقة أكثر، وآخر ما كان هي الهجمات الصاروخية التي شنها الحوثيون على السفن التجارية الأميركية والإسرائيلية في البحر الأحمر.
باستقراء المشهد، يبدو أن هناك أذرع إيرانية تحرك الحوثيين في اليمن من أجل ضرب سفن إسرائيل وأمريكا في البحر كمحاولة ضغط على الدولتين لوقف الحرب في غزة، لكن هذا قد ينذر بإشعال حرب جديدة في اليمن أو استعمار وشيك على أقل تقدير في حالة استمرار عناد الحوثيين مع تزايد حالة الغضب الأميركي منهم.
لذلك، خرج أول تهديد أمريكي للحوثيين في اليمن، فأعلنها وزير الخارجية الأميركي "بيلينكن" صراحة بأنه لا يستبعد اتخاذ إجراءات عسكرية مستقبلا في اليمن، فيبدو أن أميركا كشرت عن أنيابها للحوثيين.. فهل تفكر جديا في تنفيذ عملية عسكرية في اليمن؟
أكثر السيناريوهات احتمالا أن تتذرع أميركا بهجوم الحوثيون على السفن لضرب اليمن أو استعماره، وبالتالي يتكرر سيناريو الصومال والعراق أفغانستان مرة ثانية.. ولكن من يتحمل تكلفة الحرب؟
الأذرع الإيرانية التي تحرك الأحداث في مواقع الحوثيين باليمن، هي أول من يبرؤ نفسه من أي أعمال عدائية ضد إسرائيل وأمريكا، فتحاول طهران إحراق جميع النجوم التي حولها حتى تكون القمر الوحيد في المنطقة.
ربما تكون حوادث الحوثيين السابقة ضد الملاحة الدولية أبرز الدلائل على اضطراب الأوضاع التي قد تدفع أميركا إلى شن عملية عسكرية ضدهم قريبا، فمليشيات الحوثي لها سجلاً حافلاً بالأعمال التي تصفها الحكومة اليمنية والتحالف العربي بقيادة السعودية بالإرهابية في البحر الأحمر، إذ نفذت العشرات من تلك العمليات ضد سفن نفطية وتجارية، ونشرت المئات من الألغام البحرية، كما حاولت مرات عديدة تنفيذ هجمات إرهابية بزوارق مفخخة.
وكان عام 2015 شاهدا على ذلك، عندما شرعت حركة الحوثي في نشر الألغام والقوارب المفخخة بالبحر الأحمر وإطلاق الصواريخ من السواحل، كما استهدفت سفنا أمريكية وناقلات نفط سعودية في 2019، ولم يتوقف الأمر على ذلك فواصلت تلك الاستفزازات حتى يومنا هذا.
في الأيام الأخيرة، حاولت المملكة العربية السعودية تهدئة الأوضاع وحثت أميركا على ضبط النفس وسط هجمات الحوثيين على سفن في البحر الأحمر في الوقت الذي تسعى فيه لاحتواء تداعيات الحرب بين حماس وإسرائيل.
في خضم هذا التوتر يكون مخطط الاتفاق السعودي الإيراني مهدد، فمازالت الرياض وهي أكبر مُصدر للنفط في العالم، تراقب بقلق إطلاق صواريخ الحوثيين فوق أراضيها، لكن يبدو أنها راضية حتى الآن عن الطريقة التي تتعامل بها الولايات المتحدة مع الوضع.
الآن تضغط السعودية من أجل وقف الحرب الوحشية الإسرائيلية في غزة بهدف تعزيز الاستقرار الإقليمي بعد سنوات من المواجهة مع إيران وحلفائها، وما يؤكد ذلك قيامها بتطبيع العلاقات مع طهران مع السعي للخروح من الحرب التي تشنها ضد الحوثيين في اليمن منذ حوالي 9 سنوات، وأيضا تسعى المملكة إلى دفع عملية السلام في اليمن الحبيب وكذلك تهدئة الحرب في غزة خشية امتداد الحرب إلى اليمن.
لكن يبدو أن هجمات الحوثيين الأخيرة على حركة السفن في البحر الأحمر قد يدحض المساعي السعودية لتهدئة الأوضاع في المنطقة، وقد ينذر بضربة أميركية لليمن بأي وقت، في سيناريو متكرر لا يحمل إلا الخراب والدمار وتشتيت الأمة العربية.
كما أن حصيلة شهداء الحرب الإسرائيلية على غزة التي وصلت إلى حوالي 18 ألف شهيد فضلاً عن 49 ألف إصابة منذ السابع من أكتوبر الماضي، هي مؤشر خطير يؤكد على أن منطقة الشرق الأوسط لن تتحمل ويلات حرب جديدة، تفتك بالبشر وتشرد وتدمر كل الذي أمامها وتعمق جراح المنطقة أكثر وأكثر.
وخلال الساعات الأخيرة، ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي 21 مجزرة مروعة وأباد عائلات بكاملها في غزة.. فما بالك لو اتسعت دائرة الحرب إلى اليمن؟!
أخيرا، يراودني سؤال ملح.. وهو هل تنجح السعودية في وقف الاستفزازات الحوثية من خلال إيران لتجنب الدخول في آتون حرب جديدة في اليمن؟