د . أيمن الرقب
أمد/ لقد شغل منصات العالم تصريح الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن قبل عدة أيام بنيته منع ارسال صفقة ذخيرة وقذائف ذكية إلى الاحتلال الإسرائيلي إذا أصر الاحتلال الإسرائيلي على دخول المناطق السكانية في رفح ، ومن خلال تتبع الذاكرة نجد أن هذا التصريح يعد الخامس على أقل تقدير منذ بدء حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة ، وجميعها لا تنفذ والاكثر من ذلك نجد تقديم المساعدات والدعم للاحتلال الاسرائيلي بشكل اكبر .
وفي سياق سيروره الخداع والكذب الامريكي نجد تصريح غريب يصدر عن جهاد امنيه واستخباراتية أمريكية تشير الى ان الامريكان قايضوا الاحتلال الاسرائيلي بمنحه معلومات دقيقه عن تواجد قيادات حركه حماس والمقاومة في قطاع غزة اذا اوقف الاحتلال عمليه رفح ، و سيتم حينها نقل هذه المعلومات اليه، وتصريح آخر على لسان الرئيس الامريكي بايدن يعتبر ان وقف اطلاق النار بيد حركه حماس، فإذا قامت حركه حماس بإطلاق سراح الاسرى الاسرائيليين فان هذا سيفضي الى وقف الحرب، وهذه خدعه جديده يحاول بايدن وادارته ان يبعد التهم عن نتنياهو ، مدعيا أن ايقاف الحرب بيد حركه حماس ، في حين ان كل الوسطاء يتحدثون بشكل واضح ان من افشل هذه الجهود هو الاحتلال الاسرائيلي ونتنياهو شخصيا، ولكن من باب الدفاع عن حلفاؤه يبدا بايدن من جديد بإكمال سيرورة الكذب والخداع.
من كان يعتقد ان اجتياح رفح المستمر حتى الان تم دون تنسيق مسبق مع الولايات المتحدة الأمريكية فهو واهم ، فخطة اجتياح رفح الحالية تحاكي الخطة الأمريكية التي تعتمد على نظرية بقعة الزيت، فتتسع العملية بشكل متدرج دون ضجيج .
طريقة اجتياح رفح من قبل الاحتلال الإسرائيلي يؤكد ان هذه الخطة التي تم دراستها مع الولايات المتحدة الأمريكية مسبقا من قبل الاحتلال الاسرائيلي فوافقت عليها الولايات المتحدة الأمريكية في حين انها رفضت الخطة الإسرائيلية التي كانت تشير الى اجتياح شامل الى رفح واخلاء الكتلة السكانية بشكل كبير جدا، ما يحدث الان في رفح واخلاء دون ضجيج ودون تكلفه، حيث يطلب الاحتلال من الناس مغادره مربعات محدده فيحمل الناس خيامهم وما تبقى من حاجاتهم ويفرون من الموت الى ماكن يقال انها اكثر امانا مثل مواصي خان يونس او دير البلح او كل ما هو جنوب وادي غزه.
خلال تنفيذ الاحتلال لهذه العملية في رفح فسنسمع من البيت الأبيض تصريحات تتحدث على ضرورة عدم ارتكاب الاحتلال جرائم ضد المدنيين في مدينه رفح في حين ان الاحتلال سينفذ عمليات إبادة مختلفة في مناطق متفرقة من قطاع غزة وهذا ما شهدناه خلال الأيام الماضية ، فحينما ينفذ الاحتلال المرحلة الرابعة من الحرب على غزة فهو يتجهز للمرحلة الخامسة للحرب والتي ستشمل الضرب والاحتياج لكل قطاع غزة بإستثناء جزء من الشريط البحري لقطاع غزة .
جميعنا يدرك أن البيت الأبيض لا يستطيع ايقاف أي دعم للاحتلال الإسرائيلي ليس بسبب قوة ونفوذ اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية ، بل برغبة مطلقة من الدولة العميقة في الولايات المتحدة الأمريكية للحفاظ على دولة الاحتلال وضمان تفوقها على جيرانها ، لان هذا الكيان اهم مشروع المستعمرين في المنطقة .
لقد نشرت وول ستريت جورنال الأمريكية على موقعها الإلكتروني في مطلع شهر نيسان الماضي أن صفقات السلاح السرية التي حولها البنتاغون لتل آبيب فاقت الصفقات العلنية .
كما ان تصريح من مستشار الأمن القومي الأمريكي جاك سوليفان الذي يطالب المملكة العربية السعودية التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي كشرط لتوقيع اتفاقية الدفاع المشترك والذي لن يكون بلا قيمة عمليا ، هو استخفاف بالطالب العربية بوقف الحرب على غزة وفتح مسارات واضحة تفضي لقيام الدولة الفلسطينية كشرط لعملية التطبيع مع بعض الدول العربية ، إن هذا الموقف الامريكي هو دافع واضح لدراسة العرب التفكك التدريجي من العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية والتوجه لتوقيع اتفاقيات دفاع مشترك أو تعاون مشترك مع الصين وروسيا وهذا افضل رد على الموقف الأمريكي .
على العالم العربي أن يدرك وزنه الفاعل في العالم ، وان العالم العربي ليس هو العالم الذي خرج مكسورا بعد الحرب العالمية الثانية ، والتي بناء على نتائجها تم تشكيل المؤسسات الدولية والتي لم يوضع لنا بها موقع مؤثر ، لان هذه المؤسسات صنعت لخدمة المنتصرين والاقوياء ، وقد آن الأوان للخروج من عباءة الولايات المتحدة الأمريكية وللأبد ولتغليب المصالح العربية المشتركة ،ووضع استراتيجية عربية واحدة تؤسس لتكون القوة العربية ضمن قوى التأثير الدولية ، فما نمتلكه من قوة اقتصادية وسياسية تؤهل العالم العربي لمواقع مؤثرة في مجريات الأحداث الدولية .