منجد صالح
أمد/ اسرائيل ومنذ يوم تاريخ السابع من اكتوبر ما زالت تتصرّف وتتحرّك “وتلف وتدور وتدور وتلف” وتُعربد كالثور الجريح، تضرب بقرونها الطويلة في كل الاتجاهات، في غزة وفي الضفة الغربية وفي جنوب لبنان وفي الضاحية الجنوبيّة من بيروت، وحتى في قرية المزار في مدينة الكرك الاردنية الجنوبية، حيث ثارت وزمجرت وازبدت وارعدت وتوعّدت وحذّرت وطالبت وصرخت لتسمية مطعم شاورما باسم “7 اوكتوبر”،
وهذا ضربٌ من ضروب احتكارها للمصطلحات ايضا،
واسرائيل ضليعة في هذا المجال ولها باع طويل،
والآن تلقّت “لكمة” من اقصى جنوب الجنوب، من جنوب افريقيا، في محكمة العدل الدولية في لاهاي،
اللكمة الجنوب افريقية زادت من لفّ ودوران الثور الجريح، وجعلته يقفز قفزا كالكنغر الاسترالي،
يبحث عن دموعه القديمة العتيقة التي حشاها طوال سنوات في مخازن رشاشاته ليقتل بها الشعب الفلسطيني والشعوب العربية،
ويذرف بعضا منها “سيّالة” لا تجف ابدا امام العالم كطبقة من الضباب امام عيونه “ليحتكروا”لانفسهم ولهم فقط دون غيرهم مصطلح “الابادة الجماعيّة” ومصطلح “الضحية الوحيدة الفريدة من نوعها في التاريخ”، حيث من العار، بالنسبة لهم ولمفهومهم، ان “يدّعي احد ما انه ضحيّة، وضحيّتهم بالتحديد!!!،
ومن يجرؤ على ذلك، وحتى لو كانت اعلى واهم محكمة دولية، “بيت العدالة الدولية”، يُشهرون في وجهها “سيف معاداة السامية” المحتكرة ايضا منهم ولهم فقط،
ومع اننا نحن الفلسطينيّون والعرب ساميّون مثلهم، إلا انّه، حسب ادعائهم وممارستهم،، حذار ان نتجرأ ان نقول اننا ساميّون؟؟!! وانه يمكن ان يُمارس ضدنا نحن ايضا فظائع،
غزة نسمة على شاطئ البحر اجتاحها الثور الجريح فاعمل فيها السكين وطائرات اف 16 الامريكية والصواريخ الذكية المدمّرة، وقنابل زنة طن من المتفجّرات، وزاد في اثخانها قتلا وجراحا ببوارجه الحربية من البحر ومدافعه ودباباته من البر،
غزة نسمة محاطة بالحمم والنار من الجو والبحر والبر، فلم يبق فيها مستشفيت تعمل ولا مساجد ترفع الآذان ولا كنائس تقرع اجراسها يوم الاحد، ولا طرقات ولا بنايات ولا منازل سالمة ولا سليمة،
ثورّ هائج يُحيل كل شيء إلى ركام وحطام، يُعكّر المياه ان وجدت ويسدّ هبّات الهواء عن البشر والشجر والحجر،
الثور الجريح يستمر في هيجانه وتدميره والنسمة ما زالت تئنّ من وطأة ما تُكابده وتعانيه من القتل والدمار،
قوافل شُهدائها يتزاحمون على ابواب السماوات بالمئات والآلاف،
قوافل جرحاها يتزاحمون على ابواب المستشفيات الموصدة ابوابها بفوّهات مدافع دبابات الثور الجريح،
قوافل المفقودين تحت الركام تتراكم وتندمج مع الحطام انتظارا لرحمة من الله سبحانه وتعالى،
قوافل المهجّرين قسرا والنازحين تنكمش وتلتصق في بعضها طلبا لبعض الدفء في خيام لا سقف لها ولا جدران، لا تقي من برد ولا مطر في هذا الشتاء الذي يزحف حثيثا عليهم وعلى اطفالهم نصف عراة وجوعى وعطشى،
الثور الجريح الهائج المنفلت من عقال المدنية والانسانية يزداد بطشا وقتلا وتدميرا، وغزّة النسمة المجروحة تصمد وتثبت وتنغرس جذورها عمقا وعميقا في ثرى فلسطين،
فهل ستوقف العدالة الدولية الثور الهائج الجريح عند حدّه،
وهل ستتنشّق النسمة اخيرا نسمات نقيّة خالية من الغبار ورائحة البارود تهبّ من بيارات البرتقال والليمون على سواحل البحر الابيض المتوسط؟؟