ألاء ماجد
أمد/ أحد أسباب استمرار نكبة الشعب الفلسطيني المستمرة منذ السابع من أكتوبر 2023، هو استمرار معاندة ومكابرة قادة حماس غير المسؤولة وغير الإنسانية تجاه شعبها الذي يعاني الويلات تلو الويلات جراء سياساتها التي من الممكن وصفها بـ”الصبيانية” والساذجة، والتي أوصلتهم الى العزلة حتى من أقرب الدول والوسطاء لهم، والتي كان آخرها قطر، التي أعلنت مؤخرا أنها ستعيد تقييم وضع وساطتها بين حماس وإسرائيل لعقد صفقة تبادل وانهاء حرب الإبادة التي يعاني منها أهالي قطاع غزة دون رحمة لا من إسرائيل أو المجتمع الدولي أو حتى حماس نفسها، التي مازالت تصر على أن الشعب الفلسطيني صامد وصابر بملء ارادته، متناسين أن أغلب أهالينا هناك لا يوجد لديهم رفاهية الاختيار بين الصمود أو الخروج من تحت لهيب الموت، ولا ينتظرون هناك سوى الموت.
وبعد سبعة أشهر من المفاوضات، يبدو أن قطر قد سئمت من عدم اكتراث قادة حماس الذين تستضيف أغلب أعضاء مكتبها السياسي برئاسة إسماعيل هنية، لمعاناة الناس في غزة، أو حتى التفكير بشيء من الرحمة بالأطفال والنساء والشيوخ الكهل، كما أنها سئمت من الضغوطات الأمريكية والدولية عليها للضغط على قادة حماس لإبداء مرونة في موقفها من المفاوضات، وعدم تكبير رأسها، والنظر بعين الرحمة لأكوام اللحوم البشرية لاثنين مليون انسان يواجهون أقوى ترسانة عسكرية في الشرق الأوسط، دون توقف حتى اللحظة.
تزداد قناعتي يوميا، بأن دور الدوحة قد انتهى للأبد، وذلك بعد فشلها في المهمة الموكلة لها من الولايات المتحدة لتدجين حماس، والضغط عليها لقبول أي صفقة، بأي شكل من الأشكال.
حركة حماس التي يبحث قادتها مؤخرا عن حضن جديد، رغم نفي الدوحة واستبعاد الرئيس التركي اردوغان مغادرتهم قطر، في ظل الخيارات المحدودة جدا أمام الحركة، وخاصة في ظل العبء الكبير المتوقع عليها خلال الفترة المقبلة، خصوصا في حال أصدرت محكمة الجنايات الدولية مذكرات اعتقال بحق قادتها، فإن الضغط عليها سيكون مضاعفا.
ومع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ودخوله الشهر السابع على التوالي، وهو ما لم يحدث في تاريخ القضية الفلسطينية، ودخوله المرحلة الثالثة والأخيرة، والتي من المتوقع أن يصاحبها ضغط سياسي كبير على قادة الحركة في الخارج، بالإضافة الى الضغط الميداني في القطاع، فإن حياتها ستكون مستحيلة بالخارج دون انجاز صفقة تبادل اسرى مع اسرائيل.
وعلى الرغم من المقترح المصري الجديد، فإن التوقعات تشير الى استمرار العدوان الإسرائيلي حتى نهاية العام الجاري على أقل تقدير، فيما سيستمر احتلال اجزاء من القطاع، وخصوصا ممر نتساريم الذي يفصل القطاع الى جزئين “جنوب وشمال” لسنوات طويلة.
لازلت أعتقد أن الامل الوحيد أمام أهالي قطاع غزة الذين يعانون الويلات خصوصا مع اقتراب فصل الصيف، في ظل وجود 1.5 نازح في الخيام برفح التي تهدد إسرائيل باجتياحها في أي وقت، هو أن يستيقظ قادة حماس من غفلتهم وأن يسلموا زمام الأمور الى السلطة الفلسطينية، بينما يمكن لقادتها الخروج من غزة ضمن صفقة، وحل مشكلة موظفي غزة الذين عينتهم حماس بشكل عادل، حتى يتم الانتهاء من هذه الأزمة بشكل منطقي.
على حماس الاقتناع أنه لا يمكن لأي مبررات مهما كانت التغطية على فداحة الثمن الذي دفعه الشعب من دمائه ودمار بيوتهم، ولا يمكن لعملية مهما بلغ حجمها أن تنتهي بتدمير منطقة كبيرة بهذا الشكل، وإلا فإنهم سيكونون ساذجون لا يمكنهم ممارسة السياسة، لأن نظرتهم تكون قاصرة لا تصلح للحكم، نظرا لحساباتهم المتفردة، وإلا فإنهم سيكونون هواة سياسة ومبتدئين.
وبعد سبعة أشهر من الدمار والقتل الوحشي غير المسبوق، فإن الواقع يثبت أن ثمن عملية السابع من أكتوبر كانت أكبر من قيمتها، مما ينبغي على قادة الحركة إعادة الحسابات، لأن الواقع والتاريخ يثبت أن الشعوب قد تحررت بعد مقاومة طويلة وعمل سياسي وعسكري متراكم، وليس بالضربة القاضية، مثلما كانوا يعتقدون بفكرهم الساذج.
لازلت أتذكر خطاب الأمين العام الأسبق للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين جورج حبش، الذي أكد فيه بأن المعركة مع إسرائيل طويلة، وأن الناس المستعجلة لتحرير فلسطين هم “قصيرو نفس”، ودعاهم يومها بالتنحي جانبا حتى لا يستدعوا هزائم هي أخطر ما يمكن أن تحدث للشعوب المحتلة في مشوارها الكفاحي.. ياليت حماس وقادتها قرأوا التاريخ جيدا وسمعوا خطابات قادة منظمة التحرير القدامى وقادة الفصائل الأخرى، لكان شعبنا بغزة في حال غير الحال المأساوي الذي هو فيه الآن..ياليت قومي يعلمون..