حمادة فراعنة
أمد/ ليست بريئة فكرة الممر المائي بين غزة وقبرص، حتى ولو كانت تستجيب لحاجة الفلسطينيين في توفير احتياجاتهم الضرورية، وفك حصار جزئي عنهم، باتجاه البحر.
يكمن الخبث والمكر والدوافع غير البريئة، من خلال موافقة حكومة المستعمرة، وتحمسها لهذا المشروع، بل هي من سبق وبادرت له ويبدو أنها صاحبة الفكرة والتخطيط، وسوقتها أميركياً وأوروبياً للعمل على تنفيذها، السؤال لماذا؟؟.
واضح من كلام وزير خارجية المستعمرة أنهم يعملون على فك ارتباط قطاع غزة مع باقي أراضي فلسطين، وإنهاء تعامل معابر المستعمرة مع قطاع غزة، ولهذا وجدوا البديل المرحلي، بل والاستراتيجي البعيد عبر تعزيز انفصال قطاع غزة، عن باقي فلسطين، بل لجعل قطاع غزة هي الشق الآخر من حل الدولتين، وهو ما تعمل له مؤسسات المستعمرة.
في 14/6/2009، في خطابه أمام جامعة بار إيلان أعلن نتنياهو حرفياً ما يلي:
«إذا اعترف الفلسطينيون بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي، سنكون مستعدين ضمن تسوية سلمية مستقبلية للتوصل إلى حل يقوم على وجود دولة فلسطينية منزوعة السلاح إلى جانب الدولة اليهودية» .
وقدم رؤيته لذلك من خلال:
1- « اورشليم القدس عاصمة اسرائيل ستبقى موحدة مع استمرار صياغة حرية العبادة لجميع الأديان» .
2- « قضية الأراضي ستكون مدار بحث في اتفاق الوضع النهائي» .
ويلاحظ هنا، سواء لديه أو حتى لدى الأميركيين لا يتحدثون عن ماهية الأراضي أو المناطق، أو أين تقع الدولة، وأين حدودها؟؟ .
في 20/1/2024 ، بعد اتصال بينهما، أعلن الرئيس الأميركي بايدن:
« إن إقامة دولة فلسطينية مستقلة ليست مستحيلة بوجود رئيس الوزراء نتنياهو، وهو في السلطة، « مضيفاً: « إنهما ناقشا الأمر بينهما» .
ورداً على سؤال بشأن ما إذا كان حل الدولتين «مستحيلاً» بوجود نتنياهو في منصبه قال بايدن «لا ليس كذلك» ، وأضاف بايدن : « نتنياهو لا يُعارض جميع حلول الدولتين».
نتنياهو بعد 7 تشرين أول اكتوبر 2023 ، على أثر فشل اكتشاف عملية حماس، والإخفاق في مواجهة نتائجها، وتحت ضغط حاجته للتحالف مع قوى سياسية أكثر تطرفاً، وأكثر تعصباً سياسياً ودينياً، تراجع عن قبوله بحل الدولتين، ولكنه وكل قيادات مشروعه الاستعماري لم يتمكنوا، ولن يتمكنوا من التخلص من العامل الديمغرافي، بوجود أكثر من سبعة ملايين عربي فلسطيني على كامل خارطة فلسطين، ولهذا يسعى تدريجياً لتقليص الوجود الفلسطيني على أرض فلسطين.
واضح أن الأولوية الآن، والتحدي نحو العمل على شعب فلسطين في قطاع غزة، ولهذا لا يمكن النظر لمشروع الممر المائي بين غزة وقبرص، سوى عنوان للبرنامج، وعنوان لجعل غزة مستقلة، منفصلة، معزولة ما أمكن ذلك، والعمل على فك ارتباطها مع باقي أرض فلسطين، کما قال وزير خارجيتهم إيلي كوهين.