د. محمد الموسوي
أمد/ في نهاية ثمانينيات القرن الماضي كان قد تبين للغرب أن الحرب الطاحنة التي فُرِضت على العراق لم تقضي عليه ورغم خسائره الكبيرة في الحرب إلا أنه قد خرج منها منتصراً على كافة الأصعدة وخسر خميني الحرب وتجرع كأس السم بوقف إطلاق النار على حد قوله هو.. حيث لم يذعن لطلب وقف إطلاق النار إلا بعد أن أدرك استمراره في الحرب على العراق سنة أخرى يعني الانهيار ونهاية نظامه ومن المتوقع أن يكون هناك من الغرب من أملى عليه وقف إطلاق النار والاستعداد لسيناريوهات مقبلة سيكون أحمد الجلبي رجل الأعمال العراقي المقرب من الغرب ومن ملالي إيران أيضاً محورا لها خاصة بعد قصة هروبه من الأردن محملاً بالأموال إلى سوريا حليفة الملالي ومنها إلى الغرب، وما هي إلا سنوات قليلة حتى دخلت المنطقة في أحداث الكويت احتلالاً وتحريراً، وعلى الرغم من أن العراق لم يكن داخلا ليبقى في الكويت إلا إنه كان سيتعرض لحرب إبادية سواء بقي في الكويت أو انسحب، ولولا خشية الغرب من حالة الفوضى التي ألمت بالعراق أثناء هذه الحرب الواسعة والخوف من المجهول السياسي الذي قد يطرأ على العراق خارج نطاق مخططاتهم لاستمروا في الحرب على العراق رغم تحرير الكويت وانسحاب العراق إلى داخل أراضيه.
كان المطلوب نزع وهدم قدرات العراق المتعاظمة رغم الحرب لذا كانت السيناريوهات اللاحقة لحرب الثماني سنوات أشد وطأة على العراق من الحرب ذاتها، واحتلال الكويت كان فخا للعراق وقع فيه وكانت عملية تحرير الكويت أولى خطوات نزع القدرات وبداية النهاية؛ فقد كانت حرب تحرير الكويت بكل ما سادها من مآسي وجرائم وكوارث بداية احتلال العراق وتلى ذلك الحصار الدولي الذي فُرِض على العراق وإنشاء المنطقة العازلة أو (المنطقة الآمنة في منطقة الخط 36 شمالاً) والتي وفرت لنظام الملالي العديد من الأوكار في شمال العراق وحولت إقليم كردستان إلى منطقة احتراب داخلي مضطربة وغير مستقرة ومنطلقاً لعملياته التخريبية ضد العراق كتزوير وتهريب العملات والتهريب بمختلف أشكاله وبناء خلايا وأوكار مسلحة وأخرى أمنية كان من بينها تنظيم أنصار الإسلام الموالي للقاعدة وقد كان يتخذ من الأراضي الإيرانية خطوطاً خلفية له في حربه ضد حزب الإتحاد الوطني الكردستاني الذي يدعمه الملالي أيضاً.. كذلك كان الملالي يدعمون حزب العمال الكردستاني التركي الذي كان يتخذ من الأراضي الإيرانية خطوطاً خلفية له في حربه ضد حزب الإتحاد الوطني الكردستاني أيضاً.. إذ كانت أفاعي الملالي تعمل على جعل حزب الإتحاد الوطني الكردستاني حزباً أسيراً بين فكيها خاصة بعدما فقد في سنة 1996 مدينة أربيل كمركز للسلطة في الإقليم ومن ثم فقد محافظة السليمانية أيضاً أمام خصمه اللدود حينها الحزب الديمقراطي الكردستاني الموحد، وعاد إليها بعد قتال شرس بدعم من حرس الملالي ولم يتمكن من توسيع رقعة نفوذه أكثر من محافظة السليمانية، وحكم الحزب الديمقراطي الكردستاني الموحد محافظتي أربيل ودهوك بعد أن كان حكمه مقتصراً على محافظة دهوك ومصيف صلاح الدين.. وكان الصراع المحتدم بينها على العائدات الكمركية من منفذ إبراهيم الخليل الحدودي مع تركيا بعد أن همشا جميع الأحزاب الأخرى في الإقليم وتحولا إلى حزبين يحتكران السلطة وامتيازاتها، ولو تأخر احتلال العراق سنتين لتحول إقليم كردستان العراق إلى قطعة من الجحيم الفعلي على الأرض.
الخطوة بعد ذلك كانت إعادة ترويض الأوضاع في محافظة السليمانية ومحيطها وفي صفوف المنظمات الإسلامية الشيعية المهلهلة العاملة لصالح الولي الفقيه وتقريبها بعمق من أحمد الجلبي.. ترويضها والدفع بها نحو واشنطن عام 1998 لتنضج الأمور وتصبح بيضة القبان للملالي داخل المشروع الأمريكي المتعلق بالعراق وقد كانت أغلبية المنظمات والأحزاب الإسلامية وغير الإسلامية بما فيها الحزب الشيوعي العراقي تُراعي الميل إلى حيث يميل الملالي ويبدأ الإعداد لمرحلة الفوضى الخلاقة بالعراق في عام 2003 على أسس موبوءة كان الرابح الأول فيها ملالي إيران ومرتزقتهم بدعم غربي.. وللحديث بقية، ولم تتحقق الدعوة إلى عالم أفضل منذ ذلك لكننا لا زلنا ندعو على أمل.