حميد قرمان
أمد/
جاءت نتائج انتخابات مجلس الأمة الكويتي نوعا ما مفاجئة لجماعة الإخوان المسلمين التي سقط مرشحوها في دوائر انتخابية كان للحركة الدستورية الإسلامية “حدس” سطوة انتخابية فيها، وعلى عكس المتوقع فإن المشاركة الشعبية فاقت التقديرات، مما يضع الإخوان في الكويت أمام حقيقة تضاؤل شعبيتهم، بعيدا عن مبررات الانتكاسة الانتخابية التي روجت لها قيادات الحركة.
خسارة مجمل مرشحي الإخوان “حدس” والموالين لهم لم تأت من فراغ، فالخط السياسي الذي اتبعه الإخوان في البرلمان السابق من انحياز للحكومة والتماهي مع سياساتها لتحصيل امتيازات، رأى فيه الكويتيون انتهازية سياسية لا تليق بلغة الخطاب المرفوع من قبل مرشحي الإخوان. فضلا عن أن الأسماء المطروحة للترشح اتسمت بالضعف السياسي، فلم تحظ بدعم الشارع الكويتي الذي ساهم بكسر احتكار مسارات برلمانية كانت ثابتة في الانتخابات السابقة، فالخارطة الجديدة للبرلمان الكويتي تعكس مدى رغبة الكويتيين في إيجاد توازن بين أقطاب الدولة ومؤسساتها.
بالعودة إلى خسارة الإخوان في الكويت وارتباطها بمدى أزمة الجماعة الأم وخطابها السياسي، خاصة أن تباين ضغوط تجارب الإخوان في مصر وتونس وليبيا والمغرب والسودان والأردن وأخيرا في فلسطين، يضع الشعوب العربية أمام حقيقة واحدة فقط؛ أن الإخوان وأيدولوجيتهم ليسا الحل الأمثل لمعضلات المنطقة عموما.
وهو ما يذكرنا بمقولة لرئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم في إحدى البرامج التلفزيونية بأن “الإخوان لا يستطيعون حكم بقالة، فكيف بدولة”.
القراءة التحليلية لعمق الأزمة الإخوانية في المنطقة لا تقف فقط أمام نتائج الانتخابات في دولة من دول المنطقة، فالجماعة التي تلقّت الضربات الواحدة تلو الأخرى، منذ فشل ما يسمّى ثورات الربيع العربي وسقوط حكم محمد مرسي في مصر، عاجزة عن إيجاد مقاربة تنظيمية وسياسية جديدة لخطابها الأيديولوجي يعيد طرح أفكارها ومكانتها لدى شعوب المنطقة التي فقدت الإيمان بالجماعة المعتمدة اليوم في هويتها على الالتصاق أكثر بأجندات إقليمية ذات بُعد ديني مخالف لمذاهبها العقائدية والفقهية، في تحول ساهم في حدوث انشقاقات بين عناصر وقيادات الجماعة الأم التي انشطرت إلى أفرع وحركات تتبع سياق مصالحها في دولها في غياب لمركزية التنظيم الدولي الذي انفرط عقده ضمن مشهد ينبئ بتحول عكسي للتنظيم من العالمية إلى المحلية.
ما تبقى من الجماعة الأم بأفرعها المبعثرة في الدول العربية لن يصل إلى الحكم، بل سيتم استهلاكه من قبل عدة قوى إقليمية ودولية للمناكفة السياسية للأنظمة العربية وإثارة القلائل، واستخدام العنف والفوضى بين الحين والآخر في الشارع العربي حسب اصطفافات الجماعة ومصالحها، مع استمرار محاولات إعادة خارطة التطرف في الشرق الأوسط من خلال استقطاب فئات وعناصر متطرفة ما زالت تتستر داخل شرائح المجتمع العربي تبحث عن ملاذ أيديولوجي، خاصة بعد انحسار تنظيمي القاعدة وداعش.