ألاء ماجد
أمد/ كلما ظن الفلسطيني في غزة، أنه اقترب من النجاة والاقتراب من نهاية حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة منذ أكثر من 207 يوما، يجد العكس تماما، وأن الدمار والقتل وخيبة الأمل هما سيدا المشهد، ولا عزاء له في كل هذا الفقد المادي والمعنوي، سوى التعلق بالأمل بالله، خصوصا في ظل عدم احراز أي تقدم في المفاوضات المستمرة بين حماس وإسرائيل لوقف اطلاق النار واجراء صفقة تبادل للأسرى.
وفي ظل متابعة انباء التهدئة عبر وسائل الاعلام الفلسطينية والإسرائيلية على حد سواء، فإن النتيجة واحدة وهي: عدم المبالغة في التفاؤل، حتى هذه المرة التي قال المسؤولون بأنها مختلفة، لأنه لا يمكن الوثوق بنتنياهو وحكومته المتطرفة، فهو سيوافق على إتمام صفقة تبادل لإعادة اسراه وتخفيف الضغط الداخلي والدولي عليه، والسماح بإدخال الكثير من المساعدات الى غزة، وعودة النازحين الى بيوتهم في الشمال وغزة، ولكنه في المقابل لن يوقف الحرب، وسيعمل على إعادة انتشار الجيش، ثم اقتحام رفح وفرض التهجير الى سيناء أو عبر البحر وفرض دولة غزة الممتدة تجاه سيناء تحت سيطرة حماس ربما، وفق ما يرى المتابعون للواقع الفلسطيني.
وما يزيد ادراكي بهذا التشاؤم، هو تصريحات نتنياهو وبن غفير وسموتشريتش مساء اليوم، بأنه لن يتم إيقاف الحرب وسيتم اجتياح رفح والقضاء على كتائب حماس، بينما يتم تسريب الكثير من التصريحات من قادة حماس، بأنه طالما لن يتم الحصول على ضمانات بوقف الحرب بعد انتهاء التهدئة، فإنه لن يتم التوصل الى اتفاق، اذن لا اتفاق يلوح في الأفق للأسف..
ولعل المريب والمضحك أن قيادة حماس في الخارج، ممن ينعمون بالأمان والراحة وبعض الترف، لازالوا يتشاورون ويتفاوضون ويصدرون تصريحات وبيانات تقسم ظهرنا بادعاءات صبر أهل غزة وصمودهم، رغم أن الشعب مرغم على تحمل هذا الواقع دون وجود أي خيارات بأيديهم لتغييره حاليا، لعل بعد أن تضع الحرب أوزارها يكون الواقع الحالي قد تغير.
والمقلق لأهالي غزة الذين يشعرون بخيبة أمل رهيبة بسبب مماطلة حماس وعدم اهتمامها بمعاناتهم ودمار بيوتهم ووقف حدا لهذه الحرب الضروس، أن قيادة الحركة يتشاورون حتى الآن ويصرحون دون إقامة أي تقدير لكل آلامنا ومعاناتنا ومطالبنا بوضع نهاية لهذا الجنون المستمر، نحن نعيش كل تفاصيل الحرب ولا كلمة لنا ولا شراكة في اتخاذ القرار، تبا لهذا الواقع الأليم.
ومن أشكال خيبات الأمل التي يشعر بها سكان القطاع المدمر، هو ارتفاع مستوى الادراك بأن نهاية القتال والحرب ليست قريبة، وأنهم قد يقضون سنوات في حياة النزوح والخيام والقتل المستمر والدمار، دون وجود أي أفق لديهم بعودتهم أولا الى بيوتهم المدمرة، أو وقف الحرب غير المسبوقة وحياة التهجير التي لم تمر على القضية الفلسطينية منذ النكبة.
لقد تركت حركة حماس، الشعب الفلسطيني لوحده في هذه الحرب، فيما تواصل الولايات المتحدة ببناء الميناء العائم مقابل شواطئ قطاع غزة، دون أي تعليق من حماس، أو حتى ادانة واضحة لهذا الأمر المريب التي سيكلف أمريكا ملايين الدولارات، تحت ذريعة المساعدات الإنسانية.
ولعل من يأخذ مشوارا بين خيام النازحين ومراكز الايواء في رفح، يتعرف على قدرا كبيرا من السخط بين المواطنين من حماس وقيادتها في الخارج والداخل، وأكثر كلامهم هو أن حماس تطالب في المفاوضات الأخيرة، بما كان موجودا أصلا قبل السابع من أكتوبر، وأنها قامت بالحرب دون أي دراسة للعواقب المحتملة، أو أي ادراك بحاجيات الناس والقاعدة الشعبية التي كانت تتغنى بها دائما.
تتواصل المعاناة الإنسانية في غزة بالتفاقم يوما بعد يوم، ولازال حر الصيف يضرب المواطنين والنازحين في الخيام التي أصبحت أفرانا بسبب حرارة رفح الرهيبة، في ظل حالة لا مبالاة من قيادة حماس لوضع حد لهذا الواقع السيء والذي لن تنساه الذاكرة الفلسطينية أبدا طوال حياتها، وسيبقى ذكره يتناقل من جيل الى آخر، مثل النكبة تماما، لكن بزيادة عدم اهتمام القريب قبل البعيد..بئسا لهذا الواقع وبئسا لقيادات خذلت شعبها في لحظة الامتحان.