أمد/
أن الحديث عن العقيدة القتالية الاسرئلية يحتاج إلى بحث طويلة وعقد ندوات متخصصة في هذا المجال لكن ومن باب الاختصار ولتوضيح للجمهور والمتابعين والقراء سأقوم بكتبة ثلاث مقالات عن العقيدة القتالية (الأمنية) الإسرائيلية موضحا فيها بعجلة عن مبادئ هذه العقيدة القتالية للقوات الصهيونية التي اعتمدتها في حربها مع القوات العربية في حروبها الرئيسية الثلاثة (حرب ال 1948 وحرب عام 1967 وحرب رمضان 1973) وفي المقال الثالث أتناول فيه لتغير في جزء من العقيدة القتالية (الأمنية) الإسرائيلية.
تعود نشأة هذه العقيدة القتالية (الأمنية) الإسرائيلية إلى أوائل خمسينيات القرن العشرين، وكان أول من وضع أسسها رئيس أول حكومة إسرائيلية ووزير دفاعها أن ذاك دافيد بن- غوريون، وقامت هذه العقيدة القتالية الاسرائلية على سبعة مبادئ أساسية وهي (الهجوم وتحقيق نصر حاسم وتقليص الخسائر البشرية والمبادرة بالضربة الأولى وشن ضربة وقائية مسبقا والحرب الخاطفة ونقل المعركة لأرض العدو) وسأقوم باستعراضها وتحليلها ورؤية مدى تأثيرها على حرب طوفان الأقصى وكيف استطاعت المقاومة الفلسطينية من تحطيمها وعلي النحو التالي:
1. مبدأ الهجوم: اعتمدت القوات الصهيونية هذا المبدأ وهو الهجوم بحجة الدفاع وذلك لأن إسرائيل لا تمتلك عمقا استراتيجيا لذا اعتمدت في عقيدتها القتالية على هذا المبدأ ولتحقيق ذلك يكون بتعزيز قوة الردع، من خلال بناء قدرات عسكرية تردع أعداء إسرائيل عن المبادرة في شن حرب ضدها؛ والهجوم يكون بهدف تحقيق عدة مبادئ استراتيجية منها:
أ. حرمان أي طرف مهاجم من تحقيق إنجاز عسكري أو سياسي خلال الحرب.
ب. الحق خسائر كبيرة في القوات التي يتم مهاجمتها من خلال ضربات جوية قوية وسريعة.
ج. تحقيق أمر واقع باحتلال أهداف استراتيجية والخروج بانتصار عسكري ووضع أفضل مما كان عليه قبل الهجوم.
ولكي تتمكن هذه القوات من تحقيق هذا المبدأ لا بد أن يكون قوة إنذار استراتيجي بحيث تمتلك القوات الإسرائيلية قدرة استخباراتية قادرة على توجيه إنذارا مبكرا عن نية العدوالإقدام على شن حرب.
إثر معركة طوفان الأقصى وقدرتها في تحطيم هذا المبدأ : ولتحقيق ذلك كانت المقاومة الفلسطينية على قدرة عليا من التفوق العسكري والتعبوي وذلك بقدرة المقاومة على فهم عدوها كيف يفك وتمكنت من تحطيم هذه المبادئ
تحطيم مبدأ الهجوم: وذلك من خلال المبادرة بشن الهجوم وتحقيق عدة مبادئ استراتيجية عدة منها:
أ. تحقيق إنجاز عسكري بأن هاجمت عدة مستوطنات في أن واحد والدخول إلى مواقع عسكرية وأسر عدد من الجنود والمدنين الذين يحملون صفات عسكرية وقتالية.
ب. تحقيق ضربة استباقية للعدو عطلته عن التفكير السليم.
ج. حسمت المعركة الهجومية خلال ساعات معدوه وحققت فيها أهداف عسكرية وسياسية.
د. كسرت فكرة الردع الاسرائلية المبنية على كذبة الجيش الذي لا يقهر .
ه. تحقيق نصر استخباري استراتيجي في تحقيق عنصر المفاجأة وكسر منظومة الإنذار المبكر لدى العدو عن الهجوم.
و. تحطيم فكرة دفاع المنطقة والتي تقوم على فكرة المستوطنات المدنية.
2.إحراز نصر حاسم: يعتبر هذا المبدأ أهم مبدأ من مبادئ العقيدةالقتالية (الأمنية ) الإسرائيلية وهو الأكثر ارتباطا بمفهوم الردع ولذلك بنيت استراتجية الصهاينة العسكرية على ضرورة إلحاق الهزيمة الساحقة بعدوهم وعلى أن يكون هذا الحسم بالهجوم داخل أرض العدو وفي مفهوم الصهاينة يكون هو أفضل الطرق في إنهاء المعركة وتسعى إسرائيل لتحقيق هذه المبادئ إلى العمل على بث إلياس في نفو س أعدائهم وتبديد فكرة أن الوقت يعمل لمصلحتهم، ورغم أن هذه المبادئ تم تطبيقه في كل حروب الصهاينة إلا أنه لم يحقق لهم حل مشكلات اسرائيل الامنية.
إثر معركة طوفان الأقصى وقدرتها في تحطيم هذه المبدأ: فعلى الرغم من دخول هذه الحرب في شهرها الثالث تمكنت المقاومة من تحطيم هذا المبدأ وتحقيق عدة أهداف استراتيجية ومنها:
أ. منع العدو من أحرز أي نصر في هذه المعركة يستطيع الصهاينة من خلاله حسم المعركة فقد حدد العدو أهدافه لحسم هذه المعركة بثلاثة أهداف رئيسية وهي "إطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس، والقضاء على الحركة، وضمان عدم تمكن غزة من تهديد شعب إسرائيل مرة أخرى"
ب. إحراز المقاومة للانتصارات الميدانية اليومية على قوات الصهاينة وتأخيرها عن تحقيق أي نصر عسكري واضح.
ت. قلبت المقاومة فكرة تبديد فكرة أن الوقت يعمل لصالح العدو واستطعت أن تستنرف العدو ماديا ومعنويا.
3. تقليص الخسائر البشرية. ولتطبيق هذه المبدأ في العقيدة القتالية الإسرائيلية لا بد من بناء جيش صهيوني متفوق بالإعداد والعدة والتسليح ولا بد من الاعتماد على ما يسمى بقوة النيران الكثيفة من الطيران والمدفاعية وأسلحة الإسناد قبل الزج بالعناصر البشرية للتقليل الخسائر – وهذا ما اعتمدته القوات الأمريكية في حروبها المختلفة – والعدو الصهيوني يعتمد هذه المبادئ في تكثيف النيران على المواقع المستهدفة قبل دخولها. فالعنصر البشري في لدى قوات الصهاينة يعتبر بالنسبة لهم ذا ثمن عال وذلك للأسباب التالية:
أ. للمحافظة على معنويات جنودهم وشعبهم في حالة الحروب.
ب. لقلة العنصرالبشري وعدم قدرة الصهيانة على جذب العنصر البشري المؤهل في صفوف قواتها المسلحة او في صفوف شعبها ،ولعدم امتلاك (الجندي الصهيوني) لعقيدة قتالية تقنعه بضرورة بذل الروح من أجل الوطن فهو في قرارة نفسه يعلم أن فكرة دولته مرتبطة بكذبة وليست بحقيقة راسخة بأحقيته في الأرض،من أجل ذلك كان لا بد للصهاينة من العمل على ترسيخ مبدأ تقليل الخسائر البشرية في صفوفهم سواء مدنيون أو عسكرين.