د.محمد الموسوي
أمد/ هل يؤمن كهنة طهران بفلسطين كدولة لها قدسيتها ويسعون إلى تحريرها حقا، وهل سيبقون على نهجهم مع حماس وأخواتها أم سينقلبون عليهم كما انقلبوا على الجهاد في بدايات سلطة الملالي وشقوها لقرب الجهاد من الزعيم العربي الراحل ياسر عرفات؟
عهدنا بكهنة طهران أنهم خبراء مختصون في شق الصفوف فعلوها مع الفلسطينيين عندما شقوا الجهاد نكاية بمنظمة التحرير، ومع اللبنانيين عندما شقوا صفوف حركة أمل وأنشأوا حزب الله، وفعلوها مع العراقيين على الأراضي الإيرانية عندما شقوا حزب الدعوة وجعلوا منه أحزاب، وشقوا منظمة العمل الإسلامي وجعلوها أحزاباً أيضاً، وفعلوها مع العراقيين الشيعة على الأراضي العراقية عندما شقوا الصدريين وجعلوا منهم جماعات وفرق، وفعلوها مع العراقيين السُنة عندما شقوا صفوفهم وفرقوهم فمن اتبع كهنة طهران منهم فاز وحاز على مناصب وعقود ومن لم يتبع بقي ضعيفاً هزيلا مهدداً حتى ولو حاز على مقاعد نيابية.. وشقوا صفوف الشيعة في الدول العربية فمن تبعهم وسار في مسار الجهل والبدع والخرافات والإسفاف والتفاهات رضوا عنه وسَهُل عليه وجوده في الحياة، ومن استقام في عقيدته مخلصاً لله ولرسوله وآل بيته (ص) ونأى بنفسه عنهم وعن بدعهم وشرهم وشر أتباعهم صَعُبت عليه الحياة ولم يجد هواءً ليتنفسه بحرية وأمان، والأمثلة كثيرة والحديث يطول.
بدأت منظمة التحرير الفلسطينية قبل عقود بدفع ثمن إبائها وثباتها على مواقفها التقدمية ولم تبالي، وكان لأبوعمار رحمة الله عليه مقولته الشهيرة (يا جبل ميهزك ريح) وانتهى ذلك بشق الصفوف ونهب حركة الجهاد وتسليمها لمالكيها الجدد، وإنبات حركة حماس لجعلها نداً لمنظمة التحرير وحركة فتح، وتمكنوا من تسويق حماس من خلال التمسح بالشيخ الجليل أحمد ياسين رحمة الله عليه، وتختلف الأجواء في غزة فهي تعبوية دينية عما في الضفة التي كلها أماكن دينية مقدسة لكن الأجواء فيها وطنية ثورية نضالية وليست دينية تعبوية كما الحال في غزة، والناس على فطرتهم يميلون للجانب الديني، ولعِب من يرفع شعار القدس بمشاعر البسطاء، وبالتالي أصبح الحصاد يصب في مصلحة المحتل الصهيوني ومصلحة كهنة طهران.
الملالي لا يعترفون بفلسطين
الملالي لا يعترفون بفلسطين عموم الفلسطينيين ولا فلسطين منظمة التحرير ولا حتى فلسطين الجهاد بل بفلسطين حماس أو من يكون أكثر خضوعا واستجابة، ولا قدسية لفلسطين لدى الملالي على الإطلاق، ولا أهمية لفلسطين شأنها شأن الدول الأخرى ما لم تخدم مصالح كهنة ولاية الفقيه، وقد أوردتُ في مقالات سابقة موقف بيت الكهنة في إيران من فلسطين بقصد التنوير وكشف الحقائق بحياد، وكم أكد الكثيرين على عبث الملالي بالقضية الفلسطينية من أجل بقاء نظامهم تماشياً مع المشروع الصهيوني وتقاسماً للهيمنة والنفوذ بالمنطقة.
الفضيحة الكبرى كانت في زيارة زياد النخالة الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي شريكة حماس بفلسطين إلى إيران ولقائه والوفد المرافق في مقر وزارة خارجية الملالي ولقاء زياد النخالة مع وزير خارجية الملالي؛ لقد كان الحديث الرسمي الذي أدلى به زياد النخالة من طرف واحد بحضور وزير خارجية الملالي بالإضافة إلى الصورتين لعلم دولة السودان بدلا من علم دولة فلسطين وكأن رؤوس جمهورية الكهنة لا تفرق بين علم دولة السودان ودولة فلسطين بعد معاقرة النصب والاحتيال على الفلسطينيين منذ أربعة عقود ونيف في حين أن الوفد الفلسطيني وفد صديق وضيف على وزارة الخارجية التي هي أعلم الناس بشؤون وقيم المراسيم، وهي نفسها التي بدلت علم دولة السودان الحاضر على طاولة المفاوضات إلى علم دولة فلسطين الحقيقي في قاعة المتحدث الرسمي خلف زياد النخالة وفي هذا التصرف اللئيم من نظام الملالي رسالة مباشرة مفادها أنهم لا يعترف بالوفد وبما يمثل وأن الجلسة جلسة لا قيمة لها لكن الحديث الذي أدلى زياد النخالة حديث رسمي ومسئول عنه شخص يعود لدولة فلسطين ويظهر بمظهر التابع الذي يرجو مكانة لدى من يتبعه عله يبلغها.
لقد كانت مناورة قبيحة من كهنة السوء بعد زيارة إسماعيل هنية لطهران ومثوله بين يدي علي خامنئي وجنوده وتقديم تقريره وما يلزم.. وهذه هي فلسطين عند الكهنة.. وللحديث بقية.. وإلى عالم أفضل.