مصطفى منيغ
أمد/ بين إسرائيل ومصر ، رَفَح مخنوقة تحتضِر ، كأنَّ مُعظم العالمَ العربي لمسح ما فوقها ينتظِر . بَوَّابَة عاجزة أن تُفتَحَ تَحَسُّباً مِن محتلٍ ماكِر ، فارض بالقوَّة وضعية لم يكن قبلها في عين المكان قادِر ، مُرتعشاً ممَّن أَرَّخُوا لكرامة العرب قبل أن تَخْفِيَ أجسادهم الطاهرة المقابِر ، ولمَّا هب رجال المقاومة يحطمون معادلة الذل والهوان المسيطِر ، توالت الاجتماعات ونشِط كل مُخبِر ، عسى الوضع يطول بما يُعْجِز هؤلاء المقاومين ليُصْبَغَ جهادهم بلون خاسِر ، وحينما علموا بعكس ما تمنوا أنَّ زَحْفَ المقاومين المبارك في تقدمه المُهاب بما ينجزه منتصِر ، سارعوا بتسليط حصار الصَّمت على ما يجري في قطاع غزة برمته ريثما تنتهي إسرائيل من ذبح كل الأبطال المغاوِير ، وتكريسها مقبرة تاريخ أمجاد العرب في كل المحاضِر ، المتنقلة عبر الغرب المؤيد ليفتخِر ، كأنَّ العربَ أصبحوا فاقدين إرادة بها مِن قيودهم تحرروا نِعْمَ التحرير .
بين مصر وإسرائيل حبل هش يحدِّد ما بين سيادة الأولى القانونية الشرعية وبين صَفٍ من آليات عدوان متأهِّبة دون حق لسحق أي متوجه لرفح أكان منها مقيم أو إليها مُسافِر ، والأخيرة بينهما كل يوم تموت ببطء كيتيمة بلا والي يرعاها ولا منقذ يتجرَّأ بتخليصها من عذاب العري والجوع والتشرد والمرض وأي أمل تزاحم به يأسها من العيش حتى الصباح المقبل ولو كان متجهِّم العلياء بغير شمس الفرج تُنِير ، والأمًرّ مِن ذلك استئصالها من أرض فلسطين كأمر أخطر من كل المخاطر ، وما بقي من غير اليمن والعراق وسوريا ولبنان غارقون حتى اللحظة في يَمِّ عدم الاكتراث اللهم من أسف يعلنون عنه ليّناً في بلاغات دبلوماسية تحافظ على أسلوب التخاطب الغير مزعج لأباطرة العدوان على غزة وذاك شيء جد مُحيِّر ، وإن تجلَّى السبب متحدثاً عن ذاته يؤكد أن المقاومة أو على الأصح محورها المُقاوِم سيكون الحلّ لضمان الحرية لكل فاقدي نعمة الشعور بخاصية الند للند ما دام الجميع من آدم والأخير من تراب صانعه الخالق الباري ، وفي ذلك يتساوى الأفراد بالدول يكمِّلان بعضهما البعض لتكوين ما ينمو في سلام ووئام وخير في البدء كالأخير ، المقاومة وقد انتشرت فضائلها تخيف جبابرة ظنوا أن الشهامة والرجولة الحقَّة والدفاع عن النفس بشرعية التصدي لظلم الباطل ومواجهة استفزاز الدخيل الغادر ، ستصبح من شيم المساواة المنظِّمة للحقوق والواجبات بما يرضي الأهداف الجدِّية التي وُجِدت البشرية لانجازها طبيعية فوق الأرض بسلاسة وحكمة تعقل ومعرفة قائمة على إدراك المفيد الصالح والنأي عن الطفيلي الطالح مَن لنواة الاستقامة المرجوَّة يُكَسِّر، ممَّا يخيف هؤلاء الجبابرة فيفضلون عدم الإبقاء على ذاك المحور المقاوم بإفراغ أجنحته من إرادة التدخل المُؤسسة لمحاربة ما تراه ظلما وعدوانا واستعباد بشر لجنسهم من البشر لاستمرار خلل عطل ميزان العدل والإنصاف بين الغني منهم والفقير ، بل يعمل الجبابرة هؤلاء ما استطاعوا لذلك سبيلا حتى يرحل ذاك المحور بما يتضمنه صوب مهد تربيته الأصلية إيران ولا يغادر حدودها الترابية أبدا مباشرة بعد الإنتهاء من غزة دون تأخير.
… أمريكا بما تملك من نفوذ على تعنُّت إسرائيل لن تقدر ، ما دامت لها في كبريات مدن الولايات المتحدة الأمريكية ما يزرع فيها الفتن بحجم كبير ، ليتولى الضغط زمام الأمور السياسية قي مقدّمتها بإفراز رئيس للدولة إسرائيلي السمات صهيوني الطموحات يهودي العقيدة ولو في السر المغلف للحيطة بالمزيد من الأسرار لخاصية ما تحويه من مكنونات فارض أغرب اختيار ، إسرائيل وبعدها لا دخل لأي متدخِّل وإن كانت عِلَّة فلتُعامل عكس المنطق بالتوقير، وبالتالي الشؤون الاقتصادية التي لليهود في جوهر لبِّها خزان رأس مال يمثل طليعة نفوذ التدبير، ومتى أُخْرِجُوا ممَّا أنجزوه على امتداد عقود قد يُسبِّب الفاعل للولايات المتحدة الأمريكية العدَّ العكسي لأضخم انهيار يجعلها عما تتمتَّع به من مقام رفيع تُغادر . لذا لا يُرجَى أي دور ستقوم به أمريكا بنية إيقاف إسرائيل عن ارتكاب المزيد من المجازر ، في غزة وبعدها في لبنان حيث الوضع مرشَّح لأشرس انفجار لن يمرّ إلاَّ بوصول ساعة الحسم لولوج الشرق الأوسط لاجتياز امتحان عسير ، على نتيجته سيولد عالم عربي جديد قدير ، أو تُطمس معالمه على أقل تقدير.