معتصم حمادة
أمد/ في زمن عربي مضى، كان العداء لإسرائيل في ذروته، لم تكن هناك فصائل فلسطينية، ولم تكن م. ت. ف قد ظهرت إلى الوجود، وكنا نسمي الفلسطينيين «لاجئين»، وكان سقف الأماني والتطلعات هو عودة اللاجئين إلى ديارهم، وكانت هذه التطلعات هي الشرط الوحيد للدول العربية لمصالحة إسرائيل والاعتراف بها، كانت المشاعر القومية جياشة، والحديث يدور على الدوام عن إسرائيل ومن هم وراء إسرائيل، أي الولايات المتحدة بشكل خاص، إلى جانبها فرنسا، التي كانت تستعمر الجزائر، وبريطانيا، التي كانت هي الأخرى، تحتل عدن وتستعمرها.
في زمن عربي مضى، كان العرب عربين، دول تقدمية، ودول رجعية، كنا نسميها عميلة للاستعمار، كان بعضها يمد يده من تحت الطاولة، ويصافح إسرائيل سراً، ويرى في الولايات المتحدة حاضنة له، وحامية لأمواله وثرواته، في وقت كانت تنهب ثروات بلاده، خاصة النفط الذي قال كيسنجر في شرح واقعه فيقول: «إن الزعماء العرب يجلسون على النفط ولا يملكونه»، كان النفط ملكاً للشركات الأميركية وحدها.
في زمن عربي مضى، كانت السفارة الأميركية مرمى حجارتنا، تنتهي عندها التظاهرات الغاضبة، باعتبارها أصل البلاء، ولا زلت أذكر يوماً، قرر فيه وزير خارجية البيت الأبيض، العبور بطائراته فوق سماء لبنان، على الارتفاع الشاهق لحركة الطائرات.
لم نشهد الطائرة الأميركية، فكانت خارج مرمى النظر، لكنها لم تكن خارج مرمى الغضب، أعلنت المدن اللبنانية والمخيمات الفلسطينية فيه الإضراب العام، إحتجاجاً على هذا «الخرق» السياسي، وعلى تدنيس أميركي سماء لبنان.
في هذا الزمن العربي، صار الأمن العربي يحرس سفارة الولايات المتحدة، كما يحرس سفارة إسرائيل.
يا له من زمن …